مختارات من:

لقاء العربي

رئيس التحرير

الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
نحن من أقرب الناس لشعب العراق..
نتألم له ونشاركه معاناته

الحديث مع الشيخ صباح الأحمد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية ليس حديثا عاديا، فهو يعد بحق شاهدا على فترة طويلة من الزمن العربي تولى فيها المسئولية وكان دائما في بؤرة أحداثها، لا على المستوى المحلي فقط، ولكن على المستويين العربي والدولي أىضا. ووسط هذه الأحداث المضطربة كان هو دوما صوت العقل الذي يغلب الحكمة على الانفعال الوقتي، وينظر إلى العلاقات السياسية والإنسانية بعواقبها المستقبلية وليس بمعطياتها الآنية. ويمكن القول إن السياسة الخارجية الكويتية قد اكتسبت سمعتها ومصداقيتها بفضل هذا الرجل الذي كان حسه الوطني هو دافعه الأول، ومشاعره العربية هي التي حددت فلسفته. فقد قام دوما بدور المطفئ الأول لأغلب الحرائق التي أشعلتها الخلافات العربية. وعندما اشتعلت النار في البيت الكويتي نفسه في أغسطس من عام 1990 ظل متمسكا بعروبته، ومدركا أن هذا هو ثمن الدور الطليعي الذي قامت به الكويت دوما. من العسير أن تحافظ على ديمقراطيتك وانفتاحك واستنارتك، وأن تجاور أنظمة تنكر أبسط حقوق الإنسان.

لقد بدأ الشيخ صباح الأحمد حياته السياسية منذ عام 1954 عندما عين عضوا باللجنة التنفيذية العليا التي عهد إليها مهمة تنظيم مصالح دوائر الدولة. وقد بدأت منذ ذلك الوقت رحلة صعوده في مناصب الدولة المختلفة فشغل منصب رئيس دائرة المطبوعات والنشر عام 54، ثم تولى وزارة الإرشاد والأنباء عام 61، إلى أن استقر في منصبه وزيرا للخارجية منذ عام 1963، وقد شغل بجانبه العديد من المناصب. وبعد تحرير دولة الكويت عام 1991 عين نائبا اول لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للخارجية .

وقد ارتبط اسمه كما قلنا بمسيرة الكويت السياسية، وهو بحق ابن تجربتها الديمقراطية، وقد ساهم في إبراز مجلس التعاون الخليجي إلى حيز الوجود وحمل صوت الكويت المتوازن إلى المحافل الدولية، ووقف دائما مع الدول الضعيفة من أجل نصرتها ماديا ومعنويا، ولم يفقد الأمل أبداً في عودة العمل العربي الجماعي من أجل صنع مستقبل أفضل لكل العرب. وقد أدلى لـ (العربي) بهذا الحديث المهم بمناسبة مرور عقد كامل من الزمن على ذكرى الغزو العراقي. وقد ركز فيه، كما سوف نرى، على دروس المستقبل وليس على استعادة الماضي.

بعد عشر سنوات من الغزو العراقي لدولة الكويت، كيف اجتازت الكويت مرحلة القطيعة مع بعض الدول العربية؟ وما آفاق المرحلة المستقبلية للتعاون مع تلك الدول؟
ـ لم تكن هناك قطيعة بين الكويت وبعض الدول العربية، وإنما كانت هناك مواقف لتلك الدول أثناء فترة الاحتلال العراقي الغاشم لدولة الكويت غير منسجمة مع الوقفة العربية الحازمة في رفض العدوان العراقي، الذي مثل خرقاً فاضحاً لميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك وانتهاكاً سافراً للأعراف والمواثيق الدولية، وخاصة ميثاق الأمم المتحدة الذي يرفض رفضاً قاطعاً مبدأ العدوان واحتلال أراضي الغير بالقوة.

ولكن إيمانا من الكويت بوحدة الصف العربي، فقد استجابت لما بدر من تلك الدول من مواقف وخطوات اعتبرتها الكويت إيجابية تصب في مصلحة كل الأطراف، وتحقق آمال وأماني شعوب الأمة العربية في الاستقرار والتنمية والازدهار، وهو الهدف الذي نصبو إليه جميعاً.

أنا دائما متفائل ولست من الناس المتشائمين، لكن كل ما نبغيه سواء من العراق أو من العالم العربي هو أن يولوا اهتماما فيما يتعلق بالأسرى والمرتهنين وفيما يتعلق بأملاك دولة الكويت وتعويضات الحرب.. هذا مهم جدا، بالإضافة إلى احترام الإرادة الدولية، أما فيما يتعلق بشعب العراق فنحن من أقرب الناس لشعب العراق، وليس هناك فيما بيننا وبين الشعب العراقي أي خلاف بقدر ما هو خلاف مع النظام العراقي. والخلاف مع النظام العراقي ليس بين العراق والكويت فقط بل بين الشعب العراقي والنظام العراقي أيضا، فلذلك دعونا نتفاءل ولا نتشاءم وسوف يأتي اليوم الذي يعترفون فيه بخطئهم ويعتبرون من ذلك الخطأ، وسيأتي الوقت الذي ستسوى فيه كل الأمور إن شاء الله لما فيه خير العرب أجمعين.

بصفتكم عميداً للدبلوماسية العربية وقد عاصرتم قيام وسقوط العديد من الأنظمة، كيف ترون مستقبل العلاقات العربية ـ العربية بعد أن أنهكت من كثرة الخلافات والحروب الجانبية؟
ـ إن مستقبل العلاقات العربية ـ العربية يرتكز أساسا على الثقة المتبادلة بين الدول العربية.

ولاشك في أن العلاقات العربية ـ العربية قد مرت بفترات صعبة وأنهكت من كثرة الخلافات، الأمر الذي أدى إلى تشرذم الأمة العربية وضعفها وفقدان مكانتها الطليعية بين الأمم، وضياع الكثير من حقوقها نتيجة لهذا الضعف والتشتت في صفوفها. إن الأمر الطبيعي هو التلاحم وبناء الثقة بين أبناء الأمة العربية وقياداتها وخلق آليات جديدة تعمل وفق أسس حضارية وعلمية، ترتكز في مفهومها على ما يحيط بها من تطور سريع وتعاون جماعي بعيداً عن الأنانية والفردية، حيث إنه لا مكان في عالم اليوم للدول الصغيرة، وإنما التكتلات والكيانات الكبيرة هي سيدة الموقف.

ماذا عن الجامعة العربية وميثاق الشرف العربي الذي يمنع الدول العربية من اعتداء بعضها على البعض الآخر، لقد فشلت بنود هذا الميثاق حتى الآن، فهل هناك من رؤية كويتية تعيد لهذا الميثاق روحه وفاعليته أو تطرح بديلاً له؟ وكيف يمكن تفعيل نظام الأمن العربي ـ العربي؟
ـ لقد جاء مشروع ميثاق الشرف العربي كمقترح من فخامة الرئيس حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية وذلك ضمن خطاب ألقاه في الجامعة العربية في احتفالها بمرور 50 عاما على تأسيسها.

ولقد لاقى هذا الطرح وهذا المقترح قبولاً واستحساناً من جميع الدول العربية وأدرج ضمن بنود جدول أعمال اجتماعات الجامعة، وقد أحيل إلى لجنة مختصة لصياغته وعرضه على مجلس الجامعة لإقراره ولايزال هذا الموضوع يلقى قبولاً وتأييدا من الدول العربية. أما نظام الأمن العربي ـ العربي فهذا موضوع لابد من بحثه على أسس ثابتة وقناعات بأن نظام الأمن القومي العربي يجب أن يحترم وأن يصان من كل الدول العربية، وان تكون آلياته وبنوده واضحة لمعاقبة من يخرج على هذه الأسس وتلك الضوابط، وأن تكون هناك عقوبات رادعة لكل من يخالف بنود هذا النظام.

والكويت التي ذاقت مرارة الاحتلال وعانت من الغزو العراقي الغاشم، لا يمكن لها إلا أن تكون مؤيدة بل وفاعلة في دعم مثل هذا النظام الذي يشكل دعماً وقوة للأمة العربية.

إعادة الصفو العربي

هناك دعوات عربية للمصالحة تعتقد أنه إذا حدثت مصالحة عراقية ـ كويتية، فسوف تحل مشكلة التضامن العربي المفقود وتساعد على تنشيط العمل العربي، ما رؤيتكم لمثل هذه الدعوات؟
ـ إن الدعوات العربية الصادقة للمصالحة انطلقت أساساً من حرصها على لم الشمل وتوحيد صفوف الأمة العربية، وفي نفس الوقت حددت مواطن الخلل في تلك الصفوف، حيث أكدت أن مبدأ المصارحة في تحديد مسئولية المتسبب في إحداث هذا الشرخ في صفوف الأمة العربية واحترام كل المواثيق والاعراف الدولية والعربية واحترام سيادة كل دولة وعدم التدخل في شئونها الداخلية هو الأساس والمرتكز لإعادة صفو العلاقات العربية ـ العربية.

إن العراق هو من قام بالاعتداء على دولة الكويت في سابقة لم يشهدها تاريخ الأمة العربية، فقد ارتكب جريمته النكراء بغزوه واحتلاله لدولة الكويت متنكراً لكل الأعراف ومبادئ حسن الجوار والأخوة العربية، كل ذلك أدى إلى تفريق وتمزيق الأمة العربية مما أدى إلى تأخرها وتراجعها وتخلفها لعشرات من السنين وهدر أموالها وطاقاتها التي كان من المفترض أن توجه إلى التنمية والبناء بدلاً من آلة الحرب والاعتداء.

واستمرارا لما ارتكبه من عمل اجرامي في حق الكويت وشعبها، فإنه لايزال يرفض تطبيق وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بعدوانه على دولة الكويت والتي وافق عليها، كما أنه لايزال يهدد الأمن والسلامة الإقليميين للمنطقة وذلك من خلال تحديه لتلك القرارات وتهديداته المستمرة لجيرانه وعدم الكف عن استفزازاته المستمرة لدولة الكويت.

إن المتتبع لهذا النهج العراقي لا يمكن له أن يثق بهذا النظام الذي فقد مصداقيته في التعامل، سواء في محيطه العربي أو على المستوى الدولي.

الكويت ليست عقبة

يركز النظام العراقي جهوده الإعلامية على اظهار الكويت وكأنها هي الـعقبة أمام عودة التضامن العربي وعقد مؤتمر القمة العربية، فما حقيقة هذه الادعاءات؟ وما موقف الكويت من عقد هذه القمة؟
ـ لم تكن الكويت في يوم من الأيام عقبة في طريق التضامن العربي ولم ترفض على الإطلاق المشاركة في أي قمة عربية تعقد، بل على العكس من ذلك فقد شاركت الكويت في آخر قمة عربية استثنائية عقدت في القاهرة في يونيو 1999م. ولقد أكدت الكويت في أكثر من مناسبة استعدادها للمشاركة في أي قمة عربية يتم الاتفاق على عقدها.

إن الحقيقة المرة هي أن العقبة في عودة التضامن العربي هو العراق نفسه، والذي سبق ان أشرنا إلى نهجه الخارج عن سلوكيات المجتمع المتحضر ورفضه كل المبادرات سواء العربية أو الدولية للانصياع وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.

هناك اتهامات أخرى من النظام العراقي بأن الكويت هي سبب الحصار عليه وأنها هي المستفيد منه، فما ردكم على هذه الاتهامات وهل هناك مخاوف كويتية وخليجية من رفع الحصار عن العراق؟
ـ لقد جاء فرض العقوبات الاقتصادية من مجلس الأمن نتيجة لما قام به العراق من عدوان على دولة الكويت وغزوها في الثاني من أغسطس 1990م ورفضه الانصياع لقرارات الشرعية الدولية وتنفيذها، ولقد أكدت جميع القرارات الصادرة عن اجتماعات دول مجلس التعاون، سواء على مستوى القمة أو وزراء الخارجية، وكذلك قرارات اجتماعات دول اعلان دمشق أن الحكومة العراقية هي المسئولة عن معاناة الشعب العراقي وذلك برفضها تنفيذ قرارات الشرعية الدولية.

إن العالم يعرف تمام المعرفة أن النظام العراقي هو المسئول الأول عن إطالة أمد معاناة شعبه، لأنه هو المتسبب في هذه المعاناة كما أنه هو المستفيد ـ مع الأسف ـ من هذا الوضع.

وإننا نود تأكيد أن الكويت متألمة وتشارك الشعب العراقي معاناته، كما أنها في طليعة الدول التي قامت بإيصال معونات للشعب العراقي، سواء في الشمال أو الجنوب، من خلال جمعية الهلال الأحمر الكويتي وبعض المنظمات الدولية، وذلك حرصا منها على سلامة الشعب العراقي، كما أن الكويت مع شقيقاتها دول مجلس التعاون أكدت في كل البيانات حرصها على وحدة العراق وسلامته الإقليمية.

ما الأسس التي تضعها الكويت نصب عينيها قبل عودة العلاقات مع النظام العراقي؟ وهل هناك ضمانات أمنية تطلبها الكويت بحيث تمنع تكرار ما حدث؟
ـ لقد أشرنا في مناسبات كثيرة إلى أن الكويت لا يمكن لها التعامل مع هذا النظام وبالتالي فإن الحديث عن ضمانات أمنية في ظل وجود مثل هذا النظام فاقد المصداقية يعتبر حديثاً يفتقد الموضوعية وبعيداً كل البعد عن الواقعية.

نظام عربي رادع

كيف تتصورون امكان وضع نظام رادع لكل من يخترق الأمن العربي ـ العربي حتى لا يتكرر مستقبلا ما حدث من النظام العراقي تجاه الكويت؟
ـ إن الحديث عن وضع نظام عربي رادع أمر مطلوب بل ومتفق عليه من خلال اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وأنه ليس من المتصور ولا من المعقول على الإطلاق أن يعتدي أي بلد عربي على شقيقه العربي.

وإن ما حدث في الثاني من أغسطس 1990 بارتكاب العراق جريمته ضد الكويت يعتبر أمراً خطيراً وانتهاكا لكل الأعراف والقيم العربية والمبادئ السامية التي تدعو إليها الدول العربية.

نحن والجامعة العربية

بعد عشر سنوات، كيف ترون أداء الجامعة العربية الآن، وهل استطاعت أن تقوم بدورها في لم الشمل العربي وتضميد الجراح التي سببها الغزو، وهل مازالت صيغة الجامعة العربية صالحة لتفعيل العمل العربي المشترك اقتصادياً وثقافياً وسياسياً؟
ـ لاشك في أن الجامعة العربية تقوم بدور فعال وأساسي في لم الشمل والمحافظة على وحدة الصف العربي، وأنها تشكل مرتكزاً أساسياً في توحيد وجهات النظر العربية، وتشكل مرآة عاكسة لآمال وتطلعات أبناء الأمة العربية من خلال هذه المؤسسة، حيث قامت منذ أكثر من 50 عاماً ولاتزال تؤدي دورها الفعال والفاعل لضمان مسيرة العمل العربي المشترك.

ولكن طبيعة الأمور ومتغيرات الأحداث على الساحة الدولية تتطلب منا جميعاً دعم كل الجهود التي من شأنها تفعيل دور الجامعة، لدفع مسيرتها إلى الأمام نحو الأفضل، خدمة لمصالح الأمة العربية التي تتولى مؤسسات الجامعة العربية مسئولياتها.

وفي هذا الصدد لابد من الإشادة بالجهود الصادقة والحثيثة التي يبذلها معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية د. عصمت عبدالمجيد، والتي تهدف إلى تعزيز العمل العربي المشترك من أجل تحقيق ما نصبو إليه جميعاً من رفعة.

نحو مزيد من الديمقراطية

الصيغة الديمقراطية التي تحكم العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة الكويتي هي صيغة فريدة من نوعها على مستوى دول الخليج العربي، بل والعديد من الدول العربية. هل ترضي هذه الصيغة طموحاتكم؟ وكيف يمكن تطويرها بعيداً عن الأزمات؟
ـ لقد خطت الكويت خطوات نحو الديمقراطية، وذلك من خلال صياغة الدستور الكويتي والذي تحكم مواده وبنوده العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة، ويحدد ضمن مواده العلاقة بين السلطات واختصاصاتها. وقد بدأت الكويت مسيرتها الديمقراطية في ظروف داخلية وخارجية تختلف عما نمر به في وقتنا الحاضر من متغيرات على الساحتين العربية والدولية، وبالتالي فإن النهج الديمقراطي، الذي عاشته الكويت في تاريخها قبل قيام مجلس الأمة وصياغة الدستور، أهلها لأن تخطو خطواتها الأولى بكل ثقة واطمئنان، وأن ما يعتري التجربة البرلمانية من أخطاء في فترات مختلفة ليس عيبا في الديمقراطية كنظام، وإنما من خلال التطبيق والممارسات الخارجة عن اطار الفهم الديمقراطي ضمن مؤسسات مجلس الأمة.

الديمقراطية في الكويت على أبواب الأربعين عاماً من عمرها، كيف ترونها؟
ـ الإجابة عن هذا السؤال تقتضي منا الرجوع إلى تاريخ ما قبل 40 عاماً، حيث كانت الكويت تعيش في ظل أجواء الحرية والتعبير عن الرأي واحترام الرأي الآخر، وكل ذلك كان من خلال إدارة الدولة لمؤسساتها في ذلك الوقت بطريقة ديمقراطية تعكس رغبة الشعب الكويتي في اختيار من يمثله في ادارة تلك المؤسسات، فقد كان لكل قطاع في الدولة مجلس منتخب يدير ويتحمل مسئولية ذلك القطاع، فالتعليم كان يدار بما يسمى بمجلس المعارف، والبلدية تدار بما كان يعرف بمجلس البلدية، وكذلك الصحة والأوقاف، كل هذه المؤسسات كانت تدار من خلال هذه المجالس المنتخبة، الأمر الذي يؤكد أن الديمقراطية في الكويت لم تكن وليدة الساعة، بل كانت متجذرة في تاريخها.

حقوق المرأة السياسية

أثار عدم حصول المرسوم الأميري الخاص بمنح المرأة حقوقها السياسية على الأغلبية في مجلس الأمة جدلاً واسعاً، فكيف ترون الوسيلة المناسبة لدمج المرأة في العملية الديمقراطية؟
ـ عندما أصدر صاحب السمو الأمير، حفظه الله، المرسوم بقانون لإعطاء المرأة الكويتية حقوقها السياسية في الانتخاب والترشيح لعضوية مجلس الأمة كان سموه ينطلق من واقع تقديره للدور الكبير الذي قامت به المرأة الكويتية ماضيا وحاضرا في خدمة وطننا العزيز، والإسهام في التضحية في الدفاع عن سيادته واستقلاله، والذي تجلى خلال فترة الاحتلال العراقي البغيض حيث ضربت المرأة الكويتية أروع أمثلة التضحية والفداء.

وعندما عرض هذا المرسوم على مجلس الأمة للتصويت عليه فقد كنا نتوقع أن يحظى بالموافقة، إلا أنه لم ينجح بفارق صوت واحد وهو ما يشير إلى أن عددا كبيرا من السادة أعضاء المجلس يؤيدون إعطاء المرأة حقوقها السياسية .

والحكومة تفكر جادة بإعادة طرح هذا الموضوع على المجلس عندما تتهيأ الظروف المناسبة لذلك.

ولاشك أن المرأة الكويتية وبما هي عليه من مستوى عال من التعليم والثقافة والمعرفة جديرة بأن تنال كامل حقوقها السياسية، وسنقف إلى جانبها مساندين ومعاضدين.

في ظل نظام التعددية الذي يعيشه العالم أجمع ـ والمجتمع الكويتي من ضمنه ـ هل هناك امكان لقيام أحزاب سياسية مستقلة كصيغة متطورة من التيارات السياسية الموجودة بالفعل على الساحة الكويتية؟
ـ لا أعتقد أن هناك حاجة ماسة حاليا لقيام أحزاب سياسية في مجتمع صغير يعيش كأسرة واحدة متحابة تجمعه محبة الكويت والحفاظ عليها، حيث إن وجود مثل هذه الأحزاب السياسية قد يكون مدعاة للاختلاف والتناحر والانقسام بين صفوفه، ولا يعني ذلك بالطبع عدم وجود تعددية سياسية في بلد ديمقراطي كالكويت، حيث إن ذلك أمر طبيعي.

ضرورة مجلة العربي

مجلة العربي، التي نشأت برعايتك وقيادتك وبعد هذه السنين من عمرها، أصبحت تحظى بصدى واسع وأهمية كبيرة في العالم العربي والإسلامي، وتحظى بمتابعة متزايدة من قرائها، في كل مكان وهي الآن توزع في إيران وباكستان، ولدينا طلبات كثيرة لتوسيع أماكن توزيعها في الدول الإسلامية والمناطق البعيدة في أمريكا وكندا وأوربا وغيرها من دول العالم التي تعيش فيها جاليات ذات اصول عربية كيف تراها اليوم؟
ـ أود هنا وبهذه المناسبة أن أسجل شكري أولاً للسيد بدر الخالد الذي عمل معنا في إدارة المطبوعات والنشر في الخمسينيات، ثم وكيلا لوزارة الإعلام في بداية الستينيات، متمنيا له الصحة وطول العمر، وقد كان له دور بارز عندما بدأنا نفكر في إصدار العربي، كمجلة تكون للعالم العربي، فيها الثقافة والموضوعات التي يحتاج إليها القارئ العربي ويسعى للحصول عليها، كالعلوم الحديثة والموضوعات التي تعرف بالعالم العربي والعالم من حولنا في جميع الموضوعات.

وقد وقع اختيارنا على المرحوم الدكتور أحمد زكي، وترأس تحريرها فترة طويلة إلى أن انتقل إلى رحمة الله، ثم اخترنا المرحوم الأستاذ أحمد بهاء الدين، وقضى أىضا فيها فترة طويلة ثم جاء بعدهما الدكتور محمد الرميحي، ونحن آمنا بضرورة وجود واستمرار مجلة العربي، لأننا وجدنا كيف تعلق بها العرب وأصبحت تصلنا يوميا اتصالات من جميع أنحاء العالم العربي تطلبها وتتحدث عنها وما ينشر فيها، فزاد اهتمامنا بها، ونرى أن أهميتها إلى الآن في ازدياد، ونحن حريصون على استمرارها ودعمها، وبوجودك الآن على رأسها نتمنى أن توفق في قيادتها وتسويقها أكثر لمزيد من الانتشار وتوصيل خدماتها للقراء العرب، فنحن لا نسعى ـ منذ أنشأناها ـ لتحقيق مكاسب مادية من ورائها، إنما الهدف كان ولا يزال هو خدمة نقدمها للقراء العرب خالصة لوجه الله.

أنا وهواية الصيد

صيد السمك، هواية اشتهرت بها منذ زمن بعيد، هل مازلت تزاولها؟
ـ هذه هواية قديمة محببة لي كثيرا، وأزاولها حسب ما تسمح به ظروف المسئولية وانشغالات العمل، وفي السابق كنت أذهب إلى الصومال كلما سنحت الفرصة وأزاول هناك هوايتي المفضلة صيد السمك، وكذا القنص البري. لكن الأحداث التي مرت بالشقيقة الصومال في السنوات الأخيرة حالت دون الاستمرار في مزاولة هذه الهواية هناك، بسبب الأحداث العنيفة التي وقعت بين الفصائل المتحاربة.

ومع ذلك أدعو الله أن يهدي جميع الأطراف المتنازعة في الصومال للتصالح وأن يتفقوا على ما فيه الصالح العام، ويعيدوا بناء ما تهدم، ولا يهم كثيرا ما ضاع، فكل شيء قابل لإعادة البناء بالعمل، وتعويض ما فات.

بعدها انتقلت إلى منطقة هادئة جدا وهي تبعد حوالي أربع ساعات عن مدينة صلالة في سلطنة عمان، ويتمتع المكان بجماله وهدوئه التام بعيدا عن السكان، وأزاول هوايتي في صيد السمك براحة تامة خلال الأيام القليلة التي يتاح لي فيها الذهاب إلى هناك بعيدا عن مسئوليات العمل اليومية، وأنقطع تماما حتى عن سماع الراديو أو قراءة الصحف.. ولا يربطني ببلدي والعالم وسيلة اتصال إلا جهاز الهاتف.

وبهذه المناسبة أتقدم بشكري وتقديري لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، لرعايته لنا هناك، ولكل الإخوة المسئولين في صلالة وولاية ظفار على ما يقدمونه لنا من مساعدة ورعاية وحضورهم دائما معنا هناك.

ما علاقة صيد السمك بالعمل الدبلوماسي ومسئولياتك السياسية الواسعة؟
ـ كما أشرت هواية صيد السمك تبعدني عن صخب المسئوليات اليومية، وتوفر لي حالة من الراحة والهدوء وتريح ذهني وأنقطع تماما عن العالم من حولنا لأيام معدودة لا تتجاوز بأي حال الأسبوعين من كل عام، وغالبا ما تأتي بعد شهر رمضان المبارك.

إنها فترة قصيرة، هل تراها كافية كفترة راحة واستجمام بعد عمل عام كامل متواصل؟
ـ هذا ما تسمح به المسئوليات، بالإضافة إلى حضوري سنوياً اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أجد فيها قليلا من تخفيف ضغط المسئولية اليومية.

في ختام هذا اللقاء، الذي اقتنصناه من بين ازدحام أوقاتكم ومسئولياتكم الكبيرة، أعبر باسمي والعاملين في مجلة العربي عن سعادتنا البالغة بأن تحظى العربي وقراؤها بهذا اللقاء المهم، ونشكرك على اتاحة هذه الفرصة وندعو لك العلي القدير أن يديم عليك نعمة الصحة، ويمدك دائما بعونه وأنت تحمل ما تحمل من مسئوليات لخدمة الكويت وشعبها برعاية صاحب السمو أمير البلاد وسمو ولي عهده رئيس مجلس الوزراء.
ـ تمنياتنا للجميع وأدعو دائما إلى أن تتفاءلوا وتنظروا للمستقبل بعين الأمل، وكل الأمور ستسير إن شاء الله على أحسن ما يرام.

رئيس التحرير مجلة العربي اغسطس 2000

تقييم المقال: 1 ... 10

info@3rbi.info 2016