مختارات من:

الاعلام العربي في ظل الأزمات.. الخطاب المرئي والتفاعلية مع أحداث الثورات العربية

حسين الأنصاري

* تجربة الإعلام العربي حديثة العهد مقارنة مع الإعلام الغربي في التعامل مع الأزمات والثورات التي تبدو أنها سوف تستمر
* إن الأزمات التي تحدث أشبه باختبارات لتقييم أداء الإعلام ووضعه أمام تحديات مستمرة
* إثر تحقق الثورات وسقوط الأنظمة الحاكمة شهد الخط البياني للتغطية الإعلامية في الخطاب المرئي تراجعاً ملحوظاً

في ظل الظروف الحاضرة التي يشهدها العالم العربي، وهو يعيش حالة من النهوض والتغيير عبر تواصل حالة الوعي، والمطالبة بالحقوق المشروعة، والمساهمة في صناعة القرار السياسي، وتجاوز الماضي وما خلفه من إرث ثقيل وتراكم لعديد الإشكاليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي دفعت بالشعوب إلى رفض الواقع، والثورة ضد الأنظمة الفاسدة التي ظلت تتربع على عرش السلطة لعقود طويلة حارمة شعوبها من فرص العيش الكريم وتعطيل مشاريع التنمية البشرية ومواكبة مستجدات العصر.

مع مجريات الأحداث والأزمات التي تعصف بالشارع العربي هذا العام ، كان الإعلام وعبر مختلف وسائله المكتوبة والمسموعة والمرئية يتصدى لتطورات هذه الأزمات، يعاين الأحداث ويحلل المشاهد ويتابع التفاصيل من أجل أن يقدم مادة تتسم بالإحاطة والشمولية واقتناص المعلومة ذات الأهمية والآنية، لمواكبة الأحداث وتطوراتها، ولأن ما حصل في الثورات العربية من متابعة إعلامية وأساليب تغطية لأبرز المواقف التي صنعتها إرادة المواطن العربي، كما جرى في تونس ومصر وليبيا، وفي اليمن وسورية وغيرهما، قد منح الإعلام قدرًا أكبر لتحمل مسئولياته ومساهمته الفاعلة في التأثير على الرأي العام، لاسيما وأن المشهد الإعلامي يشهد تطورًا متواصلاً إثر معطيات ما جاءت به ثورة المعلوماتية وتقنيات الاتصال وما نجم عنهما من آثار انعكست بشكل مباشر على المشهد الاتصالي بمجالاته كافة، وهو ما نراه عبر التدفق المرئي على الشاشات وانتشار الأقمار الفضائية التي اتسعت لها الفضاءات المفتوحة أو الاستخدام الواسع لشبكات الإنترنت، حيث أصبح بإمكان الإنسان في العالم أن يكون قريبًا من المعلومة التي يريد وفي أي وقت يشاء وعبر أيسر الطرق، وهذا ما أتاحه مجتمع المعلوماتية من شيوع الثقافة الرقمية التي انعكست نتائجها على وسائل الاتصال الحديثة التي ألغت حدود الزمان والمكان وجعلت الكونية مدارًا يستجيب لهذه المعطيات والتحولات الهائلة التي تركت بصماتها واضحة في أرجاء المعمورة جراء الطفرة التكنولوجية المذهلة وما رافقتها من تغير في المفاهيم والتوظيفات والاستراتيجيات في الحقول الإعلامية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي من شأنها أن تعيد بناء وترتيب عناصر مكوناتها وإعادة صياغة العقول بعد خلخلة المنظومة القيمية والمعرفية للمجتمعات التي تلقت صدمة العولمة وما لحق بها من تبدلات تحت ظل النظام العالمي الجديد.

« وكان نصيب الإعلام والاتصال في هذا التأثير من التحولات التكنولوجية التي ميزت العقود الثلاثة الأخيرة للقرن الماضي واضحًا» ومباشرًا، «حيث إنه مهد الطريق لبروز ظاهرة العولمة عبر معطيات التراسل الهائل، ورقمنة النصوص والصوت والصورة، وانتشار أقمار الاتصالات وثورة الهاتف المحمول وتعميم المعلوماتية في قطاعات إنتاج السلع والخدمات وتصغير الحواسيب وربطها داخل شبكة كوكبية قد مكّنت من خلق انقلاب ضخم وشامل في نظام العالم».

ونظرًا للدور الذي يلعبه الإعلام في تحقيق هذا الانقلاب والتحول العالمي أصبح الاهتمام به من الأولويات والأسس التي تستند إليها كل البرامج والخطط الهادفة نحو هذا التوجه وبما يحقق التأثير في الرأي العام وتشكيل اتجاهاته.

الأزمات والإعلام

إن حدوث الأزمات يأتي نتيجة مخاضات عسيرة ومعاناة طويلة تقود إلى تصاعد حالات الصراع إلى أقصى مداه، مما يولد حالة من التناقض بين الواقع وبين ما ينبغي أن يكون، وتختلف الأزمات تبعًا لنوع الصراع وتضاد الإرادات بين طرفين، واختلاف المصالح وتنوع الشعوب والثقافات والسياسات، إن الأزمات سمة الحياة ولابد من حدوثها لأن الفعل الإنساني دائمًا يسعى إلى التغيير نحو حياة أفضل، وهذا ما تتسم به المجتمعات الدينامية التي دائمًا تسعى لفرض إرادة التغيير والتجديد، ومواكبة منطق العصر.

وحالما تبدأ الأزمة بالتنامي لابد وأن ترافقها مواكبة إعلامية تتناسب وحجم هذه الظاهرة وقوة تأثيرها وكيفية مواجهتها والتفاعل معها، بما يجعل المتلقي في حالة تواصل وإحاطة بما يدور حوله، لأن امتلاك المعلومة يشكل جزءًا كبيرًا من امتلاك القوة والسيطرة على مجريات الأزمة بغية التعامل معها وفق أفضل السبل وإيجاد الحلول الناجعة، مع الأخذ في الاعتبار عاملي الزمان والمكان. وقد ظلت الشركات الإعلامية الغربية الكبرى تفرض هيمنتها في مجال التغطية الإعلامية للأزمات، بل للأحداث العالمية المهمة، وتقوم بصناعة خطابها وفقًا لمصالحها وأهدافها ومرجعياتها، ما جعل المواطن العربي أسير هذه الحملات ومتأثرًا بها.

ولعل أزمة حرب الخليج واحتلال العراق لدولة الكويت ثم احتلال العراق التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها والتي رافقتها تغطية إعلامية غير مسبوقة، توافقت مع أهدافها ومخططاتها في المنطقة، لذلك كان الخطاب الإعلامي وافدًا من مصدر واحد، وكانت قنواتنا الإعلامية العربية مجرد تابع للآلة الإعلامية الغربية.

وفي هذا المجال تكون تجربة الإعلام العربي حديثة العهد، مقارنة مع الإعلام الغربي في التعامل مع الأزمات أو الثورات، والتي تبدو أنها تجارب سوف تستمر بفعل استمرار الأزمات القائمة على مختلف المجالات، والتي تتصدرها اليوم الثورات العربية التي أطاحت بعدد من الأنظمة الحاكمة في المنطقة وغيّرت مسار تأريخها، لتعيد رسم خارطة جديدة لسياساتها ومستقبل أجيالها. لكن حدث الثورات العربية جاء مختلفًا هذه المرة بمستوى شموليته وعمق تأثيره ونتائجه، وقد كانت مساهمة الإعلام العربي لاسيما القنوات التلفازية إلى جانب الوسائل الإلكترونية والمتمثلة بمواقع التواصل الاجتماعي، والمدونات لها دور مهم في التغطية الإعلامية لهذه الثورات وسرعة التفاعل مع نبض الشارع وردود فعل الجمهور.

الخطاب المرئي ومرحلة ما قبل الثورات

مارس الإعلام المرئي قبل اندلاع الأزمات دوراً اعتيادياً، فقد كان يقترب من النقل الإخباري والمتابعات لما كانت تقوم به الحركات الثورية من تحضيرات أو اعتصامات وتجمعات ومسيرات وإطلاق نداءات ومطالبات من الدولة بالعمل على تلبية مطالبها، وقد كانت تصريحات التنظيمات المعارضة الموجودة بالخارج هي السائدة والمباشرة والجريئة كونها تتمتع بقدر من حرية التعبير في البلدان التي توجد فوق أراضيها لاسيما العواصم الغربية، كما أن منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان هي الأخرى ساهمت بنوع من المطالبات بضرورة الحرص على احترام حقوق الإنسان.

هذه التسريبات الإعلامية لم تكن تصدر من الإعلام الرسمي، بل من القنوات غير الرسمية المستقلة منها والخاصة، أو من بعض القنوات العالمية التي توجد لها مقرات أو مراسلين في عواصم الثورات.

كان الاعتماد أيضًا على الخطاب الإلكتروني وما تنشر فيه من مشاهد مرئية عما يحصل من مواقف وتجاوزات أو تصوير لحالات المواجهة بين المتظاهرين ورجال الأمن وغيرها، وقد كان الاعتماد على المواقع الاتصالية لأن رقابة الحكومة كانت تمنع القيام بتصوير أو نشر أي حالة أو موقف يتعرض إلى سياسة النظام أو انتقاده ، لذا كانت عملية تكميم الأفواه وخنق الحريات هي أحد أسباب الاحتقان لاسيما بتونس وليبيا، بينما كانت فرص التعبير في حال أفضل بمصر، وهذا ما نلمسه من خلال الكم المعلوماتي الذي توافر لدى المواطن من قبل الإعلام وصحافة المعارضة، أما في ليبيا فقد كان النظام يطبق قبضته الحديدية على وسائل الإعلام ولم يسمح إلا للإعلام الرسمي الذي كان ينطق باسم القائد ولجانه.

إذن، نحن أمام مستويات مختلفة للخطاب الإعلامي وحرية التعبير وتداول المعلومات بين نظام وآخر، وهذا الحال انعكس على واقع الخطاب المرئي بشكل عام قبيل اندلاع الثورات، فقد ساير الإعلام بدايات حالات الاحتجاج وبدء التظاهرات بقدر من التحفظ والحيادية، وكان دوره هنا يكاد لا يتعدى حدود العرض المباشر للظاهرة دون تعليق أو إبداء وجهات نظر مع أو ضد أي طرف من أطراف الأزمة، واكتفى الإعلام المرئي بدور إبلاغي للأحداث.

التغطية الإعلامية أثناء قيام الثورات

عندما تصاعدت أحداث الثورات واتسع حجم نشاط المتظاهرين والمعارضة اختلفت المعالجات تمامًا، وتغير أسلوب التعامل من قبل سلطات الأنظمة الحاكمة إذ شعروا بخطورة الأمر وجدية الموقف، عندها أرادوا فرض سيطرتهم البوليسية من جديد، ومع تصاعد وتيرة الأحداث كان لابد من أن يواكب الإعلام ذلك، لذا تحول الخطاب المرئي إلى مستوى آخر حيث استمد نشاطه من قوة الفعل المتحقق على أرض الواقع، فنزل الإعلاميون إلى مواقع الأحداث وراحوا يسجلون بعدساتهم وأجهزتهم كل جديد ويتابعون مجرى الأحداث، هنا اتخذ الخطاب اتجاهًا مختلفًا عما كان عليه في المرحلة السابقة، إذ أصبحت الآراء المطروحة أكثر عمقًا وتحليلاً واتفاقًا مع ما يجري في الشارع، لاسيما خطاب بعض القنوات كالجزيرة والعربية وغيرهما ممن جندت طاقمها لهذا الحدث وبات المحور المركزي في خارطة البث، كانت المشاهد المصورة من مواقع الأحداث ترافقها التعليقات والآراء، التي كانت تقدم من المحللين والمراسلين والضيوف، وكانت هذه بمجملها تشكل مواقف دعم للخطاب المرئي وتوجهاته.

هنا لعب الإعلام دورًا إبلاغيًا وتوجيهيا، وأسهم في توفير المعلومات الآنية أمام المشاهدين بما جعلهم يتخذون الاحترازات مما قد يحدث، وهو ماحصل فعلاً بتونس عندما حاول النظام اعتماد مبدأ التخويف وإشاعة الفوضى من خلال حرق وتخريب المصالح العامة أو مداهمة البيوت والأحياء ، إذ سرعان ماتم تشكيل ماسمي باللجان الشعبية للدفاع والحماية الذاتية من قبل أهل الحي أو المتساكنين، وهذا الإجراء زاد من حدة التلاحم بين صفوف الشعب عندما شعروا أنهم جميعًا أمام خطر واحد، وقد أفاد الثوار في مصر من هذه التجربة، وكذلك انسحب الحال على الثورة الليبية واليمنية والسورية أيضًا.

وفي هذه المرحلة استطاع الخطاب المرئي تأجيج مشاعر المشاهدين، وذلك من خلال المشاهد المؤثرة التي تتوافر على قدر كبير من الدراما الإنسانية والتراجيدية أحيانًا، إذ كانت العدسات بالمرصاد لتسجيل أفعال العنف والضرب والانتقام حيث مشاهد الدم والجراح أو القتل والدهس أو عبر مشاهد استعراض الحشود المليونية الغاضبة.

في هذه المرحلة برز دور قناة الجزيرة وازداد مستوى الاهتمام بما كانت تقدمه نتيجة تعرض مكاتبها للغلق أو منع مراسليها من متابعة الأحداث وممارسة عملهم، ووصل الأمر بحجب الاشتراك وقطع البث كما حصل ذلك في مصر، حين أقدمت السلطات على عزل القناة من القمر الاصطناعي - نايل سات لكن هذا السلوك جاء بنتائج عكسية ومنح الجزيرة اهتمامًا مضافًا من قبل المشاهدين والمتظاهرين الذين سرعان ما بادروا إلى إعادة البث عبر ترددات القناة الجديدة ونصب شاشات كبيرة في مواقع الاعتصام وساحات التجمع.

إن الخطاب المرئي هنا قد تجاوز حدود الحيادية تمامًا وانحاز إلى صفوف الثائرين واتفق مع مطالبهم، حيث أفرزت المعطيات والتحليلات في الخطاب الإعلامي دور الشعب وقوته في مقارعة الأنظمة التي أخذت تضعف وتتراجع أمام زحف الجماهير، هنا كان الخطاب المرئي في حالة أداء عالية وبقدرات تعبيرية هائلة، صارت الصورة أكثر وضوحا والصوت أكثر قدرة على الوضوح بعد أن كان حياديًا ومرمزًا وإيحائيًا فحسب.وإذا تجاوزنا الخطاب المرئي العربي وانتقلنا إلى الخطاب المرئي الغربي، نجده لم يكن بالمستوى ذاته في متابعة الحدث، ومعظم ما كان يبث يأتي لاحقًا للحدث وليس مواكبًا له، وحتى بالنسبة للتعليقات وتصريحات المسئولين الغربيين، كانت تصدر من خلال بوصلة المراقبة لطرفي الصراع، وينتظرون أين تميل الكفة إلا باستثناء بعض التصريحات التي كانت أكثر وضوحًا وانتماءً لإرادات الشعوب، وهذا ما لمسناه من خلال تصريحات المسئولين الفرنسيين، أو من خلال نداءات ممثلي منظمات حقوق الإنسان.

التغطية الإعلامية بعد سقوط الأنظمة الحاكمة

إثر تحقق الثورات وسقوط الأنظمة الحاكمة والانتقال إلى مرحلة تالية، شهد الخط البياني للتغطية الإعلامية في الخطاب المرئي تراجعًا ملحوظًا حيث انخفض مستوى المتابعة وتم اختصار مدة التغطية من وقت البث العام إلى أدنى مستوى، ما أدى إلى حالة شبه انقطاع للمستجدات وتفاصيل ما بعد الأزمة. إن تحقق عملية التغيير وسقوط الأنظمة الحاكمة ليس نهاية المطاف بل المرحلة الأكثر أهمية (لأن الثورة هي مجرد بداية لمرحلة كاملة في إعادة البناء، لكن إعلامنا المرئي كان مهتمًا بالأقل أهمية وليس الأهم). حيث إن الإعلام هنا ينبغي أن يكون أكثر فعالية نتيجة الفرص الجديدة المتاحة وتوافر عامل الأمان إلى جانب متابعة تطورات الأحداث، وتقديم البرامج والخطط التي ستكون بديلاً في المرحلة المقبلة، لاسيما في ما يتعلق بكشف البرامج التي تقدمها الأحزاب أو الشخصيات التي ساهمت بكفاءة في عملية التغيير، ليكون دورها واضحًا أمام الجماهير كي لا تحصل خروقات ويتسلم مقاليد السلطة ممن لايستحقون ذلك، أو من ذوي الكفاءات المتدنية وهنا ستنكفئ الثورة وتعود إلى خط البداية.

أما بالنسبة للإعلام الرسمي للدول التي نجحت فيها الثورات فنجده سرعان ما ينقلب من حالة الدفاع عن النظام إلى مدافع عن الثورة ومكتسباتها بغية التكييف مع سلطة الثورة، فهو إعلام سلطوي يعبر عن مصالح من سيقود، وهذه تكاد تكون سمة عامة لإعلامنا الرسمي العربي وإشكالية كبرى من إشكاليات الإعلام.

إشكاليات الإعلام العربي

إن حجم الإشكاليات التي يعانيها الإعلام العربي يستدعي منا وقفة موضوعية وفهمًا عميقًا لواقعنا من الداخل، وإعادة نظر بمجمل القراءات السياسية لخطابنا الإعلامي، بغية تأشير مواضع الخلل ودراسة الظاهرة وتحديد أسباب تعثرها والعمل على وضع الشروط الكفيلة بإعادة ربط هذا الخطاب بالمجتمع، وتنظيم علاقته مع النظام السياسي الجديد والمنظومة التشريعية وملكية وسائل الاتصال، إضافة إلى إيجاد سبل النهوض الحقيقية له وإعادة الثقة بينه وبين متلقيه من خلال اعتماد البرامج والأفكار الجديدة، والحرص على تحلي الخطاب الجديد بالتعبير عن حاجات الجمهور كونه الفاعل الحقيقي في صنع أحداث الثورات، لذا على الإعلام إيصال المعلومة الصادقة الملتزمة بقضاياه وهمومه وآماله، بعيدًا عن الصيغ التقليدية أو التضليلية والانحيازية في توجيه الخطاب وبمستوى من المهنية العالية للعمل الإعلامي والراي الحر.

إن الأزمات التي تحدث هي أشبه باختبارات لتقييم أداء الإعلام ووضعه أمام تحديات مستمرة لإعادة الثقة مع المتلقي من خلال الممارسة الإعلامية لتقديم رسالة تتسم بالمصداقية والمهنية والحيادية.

فلا سبيل للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي بعد الثورة دون إصلاح للإعلام وتغير منهجيته وأساليبه وأهدافه بما يبلور خطابًا جادًا وصادقًا يسعى لتحقيق التوازن المطلوب، ويكون مؤهلاً لإقامة حوار متكافئ ومنسجم مع الواقع الجديد ونواميسه.

إزاء هذا الواقع ولمواجهة التحديات التي تحدق بنا لابد من الاعتراف بقصور سياساتنا الإعلامية العربية بالرغم مما قدمه الإعلام من مبادرات ومساهمات شكلت حضورًا لافتًا لكن بنسبة قليلة وممثلة ببعض القنوات المعروفة في مستوى مهنيتها وحجم انتشارها، ومادام العالم العربي يشهد التواصل في الأزمات وهي ميزة المجتمعات الدينامية الساعية نحو التغيير ومواكبة البلدان المتحضرة في البناء والتقدم والتنمية الشاملة، يكون من الضروري تأشير مواضع الخلل, تلك التي أفقدت خطابنا الإعلامي العربي عناصر الحضور والمواجهة والقوة والتأثير والمنافسة ودفعت به لمزيد من التراجع والتخلف أمام عصر اتصالي يتطور، وواقع كل شيء فيه يتغير وبسرعة فائقة.

* كاتب عراقي مقيم في السويد.

حسين الأنصاري مجلة العربي اكتوبر 2012

تقييم المقال: 1 ... 10

info@3rbi.info 2016