من يسعه أن يحتجز الابتسامة..
من يسعه أن يطوّق الصوت؟
يحزم الشاعر الإسباني ميجال إيرنانديث الحقائب، مستعداً للرحلة الختامية. سينتقل الصندوق الأسود، حيث يرقد ما بقي من اختلاجات تجربة الإسباني الجريح صديق فيديريكو غارثيا لوركا وفيسينتي أليساندري وبابلو نيرودا، من أحد مصارف كاتالونيا في إسبانيا إلى بلدة نائية وصغيرة في منطقة خايين يقطنها أقل من ستة آلاف نسمة، وحيث رأت زوجة الشاعر الراحل خوسيفينا مانريسا، النور. تركة الشاعر كناية عما يزيد على خمسة آلاف وثيقة ومخطوط وأغراض شخصية، لا أكثر.
في حين لم يتيسر التعاطي معها إلى اليوم، صارت في الآونة الأخيرة مصدر مشكلة بعدما تعثر الاتفاق بين البلدية وورثة إيرنانديث، تراءى الإبعاد أكثر المخارج أماناً، مخرج يوفر الإحراج وإن أوغل في حفر السكين في ذاكرة أدبية نابضة وسمت القرن العشرين.
كان البحث عن مسكن جديد لاستقبال إرث الشاعر (اوريهويلا 1910 - اليكانتي 1942) فرض نفسه في أكتوبر المنصرم. بات أمراً ملحاً بعدما فضت بلدية إلتشيش في أليكانتي (التي يسطو على قرارات بلديتها «الحزب الشعبي» الإسباني) على نحو مباغت، الاتفاق المبرم بين ورثة الشاعر والمدينة منذ ما يرنو إلى عقدين. تحججت البلدية بالأزمة الاقتصادية الخانقة للتنصل من الشراكة، وذهبت إلى اتهام أسرة الشاعر بالإفادة من مبالغ طائلة صرفت من الصندوق البلدي وبلغت ثلاثة ملايين يورو. بيد أن كنّة الشاعر لوثيا ايثكييردو لم تستسغ الانقلاب، فذهبت إلى الإعلان أن اليمين السياسي أتم قتل إيرنانديث مرة في الماضي، وإنه يكرر الاقتراف عينه. وجدت السيدة في خلفية القرار البلدي دوافع عقائدية لتعاين كل ما عداها اتهامات مغلوطة، موضحة أن المبلغ الخيالي الذي يجري الحديث عنه خصص لـ «مؤسسة إيرنانديث» الموكلة بإدارة إرث الشاعر والكاتب المسرحي، وليس لمنافع شخصية. لم يكن يكفي ذاكرة إيرنانديث أن تهشم على مرّ الأعوام وأن يحجر على بريقها. رصد لمخلفات الشاعر ذاك القدر المرير أيضا، أن يتم إلقاء شذرات الصوت الأحب، ذاك الذي حمل راية شعب برمته في زواريب المهانة، بل وأن يتعرض لأقذع الخيانات.
في إسبانيا الموجوعة والتي قرعت من أجلها في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي أجراس همنجواي، وأوحت لبابلو نيرودا بديوان «إسبانيا في القلب» ذاع صيت أحد موظفي السفارة التشيليانية للأسباب الخاطئة، بعدما رفض منح الشاعر الإسباني ميجال إيرنانديث اللجوء السياسي. سيروي نيرودا الصديق المقرّب حيثيات ما جرى في قضية إيرنانديث الذي سيؤدي به تعنت موظف إداري إلى تحمل تبعات عقوبة السجن لمدة ثلاثين عاماً في الزنازين الفرنكوية. لن يقوى القلب المرهف والذهن المتقد الإسباني على إكمال المدة السجنية. سيقضي في عفن الحجرة المظلمة تحت وزر العنف نفسه الذي وضع حداً لحياة غارثيا لوركا.
جمعت إيرنانديث ونيرودا مصادفات عقائدية وجمالية وشخصية انطلقت في إحدى ليالي مدريد في عام 1934. في ذلك المساء، تواجه الرجلان للمرة الأولى، وبحسب رواية إيرنانديث وصل نيرودا «مغبّر الجبين والحذاء» في حين حمل هو في خياطات سرواله «شيئاً من تربة مسقطه». منذ لحظة التماس الأولى شعر إيرنانديث بأن نيرودا سيصير رفيقه العزيز، وعلى الرغم من تحديات ناموس الوقت والكباش مع شبح الموت ستستمر الحال على هذا المنوال إلى أفول حياة نيرودا، وفي أعقاب تواري إيرنانديث الجسدي حتى انطلقت حياة الشاعر في أكتوبر 1910 لوالد من أبناء الريف الرعاة، فكان من البديهي أن يرصد يفاعه لمراقبة القطعان في الحقول، بيد أنه سيجد نفسه تلقائياً يقتفي أثر الأحلام تخترق الغيوم التي ظللت مسقطه. انتظر مستلقياً وعيناه زائغتين أن ترى القطعان العشب، غير أنه كان في أعمق أعماقه يتابع خيط انقضاء الزمن خصوصاً. أما أشجار النخيل والبرتقال أفقه الوحيد في رقعة الطفولة الجغرافية، فدفعت به إلى اختبار تمرين الكتابة. تمسك بعظمتها الخفية كما فعل قليلون، مدوناً: «أنا عظيم بسب مواظبتي على تأمل شجر النخيل / أنا قاس بنتيجة العيش في جوار الجبال».
علّم الشاعر نفسه بنفسه، ارتاد مدرسة سان دومينجو لليسوعيين بين عامي 1924 و1925 ولم يكد يتسرب منها لينصرف إلى اتهام المجموعات الشعرية ويشرب منها قطرات الندى. في مئوية ولادة الشاعر في 2010 منحت إسبانيا فرصة الاحتفاء بإيرنانديث صوتاً أساسياً في تاريخ آدابها، خصص له معرض في «المكتبة الوطنية» ذلك أنها شكلت مطرح الذاكرة التاريخية والأدبية الخاصة به. اعتاد في كنفها الانغماس في القراءة منذ أن وطأت قدماه العاصمة في عام 1931. وهناك تمعن في مخزون الكلاسيكيين من أمثال كيفيدو ولوبيب وجونجورا، فضلا عن نصوص مجايليه من شعراء القرن العشرين، أي روبن دارييو وخوان رامون خيمينيث وخورخي جيين، ليصير خوان دي لا كروث من بين أسماء شغف قراءاته كذلك. على قدر ما يتراءى ذلك مفاجئاً ترك جونجورا صاحب المنجز المركب والملتوي بصمة عميقة في إيرنانديث تلك النفس الفتية على المستوى الفكري والفطرية إلى أقصى حد، ليتسلل إلى تمارينه الشعرية الأولى. استقى من جونجورا شغف الصور المفرطة والغريبة الأطوار ليدفع بها إلى التحالف مع البنية الصارمة.
استجاب الشاب مبكراً لصوت داخلي حثه على مغادرة مسقطه قاصداً مدريد، كأنه فراشة اجتذبها الضوء. أما عزلته فلم تلبث أن تنكسر في موازاة تعاظم حاجته إلى لقاء شعراء آخرين. وها هو في الحادية والعشرين يتلمس درب من سبقوه. تفضي به الإقامة الاستهلالية في العاصمة الإسبانية إلى إصدار باكورته الشعرية في عام 1933 وهي كناية عن مجموعة قصائد بعنوان «محترف القمر». وفي عام 1935 يشارك على نحو فاعل في «المهام التعليمية» التي تضع قوانينها الجمهورية الثانية وتمثل هدفها بمد سكان الريف بـ «نَفَس التطور ووسائل المساهمة فيه»، بغية أن يسع جميع القرى الإسبانية ومن بينها الأكثر بعداً في الجغرافيا، الإفادة من فوائد ظلت حكراً على المدن. ستشكل محاذاة إيرنانديث مرجعيات من نسق لوركا والبرتي ونيرودا صدمة مزعزعة. يجد القروي الصلب نفسه وجهاً إلى وجه مع الشعراء الإسبان المحوريين يقرون بموهبته ويوفرون له الحماية. لن يتأخر الجميع في إبداء الانبهار إزاء تجربة استهلالية كانت ولاتزال تشعر بما يشبه التيه بعيداً عن مصادر ارتكازها تلك، حنان القطعان وشذى التربة التي لفحتها مياه الأمطار. عندما يقبل إيرنانديث مرغماً فرصة عمل لدى أحد كتّاب العدل، لن يجد في المكتب الافتتان بالحقوق وإنما الحب في شخص خوسيفينا مانريسا. في هذه اللحظة وبدافع من يقظة الشغف، يبلغ شعره مرتبات لم يعرفها ليصير نشيداً يحركه الاستسلام العشقي. والحال أن «الشعاع الذي لا ينطفئ» مجموعته المنشورة لدى دار «ايرويي» في منتصف الثلاثينيات من القرن المنصرم، ستشكل مفصلاً في مسيرته وتنبئ بدرامية الحياة وقدرة الأحاسيس عند تأججها.
في ما يجمع عقد الصداقة إيرنانديث بأسماء محورية من قبيل فيسينتي اليساندري وماريا ثامبرانو وآخرين، سيتبين تأثره بمنجز نيرودا الأكثر عمقاً، ذلك أن قصيدته ستتبدل من جرائه جذرياً. سيأخذ نيرودا بإدراك الراعي الشاب إيرنانديث وفي وقت قياسي صوب التخبطات الاجتماعية وعذاب الشعوب، ليصير في أعقاب موته أيقونة الشيوعيين. بدءاً من عام 1936، يغدو ميجال ابن مدريد الشرعي في بيئة حيث سيكون للسلاح الكلمة الفصل، وحيث تتقدم الحرب رويداً قبل أن تظهر إلى العلن لتفشل فصولها الدموية. يناصر أصدقاؤه الجمهورية فيلتحق بهم عفوياً كأنه قدر لا مفر منه، في حين تنشد قصائده «الحرية التي ينبغي للجميع الدفاع عنها». أما الحرب الأهلية التي يشهد بزوغها فتتقدم على إيقاع مأساة المعيش، لتتسلل إلى عمق نصه فيصير مضبوباً وعنيفاً في آن معاً. في «ريح القرية» (1937) يدون الفظائع المرتكبة، وفي «الرجل المهدد» (1938) يسجل تخلّف الإنسان عن إنسانيته. في حين تزنر مجازر الحرب يوميات إيرنانديث لا يلبث الموت يصعقه في ابنه. لا يسعه سوى أن يخاوي هذا الشبح الدافق في ما يتم كنس كل من يصادفه، ليكتب الشاعر من حسرة «أنا من ضمن أولئك الذين باتوا يتمتعون بالموت اليومي». بيد أن الحقد لن يوفق في استباحة ميجال الرجل المطعون بابنه، ولن يسمح للطفل الكامن فيه أيضاً المحروم من عاطفة الأبوة، والذي تعرض للعنف بسبب انصرافه إلى الكتابة والقراءة عوضاً عن مراقبة القطيع، للرغبة في الانتقام بالتسلل إليه. رغم أنف هذا كله سيتمرن على تأليف أكثر قصائد الحب سطوة.
في خواتيم الحرب الأهلية الإسبانية وفي أعقاب فوز الفاشية المتمثلة بالـ «كاودييو» فرنكو يحاول إيرنانديث الفرار إلى البرتغال، في حين يقترح عليه أصدقاؤه اللجوء إلى سفارة تشيلي.
لا تنجح محاولة قصد تشيلي للأسباب الآنف ذكرها، فتندثر رغبة إيرنانديث في المضي إلى البعيد، ولن يتأخر اعتقاله. أدين الشاعر في يناير1940 عن طريق محكمة عسكرية اتهمته بالانضواء تحت لواء الثوريين. يقبع حكم الإعدام فوق رأس إيرنانديث، لتجعل وساطة نيرودا العقوبة تخفف إلى السجن ثلاثة عقود. فعل صاحب «النشيد العام» كل ما أوتي من مناورة ليحيد عن إيرنانديث الكأس المرة، تلك التي تجرعها قبله فيديركو غارثيا لوركا عندما أردي بالرصاص. يحاول بعد ذلك إلى جانب ثلة من الأصدقاء تسهيل عملية فراره. غير أن الشاعر المعتد والفخور بطيبة الفقراء وكرامتهم يتردد، لا يكف ميجال إيرنانديث يثق بمباغتات الأقدار السعيدة تلك التي ستجعله يرجع في أحد الأيام إلى مسقطه حيث مكثت عائلته والتي يهتم نيرودا لأمرها في بعده.
بين جدران السجن كتب ميجال إيرنانديث نصوصاً تؤرق لأنها تمثل السبيل إلى جوار الهلاك، والحال أن «أغنية وأنشودة الغياب» يمثل بهذا المعنى ديوان التململ المرير. يأتينا في أحيان بميجال إيرنانديث الذي يتآكله الجوع والتبرم ورطوبة قضبان الزنزانة ويصل بنا في أحيان أخرى، إلى تجارب شعرية غير مسبوقة. إنه يتحدث عن الحب الزوجي لخوسيفينا والعاطفة البنوية وعن رحيل ابنه الرضيع كما عن السجن والحرب. في «تهويدة البصل» إحدى أشهر قصائد المجموعة يجيب إيرنانديث عن رسالة تبعث بها إليه زوجته، حيث تطلعه أنها باتت في عوزها تقتات من الخبز والبصل، فيتخيل في القصيدة ابنه يرضع دم البصل من صدر أمه. «أغنية وأنشودة الغياب» نوع شعري مقتضب، يتعرى من الإبهار البلاغي ويشدد على العودة إلى الذات. تشير قصيدة «من دون بطنك» إلى حمل زوجته وحيث يقارب المرأة ملاذاً آمناً، بل وجنيّة خيرة تنظم العالم الفوضوي الغارق في الصخب لتمنح الرجل عطية الأزل. نقرأ في القصيدة «من دون بطنك / كل شيء مبهم / من دون بطنك كل شيء سيأتي / زائل، ماض / عقيم / مضطرب. من دون بطنك / كل شيء باطني / من دون بطنك / كل شيء فارقه الاستقرار / كل شيء ماض / غبار محروم من عالمه / من دون بطنك الشفاف والعميق / كل شيء قاتم». في سجن توريخوس في مدريد يواصل إيرنانديث نظم الشعر ليدون أبياته على ورق الحمام أو على قصاصات وصلته كيفما اتفق. تمسي الحجرة السوداء المحروم ضوءاً منبعاً لأناشيد الحرية، تغدو محفزة كل رغبة مكتومة في الارتقاء من البؤس وتخطي النقص، من طريق اللوذ بفلك الأحلام، ومن طريق التعويل على فتنة اليوتوبيا.
على الرغم من المحاصرة الجسدية لم تنجح محاولات طمس شعر ميجال إيرنانديث، ولن تنجح. لايزال يتصاعد من زنزانته برهاناً على استحالة كمّ الصرخة واغتيال الحرية، وها نحن نسمعه يردد من جديد «كلا، ليس ثمة زنزانة تلائم الرجل / لن يستطيعوا قتلي، كلا / عالم السلاسل هذا، صغير بالنسبة إلي، بل وناء عني / من يسعه أن يحتجز الابتسامة؟ من يسعه أن يطوق الصوت؟ / بعيدة أنتِ الواحدة، وأكثر وحدة من الموت / بعيدة أنتِ، تجلسين وفي ذراعيك تنبض حريتنا نحن الاثنين / أنا حر، أشعر بحريتي من خلال الحب فحسب».
تنكفئ الحرب الأهلية الإسبانية في شهر مارس وبعد نحو ثلاثة أعوام في 1942 تنوص حياة ميجال إيرنانديث بعدما أنهكته الأمراض والحمى وتملّك منه داء السل نفسانياً وجسدياً وأتعبه الكلام المكتوم الموجه إلى زوجته. يموت ايرنانديث فجراً، آخذا معه رسائل الأمل، رجلاً لم يخنع وإن تململ بعض الشيء تحت وزر اليأس. انتظرته المنية عند منعطف طريق العذاب الاعتقالي، من دون أن يعني ذلك أن يتوقف عن مناكفة الأمل.. يحترف على نقيض ذلك استدعاءه ومناجاته. نقرأه قبل شهور قليلة على موته «ثمة شعاع شمس في مطلق حركة كفاح / من شأنه أن يترك العتمة مهزومة». أما على جدران المشفى حيث نقل في خواتم سيرته فحفر كلماته الأخيرة كمثل وصية تليق بملازمة شاهد قبر «وداعاً، يا أيها الأشقاء والرفاق والأصدقاء: اتركوني أنصرف من الشمس والحقول».
في فبراير 2011 أعيد شيء من الاعتبار إلى ذكرى ميجال إيرنانديث عندما أقرت السلطات الرسمية بمحاكمته جزافاً، غير أن القضاء الإسباني لم يصل بفعله التطهري إلى النهاية، ذلك أنه تحفظ عن إعادة المحاكمة. التصقت أحشاء إيرنانديث بالأرض، وأتقن القروي صاحب الرأس الشبيه بالبطاطس مخاطبة الريح وبواطن الناس ولاسيما أولئك الموجوعين. كتب إيرنانديث عن تربة حديقته البهية تلك التي فاح منها عطر والديّ يجعل المرء يسقط تلقائياً في شرك الحب الغامر. أجهر مواطن إيرنانديث الشاعر جابريال ثيلايا أن «الشعر سلاح ملقم مستقبلا» ومن هذا المنطلق يتراءى الشعر ربيعاً حياً، ربيع الأيام الآتية. أنشد الشاعر الراعي واختصاصي الأقمار الملتحف بكرامة الفقراء بحنجرة الأطفال المعدمين والشعوب المقهورة. نزّ من قصيدته طعم القش ودفء الحليب وواقعية المعيش. قال في إحداها إن دمه طريق، وها هي آثار دمه تتحول إلى أبيات يتبعها من تقاطعت طريقه وطريق الضوء.
كانت حقيقة إيرنانديث رجلاً كمثل حقيقته شاعراً، حمل في داخله في الدورين ثلاثة جروح أحدها الحب وثانيها الموت وثالثها الحياة. أما جلده فوشم بندبات مواطنيه. عنت متعة الكتابة عنده أن يحفز في ذهنه الكلمات ويأخذها في دوران قبل أن يجعلها تستلقي على الورق لتتجسد قصيدة. ثمة في تجربة ميجال إيرنانديث حرية مقدامة وأصالة عميقة وأخلاقية حثته على نبذ أي تنازلات وإن كانت جزيتها استعداء العيش. جعله هذا النسق من الإصرار مثال الشاعر الواقف أبداً، رجل شمسي وحرفي في تعابيره. مات ميجال إيرنانديث مفتوح العينين في البعدين الاستعماري والمادي من دون أن يغفل للحظة عن ثقته بمن حوله.