تصادف أنني قبل سنوات، حين بدأت في متابعة ظاهرة المدونات، لاحظت ظاهرة شيوع حالة «أفاتار» Avatar، وهي الشخصية الافتراضية غير الواقعية التي يختارها شخص لنفسه كهوية افتراضية بديلة لشخصيته الواقعية، وفي أغلب حالات تلك الهويات الافتراضية كنت ألاحظ أنها تحمل نوازع ثورية ما، سواء بالنقد العنيف للمجتمع والتقاليد الشائعة المتناقضة، أو بالنبرة الساخرة اللاذعة والقاسية أحيانًا، والمتخلصة من أخلاقيات البورجوازية والطبقات الوسطى المتعارف عليها. أو بالتعبير المستمر عن الصادم وغير المألوف من الأفكار لكل ما هو مستقر وسائد في مجتمعاتنا العربية. واليوم بعد اندلاع الانتفاضات والثورات العربية يبدو لي أن هذه الظاهرة تحتاج إلى المزيد من التأمل في الكيفية التي انطلقت بها الروح الثورية في الفضاء الافتراضي قبل انتقالها إلى أرض الواقع.
كنت تناولت في هذه الزاوية في أوائل صدورها قبل نحو أربع سنوات موضوعًا عن المدونات غير الاعتيادية في العالم العربي التي اتسمت بكونها تناقش قضايا جريئة وغير مطروقة كثيرًا في الإعلام العربي، أو تتسم بالاختلاف عن السائد على نحو أو آخر، وقد زادت هذه المدونات تباعًا مع انتشار التدوين في العالم العربي خصوصًا في الفترة التي سبقت ظهور شبكات التواصل الاجتماعي.
مساحة للتعبير عن المسكوت عنه
أتاحت الإنترنت إذن، مساحة واسعة جدًا للتعبير عن الذات، بكل ما يقتضيه ذلك من تناول لكل الأفكار المسكوت عنها التي غالبًا لا يمكن للفرد أن يعبر عنها في المجتمع عبر القنوات الرسمية المتاحة، خصوصًا في حالة امتلاك الشخص لهوية افتراضية لا يعرفه بها أحد وتشجعه على أن يعبر عن كل ما يحب أن يقول بلا كوابح أو قيود.
وبالتالي شاعت في مواقع المنتديات والمجموعات المغلقة على أعضاء محددين مناقشات صاخبة في السياسة وفي نقد السلطات القائمة، وانتقلت المناقشات إلى تابوهات عدة من مثل الجنس والدين أيضًا، واتخذ الموضوع بعدًا أكثر حرية، في المدونات حيث يصبح لكل من يمتلك مدونة خاصة أن يعبر عما يتراءى له بموضوعية أو بتطرف، بنبرة خافتة أو بصوت عالٍ أو حتى بالصراخ. ليس هذا فحسب بل أصبحت هذه الأفكار موثقة ومنشورة وقابلة للقراءة لجمهور واسع من مستخدمي فضاء الإنترنت وقابلة للجدل والنقاش أو حتى النقد والسب أحيانًا.
وهكذا أصبح من الممكن أن نجد على الشبكة مساحة كبيرة من الآراء التي تعبر عن وتناقش موضوعات مثل المثلية الجنسية، والكتابات الإيروتيكة، أو الأفكار الفلسفية، أو الكتابات النسوية التي تقدم نقدًا عنيفًا وقاسيًا للظواهر الاجتماعية الراسخة في المجتمعات الذكورية من مثل اضطهاد المرأة أو الافتئات على حقوقها، أو إثارة النقاش حول نصوص ممنوعة في التراث العربي أو الغربي وسوى ذلك من قضايا.
وصحيح أن الإنترنت مثل أي مساحة أخرى للتعبير قد أظهرت على الفور جانبًا من سلبيات الثقافة السائدة في مجتمعات تربت على تراث من الواحدية وعدم قبول الاختلاف، حيث ظهرت، ولاتزال، تعليقات من المترددين وقرّاء مثل هذه الموضوعات الإشكالية والجدلية، التي تشجب ما تختلف معه وتنتقده مرة بموضوعية ومرات بالصراخ والسباب والتشكيك في كاتب الموضوع ووصفه بأحط الأوصاف الأخلاقية.
مجتمع يجد نفسه
لكن من جهة أخرى ساهمت الإنترنت في تأكيد فكرة الاختلاف، من حيث اجتذاب أصحاب الأفكار المختلفة نظراءهم، حيث تبين لهم أنهم مجتمع كبير، لم يكن متاحًا له أن يتعرف على مدى اتساع نطاقه، لولا هذه المساحة الافتراضية، وهكذا فإن الكثير من المختلفين فكرا عن الشائع، وأيا كان ما يطرحونه بدأوا يتخذون سمة القوة في طرح ما يؤمنون به، والرد بعنف على المنتقدين، أو الدخول في سجالات صاخبة لو كانت الأطراف المنتقدة لديها خلفية فكرية واستعداد للجدل والنقاش وتقبل الآخر.
وبالرغم من انتشار العديد من الأفكار المختلفة التي عبر عنها هؤلاء المدونون لكنهم كانوا يدركون أمرًا جوهريًا وهو أنهم ، وبالنسبة للمجتمع خارج هذه المساحة الافتراضية، على أرض الواقع مجرد «قلة»، وهذا الإدراك كان يقتضي توجيه انتقاداتهم للمناخ العام الذي تسبب في أن تعيش «الأغلبية» في تيار عام من الازدواجية، والنفاق، والتسليم بالشائع والمتعارف عليه أخلاقيًا واجتماعيًا حتى لو تنافى مع العقل والمنطق، وبالتالي بدأ المدونون والكثير من المتعاملين مع مساحة الإنترنت توجيه المزيد من النقد للمجتمع وللسلطة معا، خصوصًا أن تلك السلطة هي التي تسببت، بشكل مباشر أو غير مباشر، في تلك المظاهر الاجتماعية وأشاعت بالتالي جميع الأمراض الاجتماعية التي تعاني منها المجتمعات العربية على نحو خاص، وما ارتبط بها من مظاهر الفساد العام الذي انتشر في السلطة وفي الطبقات النفعية التي تتعيش على التواطؤ مع تلك السلطات من اجل تضخيم ثرواتها ونفوذها في المجتمع على حساب أي قيمة أخلاقية أو اجتماعية.
أيقونات ثورية
على مدى السنوات الخمس الماضية، وبعد دخول الـ«فيس بوك» ووسائط الاتصال الاجتماعي انتشرت أيقونات وصور شخصيات من رموز الحركات الثورية في العالم، يعبر بها الشخص عن هويته أو حتى يتم الكتابة عنها والترويج لها، عن معرفة بهذا الشخص وتاريخه، وأحيانًا بلا وعي حقيقي بالمعنى الكامن لهذه الأيقونة، فقد شاعت مثلا أيقونة مطرب «موسيقى الريجي» الجامايكي الراحل الشهير «بوب مارلي»، حيث كانت موسيقى بوب مارلي صرعة مهمة في الستينيات والسبعينيات، وكانت أغنياته تجسد تعبيرًا حقيقيًا عن رفض السلطة، والتمييز العنصري بين السود والبيض في العالم ورفض مظاهر العنف البدني الذي تقوم به قوات الأمن تجاه الأفراد في المجتمعات النامية والشمولية وحتى في المجتمع الأمريكي في نطاق التمييز العنصري.
كما سادت وانتشرت أيقونة الثائر الأيقونة «جيفارا» الذي كان رمزا من رموز الثورة الشيوعية في كوبا مع رفيقه كاسترو في الستينيات، والذي اعتبر ملهما للحركات الثورية اللاحقة في أرجاء واسعة من العالم في خلال فترة انتشار حركات التمرد الشبابية والثورية في الستينيات في أوربا والعالم وبينه العالم العربي أيضًا.
وكما كل الحركات الثورية في العالم فقد أسفرت الكثير من النقاشات والأفكار المتداولة على الإنترنت عن إظهار الطابع المثالي للأفكار الثورية من حيث تحيزها للحق والعدل وقيم المساواة، وما يقتضيه ذلك من وضوح كامل في الطرح، وعدم التردد في توجيه النقد العنيف للمظاهر السلبية التي تتنافى مع المنطق الإنساني ومع العدل والحق حتى لو كانت تلك المظاهر تتغطى بأي غطاء ديني أو غير ديني.
لكن الظاهرة التي كان يمكن تجليها هو رفض الغالبية من هؤلاء الشباب من المدونين ومستخدمي الشبكة في المنطقة العربية والعالم للأفكار السلطوية، والميل الى نقد أي رمز سياسي أو ثقافي أو ديني، وعدم الميل لاحترام التراتب الطبقي أو العمري أو الكهنوتي المعروف في المجتمعات الأبوية السلطوية.
من الافتراضي إلى الواقعي
هكذا يبدو جليًا تشكل مناخ عام لجيل يرفض ما يعيشه من حياة يفتقد فيها الكثير من حقوقه، لكنه وجد الفرصة ليعبر عن غضبه ورفضه لما يعيشه تحت وطأة أنظمة فاسدة، وديكتاتورية، وأوضاع اقتصادية لا توفر الحقوق للفقراء، بل وتزيد باستمرار من حجم الفجوة بين الأغنياء والفقراء، لم يرفضها هي فقط بل يرفض الكثير من تواطؤ الأجيال الأسبق له مع تلك الأوضاع وقبولهم للقهر والتعايش معه، وإنشاء تراتبيات أبوية أخرى مستقرة في مجالات قد تبدو بعيدة عن السياسة في حقول اجتماعية أخرى وفي مجالات أخرى ثقافية وفنية حتى.
إلا أن أحد أبرز ما يلفت الانتباه هنا هو اختلاف هذا الجيل عمن سبقه من أجيال في تحليه باليقين في ضرورة التغيير، ولعل هذا يعود في جانب من جوانبه إلى ما تمنحه الوسائط الافتراضية من ضغط للزمن، وهو ما تناولناه هنا في موضوع سابق.
فمن بين خصائص الفضاء الإلكتروني هو ضغطه للزمن، ليس فقط لخصائص سرعة استدعاء المعلومة، وتوفير مناخ الاتصال الاجتماعي متخطيًا حدود الجغرافيا والزمن، بل وايضا لقدرته على التحفيز.
وأظن أن هذه هي السمة التي اختصت بها التقنيات الجديدة هذا الجيل وحركت حماسه للتغيير من حدود الأمنيات الطيبة والآمال المؤجلة إلى حيز آخر الرغبة الحقيقية والإرادة، ولذلك ربما وجدت الدعوات الأولى للانتفاضة الشعبية في تونس صدى واسعا على كل من «فيس بوك» و«تويتر»، وكذلك في مصر لاحقا وما تلاها من دول المنطقة التي شهدت انتفاضات وثورات مثل اليمن والبحرين وسورية وليبيا.
توثيق افتراضي
لكن الانتباه إلى الجزء النظري الخاص بالثورة ربما لم يأخذ حيزًا لافتًا على الإنترنت إلا بعد تحقيق تونس لثورتها ثم مصر من بعدها، حيث شاعت مصطلحات «ثورة»، و«التغيير السلمي» إضافة إلى تداول بعض الأدبيات التي تناولت فكرة التغيير السلمي باعتبارها السمة العامة المميزة لأغلب الانتفاضات والثورات العربية ولاتزال.
وبسبب الأثر الكبير الذي أحدثته الثورات في العالم العربي، والتي بهرت العالم لاحقًا اهتمت المواقع التوثيقية والتسجيلية على الإنترنت بتوثيق هذه الثورات بالتعاون مع جهات المجتمع المدني المختلفة التي واكبت الأحداث، ولذلك فإن موقع موسوعة ويكيبديا الإلكتروني مثلا يضم في القسم الخاص بالثورات مادة توثيقية ضخمة عن الثورات العربية ويومياتها وإحصاءات كاملة لعدد الانتهاكات التي تعرض لها شباب الثورة والثوار وأعداد الشهداء والمصابين، والوقائع السياسية التي مرت بها كل دولة من الدول، ويمكن لمن يريد أن يقرأ هذه المادة متابعة الروابط التالية:
http://en.wikipedia.org/wiki/List_of_revolutions_and_rebellions
وفيما يتعلق بالثورة المصرية فهذا رابط خاص بها:
http://en.wikipedia.org/wiki/2011_Egyptian_revolution
الأناركية من الإنترنت الى الواقع
ومن بين المصطلحات التي انتشرت أيضًا على الفضاء الإلكتروني عقب الثورات مصطلح «الأناركية» Anarchy، وهو مصطلح فلسفي يعرف أحد الاتجاهات الفكرية السياسية التي توصف أحيانًا بالفوضوية، لكنه مصطلح مهم في فهم الكثير من سلوكيات قطاع كبير من التفكير لدى الأجيال الشابة في العالم العربي، ليس لأن الأناركية منهج إيديولوجي يعتنقونه، لكن لأنه في حد ذاته يقدم تفسيرًا للكثير من السلوك الفطري لرفض السلطات التقليدية في المجتمع.
بصوغ آخر فالعديد من الشباب الثائرين والغاضبين في ارجاء العالم العربي لم يرفضوا السلطة لأنهم كانوا يؤمنون بالأناركية مثلا، بل كانوا يرفضون الفساد وغياب العدل وامتهان المواطن على يد القوات الأمنية ورجال الشرطة في العالم العربي، كما أنهم لم يرفضوا نفاق السلطة الدينية للسلطة السياسية لأنهم يؤمنون بالأناركية، بل لأسباب اخلاقية ترى في نفاق السلطة الدينية للسلطة السياسية لونًا من ألوان التبرير الذي يتلون بصبغة دينية لتمرير سياسات اقل ما يمكن أن توصف به هو التعسف والظلم.
لكن عقب الثورات ومع انتشار الكثير من الأدبيات الفلسفية والسياسية وجدت الأناركية هوى في نفوس الكثير من الثوار الشباب لأنها تفتح آفاقًا جديدة للتعبير الفلسفي عن رؤاهم للمستقبل الذي يريدونه، لمجتمعات حرة عقلاً وضميرًا وفكرًا.
وبصورة عابرة وسريعة، ووفقًا للمتاح عن الأناركية على موقع ويكيبديا يمكن تعريف هذا المذهب الفلسفي السياسي بأنه مبدأ سياسي ينادي باللاسلطوية ويرفض العنف، وفي الكثير من التعريفات العربية نجد أن هناك الكثير من الخلط بين اللاسلطوية والفوضوية، وهو ما لا يتفق كثيرًا مع مفهوم اللاسلطوية لأن الفوضوية قد ترتبط بالعنف كما تشير المرجعيات التاريخية المهتمة بالتعريفات والفكر الفلسفي.
في تعريف المصطلح بالإنجليزية على الإنترنت يوضح التعريف أن هناك اختلافات في تعريف الاناركية، فالمصطلح المستخدم أمريكياً يعني اللاسلطوية المرتبطة بعدم استخدام العنف، بينما المصطلح خارج أمريكا قد يتخذ أبعادًا أخرى تأتي بينها اللاسلطوية وترتبط باللاعنف وأيضًا ترتبط بعدم استخدام الإكراه أو العنف أو القوة.
أي أن جوهرها هو بناء مجتمعات بلا سلطة مركزية، تبنى بجماعات أهلية ومدنية من أسفل لأعلى، مجتمعات يتمتع فيها الفرد بحريته، والجماعة تقوم على العمل المشترك لتحقيق أهداف اجتماعية، وتنفي التمايز بين الطبقات كما تنفي الهيراركية السلطوية في العمل وفي الحياة. وهي أفكار تبدو يوتوبية تساعد في المجتمع المدني اكثر من قدرتها على تحقيق مجتمعات جديدة بشكل إيديولوجي كامل، وهي أيضًا من حيث الأفكار تسعى لتحرير الفرد من القيود الاجتماعية المفروضة بواسطة التراكم المبني على إرادة السلطة.
وقد ظهرت الأناركية في الحروب الأهلية في القرن السابع عشر في إنجلترا ثم في الثورة الفرنسية وكذلك في الحرب الأهلية في روسيا بظهور جماعة مقاومة في أرض ما نعرفها اليوم أوكرانيا الراهنة، وعرفت تلك الحركة باسم «الجيش الأناركي». كذلك في جامايكا عام 1721 وفي إسبانيا العام 1963. ولمن يرغب في التوسع في القراءة عن الموضوع أن يطالع هذا الرابط:
http://en.wikipedia.org/wiki/Anarchy#cite_note-4
لكن المظاهر الثورية على فضاء الإنترنت عقب الثورة لم تتوقف على مصطلحات ثورية فقط بل أصبحت تتمثل في الدعاية المنتظمة للاعتصامات والمسيرات من جهة، وفي الدعوة للتبرع بالدم للمصابين في اية مواجهات بين شباب الثورة والسلطات الأمنية، بالإضافة إلى مناقشة الافكار الثورية نفسها ليس بين الذين يتبنون الافكار الثورية فقط بل وحتى بين اليساريين والاشتراكيين وكذلك مع أصحاب الأفكار المختلفة حتى لو كانت ذات مرجعية دينية خصوصًا شباب الإخوان في مصر - مثلا - ممن تمتعوا بحس وطني وقبول للآخر، وليس تنظيم الإخوان المسلمين نفسه، وغير ذلك من تفاصيل.
قبل سنوات عدة كنت كتبت مقالاً في ذكرى مرور أربعين عاما على الحركات الثورية في 1968 في أوربا، أشرت فيه إلى أن جيل الإنترنت في العالم العربي هو الجيل المرشح لوراثة هذه الحركات الثورية، لما تشكل لديه من وعي، وللعديد من الظواهر التي كنت قد تابعتها وذكرتها في مقدمة هذا الموضوع.
وقد تحققت الثورات العربية بأسرع كثيرًا مما توقعت آنذاك، واليوم لم يعد هناك شك في أننا بفضل هذه الثورات وبفضل إرهاصاتها المبكرة إلكترونيًا وافتراضيًا أصبحنا نعيش، مهما كانت هناك من مظاهر تخلف وتراكمات العصور البائدة، في زمن جديد، ما يقول إن القفزات الافتراضية بإمكانها فعلاً أن تنتقل بالواقع إلى قفزات أخرى جديدة، ولعل هذا ما لم يستوعبه العديد من ممثلي القوى الرجعية التي إما تمثل السلطات التي انتفضت الشعوب عليها أو الأطراف المنتفعة من وجود السلطات القديمة، ولا ترى لها في المستقبل أي تحقق إلا باستمرار الأوضاع على ما كانت عليه. لكن التاريخ يعلمنا أنه عندما يبدأ دورة جديدة للأمام فإنه لا يمكن أن يعود للخلف مرة أخرى.