بين أنقاض البيوت المهدمة وأشجار الزيتون المحترقة يعيش الجنوب اللبناني مأساة النزيف المستمر، لقد تعودوا على الحياة تحت وطأة الخطر، على الرغم من أن العدو الإسرائيلي لم يكف عن شراسته، كانوا يدركون أن هدفه الأساسي هو اقتلاعهم من هذه الأرض، لذا فقد ظلوا قابضين على ترابها كالقابض على الجمر.
جبل عامل هذا الاسم الذي اشتهرت به هذه البقعة من أرض لبنان، يشدك إليه جماله المتواضع، وتأسر ك سمة الخشوع في تلاله الهادئة الارتفاع، ووديانه القليلة الأعماق، ومنبسطاته المحدودة المدى، فلا عجب أن أصبح الاعتدال والتواضع سمة مميزة لهذا الجبل، انعكست على وجوه أهله قناعة وارتياحا، إلا أن هذا الجبل غامض التاريخ، منسي ومُهمل في مفاخر لبنان، وهو اليوم يجتاز أصعب ظروفه التاريخية التي تلحق مصيره، أو تمتحن وجوده، فقد كان هذا الجبل الطريق الذي عبرت منه وتفاعلت فيه أعرق حضارتين في الدنيا، وأوسعهما انتشارا على الأرض، وهما المسيحية والإسلام، فقد لعب دورا حضاريا بارزا ومميزا لفترات طويلة في الفكر والثقافة العربية الإسلامية.
يقول الأستاذ حسين شرف الدين وهو من الشخصيات الأدبية والفكرية في جبل عامل: أنجب جبل عامل العديد من العلماء الأعلام في الفقه والتشريع والفلسفة والعلوم، وبحكم تشّيع أبناء الجنوب فقد اتصل علماء جبل عامل بالحوزات العلمية في كل من الكوفة وإيران، وقد ترك هؤلاء العلماء آثارا جليلة في الفقه وعلم الأصول والفلك والرياضيات، تشكل جزءا لا يستهان به من التراث اللبناني، كما كانت لعلماء جبل عامل رحلات علمية مشهودة إلى الهند وحيدر آباد، حيث نالوا المكانة الرفيعة في العلم والحكم.
لقد كان نتاج الفكر العاملي متنوعا ومتعدد الموضوعات، فخلال عشرة قرون نبغ في جبل عامل أكثر من مائتي شخصية علمية فالفكر العاملي بذل وأعطى في دنيا الشعر والنثر وفي حقول الفقه والتشريع والفلسفة والمنطق والعلوم، وقد أسهم علماء جبل عامل إلى حد بعيد في حضارة الشرق ولم يحصروا نشاطهم في جبلهم ووطنهم فقط، بل انطلقوا إلى العراق وإيران وأفغانستان والهند ينشرون فيها اللغة العربية ويبثون شعرها ونثرها، ويتولون فيها أعلى المناصب.
أما في العصر الحديث فهناك مجموعة من العلماء نادوا بالوحدة الإسلامية وعلى رأسهم الإمام عبدالحسين شرف الدين صاحب كتاب "المراجعات"، الذي ناظر الشيخ سليم البشري عندما كان شيخا للأزهر عام 1917، وبعد هذه المناظرة كان له كتاب المراجعات، ثم سطّر كتابا أسماه "الفصول المهمة في تأليف الأمة"، وقد سمي بفقيه الوحدة بين المذاهب الإسلامية، وكذلك الشيخ محمد مهدي شمس الدين في دراسته التي قدمها عن الجوانب الأصولية فيما يقال في فقه الخلاف وفقه الاتفاق، ومن هذه المحاولات الوحدوية كذلك الرسالة التي خرجت من السيد موسى الصدر للمرحوم الشيخ حسن خالد مفتي الجمهورية اللبنانية يدعوه في كتاب مفصل ليبرز إمكان التوافق فيما بين الاجتهادات المختلفة.
هذا الجنوب الذي تقدر مساحته بنحو ألفى كيلو متر مربع، تعرض لاجتياحين إسرائيليين، كان الأول عام 1978، أما الثاني فكان عام 1982، أما الشريط الحدودي الذي تحتله إسرائيل منذ عام 1978، فيبلغ نحو ألف كيلو متر مربع، أي ما نسبته عشر مساحة لبنان، ويمتد هذا الشريط الحدودي، أو ما تطلق عليه إسرائيل الحزام الأمني من بلدة الناقورة على ساحل البحر مرورا بالقطاع الغربي حتى قرية عديسة ومنها إلى كفر كلا ومرجعيون وصولا إلى حاصبيا في القطاع الشرقي ثم صعودا إلى جبل الشيخ. ويتراوح عمق المنطقة المحتلة ما بين 5 كيلو مترات عند معبر الحمراء قرب بلدة الناقورة، و15 كيلو مترا في القطاعين الأوسط والشرقي، وحتى 40 كيلو مترا في منطقة جزين. ويتميز هذا الشريط الحدودي بجغرافيته الاستراتيجية، وقد حولتها القوات الإسرائيلية إلى مواقع عسكرية حصينة منها الشريفي والسويداء وعلي الطاهر والشومرية وقلعة الشقيف، أما القرى المحتلة التي تقع في الشريط الحدودي فهي قرى من قضاء صور، وقرى من قضاء بنت جبيل، وقرى من قضاء مرجعيون، وقرى من قضاء جزين، وقرى من قضاء حاصبيا، وقرى من قضاء النبطية وحتى قرى من قضاء صيدا، وبالإضافة إلى هذه القرى توجد في الشريط الحدودي أكثر من 75 مزرعة، وهي تجمعات سكنية تضم عشرات المنازل، ويعيش سكانها على الزراعة.
رحلة خطرة
وكان لا بد لنا أن نقترب من هذا الشريط الحدودي ونواجه خطوط التماس أو المواجهة حتى نعطي صورة صادقة لمعاناة أهالي هذه القرى، وكيف يعيشون تحت القصف المدفعي اليومي، فتوجهنا إلى مدينة النبطية بعد مرورنا بعدة نقاط تفتيش بعضها يتبع الجيش اللبناني والبعض الآخر يتبع القوات الدولية أو ما يعرف باليونيكوم، والنبطية مدينة تحيط بها المواقع الإسرائيلية المنتشرة على التلال، وتتعرض للقصف الدائم وخصوصا عندما يكون هناك وضع سياسي متوتر، وهي مركز المحافظة السادسة للبنان، ويتبعها قضاء حاصبيا، وقضاء مرجعيون، وقضاء بنت جبيل، وهذه الأقضية تقع الآن تحت الاحتلال الإسرائيلي، أو ضمن ما يسمى بالشريط الحدودي المحتل، ويتبع مدينة النبطية نحو 45 قرية تقع خارج الشريط الحدودي، لكن هناك أكثر من 15 قرية تابعة للنبطية تتعرض يوميا للقصف المدفعي الإسرائيلي، بل إن هناك قرى مثل قرية كفررمان وقرية تبنين يمر الشريط الحدودي وسطهما، والغريب أن نصف بيوت هاتين القريتين متهدم والنصف الآخر يعيش فيه المواطنون بثبات وصبر وأناة، تطلق إسرائيل عليهم النار فتقتل من تقتل وتجرح من تجرح، فيدفنون موتاهم، وفي اليوم التالي يخرجون إلى حقولهم وإلى أعمالهم بشكل طبيعي لأنهم يريدون أن يثبتوا للإسرائيليين ولكل العالم أنهم أصحاب حق وأصحاب الأرض وأن إسرائيل لابد أن تغادر المكان، ورافقنا في الرحلة المحفوفة بالمخاطر أحد أبناء النبطية، الذي يعرف الطرق والمسالك الآمنة، للوصول إلى قرى التماس أو المواجهة وهو الأستاذ حسن فقيه رئيس جمعية التنمية الاجتماعية والثقافية بالنبطية الذي قال: بداية أقول لكم إن الجولة التي سنقوم بها اليوم رحلة خطرة، ربما تحدث عملية مفاجئة على أحد المعابر، أو قد يكون هناك قصف مدفعي قد يصيب الطريق لا سمح الله. قلنا له: نحن مصممون على الاقتراب من قرى المواجهة لنصور معاناة أهالي هذه القرى. قال: توكلنا على الله، واقرأوا معى هذه الآية الكريمة قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا. صدق الله العظيم.
تسير بنا السيارة في طريقها إلى القرى المتاخمة للشريط الحدودي، عبر طريق شبه معبّد كثير المطبات. ونصل إلى قريتي زوطر الشرقية التي يسكنها نحو ستة آلاف نسمة، وزوطر الغربية التي يسكنها نحو أربعة آلاف نسمة، كنا نقف أمام موقع إسرائيلي يسمى موقع الشومرية، والمسافة التي تفصلنا عن الموقع لا تتجاوز 400 متر فقط، ويصعد زميلي المصور ليقوم بتصوير القرية والموقع الإسرائيلي ويختار أعلى مبنى في القرية، وفجأة تنطلق أصوات المدافع الإسرائيلية من الموقع المواجه للقرية، وتتعالى أصوات النساء والأطفال مذعورة تبحث عن ملجأ أو أي حائط تختبىء خلفه، ويصرخ مرافقنا في زميلي المصور: لقد شاهدك الإسرائيليون وأنت تصور، انزل من المبنى بأسرع وقت وإلا أصابتك قذيفة من قذائف العدو لعنه الله. فامتثل زميلي لصراخ المرافق وانضم معنا إلى البيت القروي، وقد استمر القصف المدفعي قرابة الدقيقتين، نزلت خلالهما أكثر من خمسين قذيفة.
يقول الحاج خليل أبوزيد وهو أحد مزارعي قرية زوطر: هذه حالنا مع إسرائيل، قصف مدفعي يومي أو شبه يومي، وأنا مزارع أعيل عشرة أفراد، وفي الكثير من الأحيان يقضي القصف العشوائي على مزروعاتي، وأنا مدين للناس، ومثلي من المزارعين الكثير الذين لا يستطيعون جني محاصيلهم، أو حتى الاقتراب منها، وإلا تعرضوا للمدافع الإسرائيلية، إن ثمار الزيتون والعنب والتين وجميع المحاصيل التي نزرعها لا نستطيع الاستفادة منها، لقد سقط من قريتنا هذه نحو عشرة شهداء أثناء محاولتهم جني المحصول، إن إسرائيل تقصف الجوامع والحسينيات ودور العبادة، وخصوصا أيام الجمع والأعياد، لأنهم يعرفون أن الناس يجتمعون في هذه الأمكنة لأداء صلواتهم، أو أثناء تشييعنا لأحد الموتى من أهالي القرية، لقد تهدمت مدرسة القرية جراء القصف، وطلابنا موزعون بين مدارس النبطية ومدارس أخرى في قرى بعيدة.
وفي طريق عودتنا إلى النبطية مررنا على قرية تبنين، التي يبلغ عدد سكانها نحو عشرة آلاف نسمة، معظمهم يمارسون الزراعة، وهذه القرية يمر فيها الشريط الحدودي، فهي مقسمة بين الإسرائيلين واللبنانيين، وبها نحو 60 منزلا مهدما كليا، ويشرف على هذه القرية موقع علي الطاهر الذي يتحكم فيه الإسرائيليون. يقول لنا الأستاذ حسن فقيه: إن الطريق الذي يمر بمحاذاة هذا الموقع يتعرض يوميا للقصف بشكل دائم ومستمر، والطريق الذي نسير فيه الآن لا يمكننا أن نسير فيه ليلا، وغالبا ما تستخدمه الطائرات المروحية الإسرائيلية للهجوم على أي سيارة مشتبه بها.
النبطية وزراعة التبغ
ويسكن النبطية ما يقرب من المائة ألف نسمة، وهناك نحو مائة ألف آخرين موزعون في شتى بقاع المعمورة، وخصوصا المغتربات الإفريقية، كما أن هناك اغترابا جنوبيا في دول الخليج العربي. يقول الأستاذ حسن فقيه: إن أهل الجنوب لا ينسون بلدانهم وقراهم فكل قرش يحصّله هذا المغترب يرسله إلى قريته أو مدينته ليحسن وضعها ويساعد أهله في إعمار ما تتلفه إسرائيل.
وفي النبطية مدارس لجميع المراحل بالإضافة إلى فرع للجامعة اللبنانية، وقبل سنوات قليلة كانت خدمات المنطقة شبه معدومة، إلا أن مجلس إنماء الجنوب يقدم الآن خدمات جليلة حيث يقوم بإصلاح الشبكة الكهربائية، وإصلاح الآبار الارتوازية التي يشرب منها الأهالي، ويعبدالطرقات، ويبذل جهودا كبيرة لتدعيم صمود المواطنين.
ومع أن زراعة الحمضيات والكروم والتفاح والزيتون هي أهم الزراعات المشهورة في الجنوب اللبناني، إلا أن زراعة التبغ لها صفة خاصة، وتحتل جانبا كبيرا من الدخل الفردي، ويقبل عليها الكثيرون، فهناك نحو ألفي مزارع يزرعون التبغ، بالإضافة إلى ألفين آخرين يقومون بتصنيعه ورعايته، ويصل إنتاج التبغ إلى نحو المليونين والنصف من الكيلوات الذي يصدر إلى الخارج، وقد أثرت سنوات الحرب سلبيا على هذه الزراعة، فبعد أن كان الإنتاج يصل إلى نحو عشرة ملايين كيلو جرام قبل الحرب انخفض الإنتاج إلى نحو 200 ألف كيلو فقط وعلى الرغم من أن زراعة التبغ تعد من الزراعات المرة، بمعنى أنها تحتاج إلى جهد كبير مضن، إلا أنها تدر أرباحا جيدة على أصحابها، وهناك خطة حكومية لإعادة تطوير هذه الزراعة باعتبارها عاملا من عوامل صمود أهل الجنوب.
حدثنا الأستاذ غازي زعيز محافظ النبطية قائلا: إن جنوب لبنان يعيش تحت احتلال غاشم يمارس فيه العدو الإسرائيلي كل أنواع الجرائم بحق الشعب اللبناني وأهل الجنوب بصورة مستمرة، وأعتقد أنكم عايشتم ولو للحظات هذه الممارسات اللا إنسانية، إن أهالي الجنوب يعيشون تحت وطأة الاحتلال كما يعيشون تحت وطأة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها لبنان.
فهم يواجهون هذه الأزمة أكثر من غيرهم لأنهم يعيشون هذه المرحلة الخطرة، وهذه الحالة من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، إنني أتقدم بتحية إكبار وإجلال لهذا الشعب البطل الذي يعيش على الرغم من كل هذه الظروف القاسية والاعتداءات الإسرائيلية، يعيش بعزة وإباء لمواجهة هذا الاحتلال عبر المقاومة البطلة التي تمارس حقها الطبيعي والمقدس.
جمعية التنمية الاجتماعية
في حالات الأزمات والكوارث والحروب وغياب السلطات الرسمية تبرز جمعيات ونواد يكون هدفها المساعدة وتقديم أعمال جليلة للمواطنين، ومن هذه الجمعيات التي برزت أثناء سنوات الحرب اللبنانية: جمعية التنمية الاجتماعية والثقافية في النبطية، ومن أهم أهدافها إنماء مدينة النبطية، ومساعدة المحتاجين والمعوزين، ثم التوجيه والإرشاد الاجتماعي والاهتمام بالشئون الصحية والثقافية، ومنذ انطلاقتها عام 1985 باشرت بإنشاء مستشفى مجاني يضم 75 سريرا لتأمين الدواء والطبابة لأهل الجنوب الذين لا يستطيعون ارتياد العيادات والمستشفيات الخاصة، كما قامت بدعم المستوصفات الموجودة في القرى، وفتح مستوصفات في قرى المواجهة، وقامت بدعم المؤسسات الرسمية والخاصة بما يلزمها من احتياجات لكي تستمر في تقديم الخدمات للمواطنين كمصلحة الكهرباء ومصلحة مياه نبع الطاسة، وتعاونية موظفي الدولة ودائرة النفوس، ودائرة تسجيل السيارات، كما قامت بشق عدد من الطرق الزراعية في عدد من قرى المنطقة، وتعبيد بعض طرق مدينة النبطية، ومن المشاريع الكبيرة التي تبنتها تأسيس الجمعية التعاونية الاشتراكية، التي أطلق عليها تعاونية الشهيد محمود فقيه، وكذلك الصيدلية التعاونية في النبطية، كما قامت الجمعية بتشييد خزان لمياه الشرب في قرية عدشيت، بالتعاون مع أهالي البلدة من أجل تأمين مياه الشرب، وغيرها من المشاريع الخيرية.
مجلس إنماء الجنوب
يعد الجنوب اللبناني هو خط المواجهة الأول مع العدو الإسرائيلى، ولذلك فإن أبناء الجنوب هم الذين يدفعون ثمن الاعتداءات المتكررة، فتهدم منازلهم على رءوسهم ويتعرضون للقتل والتشريد، ولقد لقي هذا الجنوب الكثير من الإهمال والنسيان من قبل الحكومات التي تعاقبت على لبنان، إلى أن قيّض الله لهذا الجنوب رجالا أيقنوا أن بقاء لبنان هو في دعم الجنوب وصموده أمام تعنت إسرائيل وصلفها، من هنا جاءت فكرة إنشاء وزارة خاصة بالجنوب تولى أمورها أحد رجال الجنوب الغيورين هو الأستاذ نبيه بري، ثم تحولت هذه الوزارة إلى مؤسسة كبيرة أطلق عليها "مجلس إنماء الجنوب"، هدفها تأمين مقومات الصمود أمام أطماع إسرائيل، فمن أهم أعمال مجلس إنماء الجنوب المباشرة ترميم وتعمير ما تهدمه إسرائيل من منازل أو مشاريع تخص البنية التحتية للمنطقة، وتعويض الأهالي ماديا عن الأضرار التي تلحق بهم نتيجة القصف اليومي.
وكان لنا لقاء مع الدكتور حسن يوسف رئيس مجلس إنماء الجنوب الذي يحمل هموم أهل الجنوب، سألناه أن يحدثنا عن حجم الدمار الذي أصاب البنية التحتية للجنوب نتيجة الغزو الإسرائيلي في تموز/ يوليو الماضي، فقال: إن الجنوب والبقاع الغربي يعيش حفلات إرهابية إسرائيلية بعدة أشكال، الشكل العادي وهو ما نسميه الحفلات اليومية، حيث تقوم إسرائيل بقصف وتدمير القرى الجنوبية، ويذهب نتيجة هذا العمل العديد من الشهداء والأطفال والممتلكات والبنية التحتية، وهناك ما نسميه بالحفلات الموسمية، وكانت الحفلة الأخيرة في شهر يوليو الماضى، فيما سمي بحرب السبعة أيام، وكانت هذه الحرب من أصعب الاجتياحات الإسرائيلية السابقة، فقد هجر أكثر من 350 ألف مواطن من الجنوب والبقاع الغربي ديارهم في يوم واحد، وكان هدف العملية تهجير الناس وإرباك السلطة السياسية، وتكبيد لبنان أكبر عدد ممكن من الخسائر حسب تصريحات قادة العدو الإسرائيلي.
أما على مستوى الترجمة الميدانية لنيران الإرهاب الإسرائيلي فقد تركت وراءها مئات الجرحى والمعاقين، وخلفت دمارا كبيرا على مستوى البنية التحتية في شبكة الكهرباء والمياه والمدارس والمؤسسات الرسمية.
ونسأل الدكتور حسن يوسف عن تأثير الاعتداءات الإسرائيلية على الإنتاج الزراعي والصناعي في الجنوب، ثم تأثير هذه الاعتداءات على الاستيراد والتصدير، فيجيبنا قائلا: الاحتلال الإسرائيلي للجنوب في حد ذاته يشكل عنصرا غير مساعد من النواحي الأمنية والسياسية والاقتصادية والتجارية، وهنا أريد أن أوضح أن الاحتلال لأي جزء من الجنوب يؤدي إلى حالة استعمار حقيقية لهذه المنطقة، كما يؤدي إلى فرض قيود على أهلنا، ويؤدي إلى عدم الاستفادة من ثرواتهم الزراعية أو الحيوانية، واستحالة إيجاد أي إمكانية صناعية، أما على المستوى الاجتماعي فأهلنا في الجنوب يعيشون حياة صعبة لأن المشروع الإسرائيلي يهدف إلى تهجيرهم من هذه المنطقة.
أطماع إسرائيل في مياه الجنوب
وكان سؤالنا الأخير للدكتور حسن يوسف عن حقيقة أطماع إسرائيل في مياه الجنوب وخاصة مياه نهر الليطاني؟ فأجابنا قائلا: هذا سؤال مهم، والحديث يطول فيه، إلا أنني أحاول أن أختصر، فأقول: إن أطماع إسرائيل في مياه الجنوب حقيقية وليست أطماعا وهمية، كما يدعي بعض الغيورين على مصالح إسرائيل!! فمصادر المياه موجودة في الأراضي اللبنانية بصورة أكثر وفرة نسبيا من تلك الموجودة في فلسطين المحتلة، ولما كانت إسرائيل لا تحترم أي شرعية لحقوق الإنسان، ولا تجد إلا أسلوب القوة حلا لمشاكلها فقد وضعت يدها على مياهنا، علما بأن هذه المياه لا تفي بحاجتنا، وكل كلام عدا ذلك هو ادعاء.
الزراعة
تؤكد الإحصاءات التي تصدرها الحكومة اللبنانية أن ثلث أهالي الجنوب يعملون بالزراعة، أما الذين يعيشون على الزراعة وخدماتها فهم نحو 70% من السكان، والجنوب من أهم مناطق الزراعة في لبنان، حيث تجود زراعة الحمضيات والكروم والتفاح والزيتون والموز، بالإضافة إلى زراعة الحبوب، إلا أن العدو الإسرائيلي يعمد إلى قصف المزارعين، وإطلاق القذائف الفوسفورية لإحراق المزروعات وخصوصا محصول القمح، وهو بهذه الأعمال الإجرامية يحاول أن يركع الشعب، ويضرب مورد رزقه واقتصادياته، لأنه يعرف أن الزراعة هي العمود الفقري للمنطقة، وهو يعتقد أنه بتجويع الناس يستطيع أن يركعهم وأن يمرر مخططاته ومؤامراته، ويعمد لإضافة إلى الاجتياحات اليومية المتكررة، والقصف المدفعي للمناطق الزراعية وخصوصا تلك التي تقع على خطوط المواجهة إلى توتير الجبهة أثناء فترة قطاف المحاصيل، وهو يمنع أهالي الجنوب من استغلال مياه نهر الليطاني في الري، فأي مشروع يتم في الجنوب فإن مصيره القصف المدفعي والتدمير، كما يقوم العدو الإسرائيلي بإغراق السوق بمحاصيله ومنتجاته الزراعية المدعومة في محاولة لضرب المنتجات الوطنية.
ونسأل الأستاذ محمد حروس رئيس نقابة الزراعيين في الجنوب عن العمل المضاد الذي تقوم به النقابة ضد الممارسات الإسرائيلية، فيجيب: إن الخطوة الأساسية هي مقاومة الاحتلال مهما كان الثمن، فقد بدأنا بتنبيه وإرشاد المزارعين والمواطنين إلى عدم شراء الإنتاج الإسرائيلي ومقاطعته تماما، وأن وطنيتنا وقوميتنا وديننا تحرم علينا التعامل مع العدو الإسرائيلي، وقد يندهش الإسرائيلي أن يجد أناسا يواجهون الاحتلال بالإعمار والبناء والزراعة والتمسك بالأرض، حتى لو خسرنا في إنتاجنا فيجب أن نعمر ونزرع، وعندما يجد العدو هذا العمل فسيشعر بأن هناك شعبا لا يقهر، ومن هذا المنطلق نطالب إخواننا في الإسلام والعروبة بأن يساعدونا في تصريف إنتاجنا الزراعي وأن يميزوه عن بقية المنتجات الأخرى التى تصلهم من بقية دول العالم حتى نستطيع الصمود في أرضنا.
ويضيف الأستاذ محمد حروس قائلا: إن نقابة الزراعيين تعد من أكبر النقابات في لبنان، ويقدر عدد المنتسبين لها بنحو 7500 عضو، أما الأضرار التى أصابت الزراعة أيام الغزو الإسرائيلي في تموز الماضي فقد كانت كبيرة، لقد خسر المزارعون موسما كاملا، فلم يستطيعوا أن يجنوا نتاج الموسم، وتركوا الثمار على الأشجار دون أن تقطف، كما ان هناك عددا كبيرا من المزارعين الذين أسروا أو قُتلوا، ويقدر عددهم بالمئات، بالإضافة إلى وجود عدد من العمال الزراعيين في المعتقلات الإسرائيلية.
ترجع مطامع إسرائيل في مياه لبنان إلى مطلع الخمسينيات، عندما خططت للاستيلاء على المياه العربية، سواء بتحويل روافد نهر الأردن، أو وضع اليد على المياه الجوفية في الضفة الغربية ومرتفعات الجولان، أو في العمل على تحويل مياه نهري الليطاني والوزاني، وتقول دراسة صادرة عن المؤتمر الدائم للحوار اللبناني: إذا كانت الحركة الصهيونية قد عرفت تيارات سياسية ودينية متباينة، إلا أن ثمة إجماعا لدى مختلف قادتها ومنظريها وساستها، على أن حاجة إسرائيل إلى المياه مسألة يتوقف عليها مصير الدولة العبرية نفسها، مما يوجب تلبيتها مهما كانت الأحوال والمترتبات، وتؤكد الأخبار أن الحكومة الإسرائيلية لن تتخلى عن منطقة الحزام الأمني الذي تحتله في جنوب لبنان ما لم تتلق تأكيدات بأنها ستحصل على حصتها من مياه نهر الليطاني.
يقول البروفسور توماس ناف أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة بنسلفانيا: إن هذه الأخبار والتصريحات الإعلامية، ومواقف إسرائيل في حالة التفاوض مع لبنان عندما تطرح مسألة الانسحاب من لبنان، ما هي إلا صدى لمواقف ترجع إلى بداية القرن عندما بدأ تيودور هرتزل وغيره من كبار دعاة الصهيونية الضغط بشكل جدي بضم نهري الليطاني والأولى إلى المناطق التي يفترض أن يقوم عليها الكيان الصهيوني.
مياه الجنوب مشكلة
ونهر الليطاني الذي يتمتع لبنان بالسيادة الكاملة عليه، يقع مجراه المائي بأكمله داخل حدود لبنان، وهو مصدر إغراء لإسرائيل، فهذا النهر يمتاز بكميات مياهه الوفيرة، إذ يقدر معدل تدفقه بنحو 920 مليون متر مكعب في السنة، كما يتميز نهر الليطاني بعذوبته مما يجعل مياهه صالحة لري أي نوع من المحاصيل، وقد جذب اجتماع هذين العنصرين مطامع إسرائيل التي طورت نظاما لاستخدام تدفق مياه الليطاني لرفد نهر الأردن ولتوليد الكهرباء كما أن هناك خطة يتم فيها الاستفادة من مياه الليطاني، وذلك عن طريق تحويل مياهه بواسطة قنوات وأنفاق وأنابيب اصطناعية لتزويد شمال إسرائيل بمياه الري والطاقة الكهربائية.
ومع بروز اتساع دائرة العمليات الحربية الإسرائيلية المياه في الجنوب، فمشروعات التنمية المائية التي كانت المنطقة في أمّس الحاجة إليها، قد توقفت أو أخذت تراوح مكانها، وانخفضت نسبة الزراعة المروية لبعض المحاصيل كالتبغ بنحو 60%، ومن المشاكل التى خلقتها إسرائيل أثناء اجتياحها للجنوب عام 1982 أنها قامت بتدمير شبكات المياه لمحطات منطقة صور، وخصوصا محطة رأس العين، فقد قصفت المحطة ودمرت بقصد تعطيش الناس وصد عزيمتهم عن الصمود، لترك المنطقة والنزوح إلى مناطق أخرى، إلا أن أهل الجنوب تحملوا الأذى والإرهاب وقرروا الصمود، فأخذوا يستعينون بمياه الآبار الجوفية والتجمعات القديمة، وقد قامت منظمة اليونيسيف مشكورة ببناء محطة رأس العين فقدمت عشر مضخات، وعن طريق المساعدات التي حصل عليها لبنان من بعض الدول تم بناء مشروع رأس العين وافتتح في نهاية شهر ديسمبر الماضي.
يقول الاستاذ قاسم غبريس رئيس الدائرة الفنية في مصلحة مياه صور: إن مشروع رأس العين يغذي نحو 45 قرية في منطقة الجنوب، ومعظم هذه القرى محاذية للشريط الحدودي، إن هذا الإنجاز الكبير الذي تبنته منظمة اليونيسيف وقام مجلس الجنوب بتنفيذه، دلالة على أن أهالي الجنوب عاقدون العزم على الصمود في أراضيهم، ولن يتركوها مهما بلغت وحشية وجرائم إسرائيل.
ويضيف الأستاذ قاسم غبريس قائلا: إننا لا نستطيع أن نوصل مياه رأس العين إلى القرى التابعة لصور والواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، لأن إسرائيل دمرت خزان كفرا بقصد عدم حصول أبناء هذه القرى على كفايتهم من الماء، ومع ذلك قامت الحكومة اللبنانية بحفر آبار في وادي جيلو وبناء محطة لتوليد الكهرباء، والآن بإمكاننا توصيل الماء إلى نحو 25 قرية لسد الثغرة التي أحدثتها إسرائيل بتدمير خزان كفرا الرئيسي الذي يغطي المنطقة الشمالية وقراها.
وهنا لا بد أن نذكر دور المؤتمر الشعبي لدعم صمود أهالي الجنوب، فنتيجة للعدوان الإسرائيلي المتكرر لقرى ومدن الجنوب دمرت البنية التحتية، فكل الطرق وشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي لم تعد صالحة للعمل، ونتيجة لقيام المؤتمر الشعبي واتصاله بالمسئولين في بيروت والذين أحسوا بما يعانيه الجنوب من مشاكل أمكن ترميم جانب من شبكات الصرف الصحي وتعبيد بعض الشوارع، كما يقوم المؤتمر الشعبي بصيانة كل المشاريع والمصحات ومساعدة عمال البلدية في جمع القمامة وكل الدوائر التي تطلب المساعدة.
مؤسسات الإمام الصدر الخيرية
ومن المؤسسات الرائدة لصمود أهل الجنوب أمام الاعتداءات الإسرائيلية مؤسسات الإمام موسى الصدر الخيرية، وينحصر نشاطها في الجوانب الاجتماعية والثقافية والتربوية والاهتمام بالفتيات اليتيمات، وقد بدأ نشاط هذه المؤسسات مع بداية الستينيات بمدرسة بيت الفتاة لتعليم الخياطة والتطريز والمهارات اليدوية ومحو الأمية وتوضيب وتصنيع الزهور، إلا أن أهمية هذه المؤسسات قد تعاظمت بعد الحرب اللبنانية والاجتياحين الصهيونيين للبنان، وما ترتب عليهما من انهيار اقتصادي ثم الاستهداف الشرس من الداخل والخارج.
تقول السيدة رحمة الحاج المسئولة عن المجمع الثقافي لمؤسسات الإمام الصدر في صور: نظرا لما آل إليه الوضع في لبنان في السنوات الأخيرة، ثم المآسي التي صاحبت سنوات الاحتراب، برزت أهمية هذه المؤسسات الخيرية لتحتضن أيتام لبنان وخصوصا أيتام الجنوب، وتقوم برعايتهم حتى يكبروا ويعتمدوا على أنفسهم.
يضم المجمع الثقافي الآن أربع مدارس وهي مدرسة رحاب الزهراء لليتامى، وبها نحو 300 طفلة يتيمة، تبدأ بعمر الخمس سنوات إلى ما فوق العشرين سنة، وتعد المؤسسة بيتا لهن، وتتكفل المؤسسة بنفقات التعليم والمعيشة، حتى تكبر الفتاة وتتزوج، وتقوم المؤسسة بتهيئتها لعمل مهني إذا لم يكن عندها الاستعداد لمتابعة الدراسة العامة. وتضم المؤسسة كذلك مدرسة للتمريض، وهي مدرسة مهنية تخرّج ممرضات قانونيات، أما المدرسة الثالثة فهي مدرسة الخياطة والتطريز والمهارات اليدوية، تؤهل خريجاتها لحياة عملية مستقرة، وتمنح الفتاة التجهيزات الآلية عند التمكن من مزاولة المهنة، أما المدرسة الرابعة فهي مدرسة دار الحضانة، وهي مدرسة مشتركة للإناث والذكور.
ويحتوي المجمع كذلك على مطعم خيري مجاني يقدم سبعة آلاف وجبة مجانية ضمن منطقة صور.
مشاكل الصيد والصيادين
يزاول حرفة صيد السمك في الجنوب اللبناني قطاع كبير من السكان، يقدر بنحو أربعة أو خمسة آلاف عائلة، وهم يعتمدون في معيشتهم على الصيد البحري، وليس لديهم أي مورد آخر غيره، وقد تضرر هذا القطاع من جراء الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة للجنوب، فلم يعد للصيادين حرية الإبحار في المياه الإقليمية اللبنانية كما يشاءون، وإنما حددت السلطات الإسرائيلية مسافة تقدر بنحو كيلو مترين عن سواحل مدينة صور للصيادين في الليل، بينما تتسع هذه المسافة لتصل إلى أربعة كيلو مترات في النهار.
يقول الأستاذ محمد البواب، رئيس نقابة صيادي الأسماك في صور: إن المساحة التي حددتها إسرائيل لصيادي الأسماك لا تتسع لهذا العدد الكبير من الصيادين الموجودين في صور، وقد خلق هذا الطوق الأمني الإسرائيلي مشاكل اجتماعية على حياة الصيادين، لأن الإنتاج الذي يحصل عليه الصيادون من الأسماك تدنى إلى أقل مستوى بعد أن كان المردود جيدا في الماضي، فأصبح دخلهم محدودا لا يساوي الجهد الذي يبذلونه، وبالإضافة إلى ذلك لا توجد أي ضمانات اجتماعية ولا طبابة ولا تعليم، ولا تقدم الدولة أي مساعدة لهذه الفئة منذ بدأت الحرب عام 1975. ويتعرض الصيادون إلى ملاحقة الدوريات الإسرائيلية التي تجوب سواحل صور، ولا يستطيع الصياد أن يتجاوز المسافة التي تقررها القوات الإسرائيلية، وإلا تعرض لإطلاق النار والقتل وتقطيع الشباك، أو مصادرة الزورق.
في نفس الساعة التي كنا نجري فيها هذا الحوار مع رئيس نقابة الصيادين، جاءنا من يخبره بأن القوات الإسرائيلية قد أطلقت النار على أحد الصيادين في وسط البحر، وقد أدى ذلك إلى إصابة الصياد بطلق ناري في فخذه، وقد قمنا في الحال بزيارة هذا الصياد في المستشفى، وصوّرناه، وسألنا الطبيب الذي قام بعلاجه عن حالته، فقال: إن الصياد أصيب بتهشم في عظام فخذه، ويحتاج إلى عملية جراحية دقيقة، وسوف ينقطع هذا الصياد عن عمله مدة ثلاثة أشهر على أقل تقدير.
وفي صيدا
أما صيادو مدينة صيدا فليست حالتهم بأحسن من حالة إخوانهم في صور، وإن كانت المساحة التي يصطادون فيها أوسع من المساحة المتاحة لصيادي صور، إلا أنهم أيضا مهددون من الدوريات الإسرائيلية، بل إنهم يُمنعون من مزاولة الصيد عندما تكون هناك أحداث أو عمليات فدائية، يقول أحد الصيادين: إن إسرائيل حصلت عندما اجتاحت لبنان عام 1982 على قوائم بأسماء الصيادين الذين يزاولون هذه المهنة في كل من صور وصيدا، بل إن لديهم أسماء السفن أو "الشخاتير" وأرقامها. يقول هذا الصياد: حدث مرة أن استوقفتني دورية إسرائيلية وكان معي أحد الصيادين الجدد، ولما عرفوا أن هذا الصياد لم يرد اسمه في سجل الصيادين أخذوا يستجوبونه، ثم سجلوا اسمه وعنوانه. ويضيف هذا الصياد قائلا: إن مشاكلنا كثيرة، فنحن نطالب الجهات الرسمية بتنظيف السواحل لأن هناك نفايات تعيق عملنا، وكثير من الأحيان تمزق شباكنا. إن إسرائيل تلقي بنفاياتها في البحر مما يؤدي إلى موت الأسماك، كما أن القصف المدفعي المتواصل يوميا يؤدي إلى هروب الأسماك إلى المناطق البعيدة، فوضعنا الحالي صعب للغاية.
إن قطاع الصيادين قدم العديد من الشهداء والضحايا، ففى السجون الإسرائيلية نحو 25 صيادا اعتقلوا هم وأولادهم وتهمتهم أنهم يتعاملون مع القوى الوطنية، كما أن هناك مجموعة كبيرة من المعاقين جراء تعرضهم لنيران المدفعية الإسرائيلية أثناء قيامهم بتأدية أعمالهم وسط البحر.