النظام العراقي يسعى باحتجاز أسرانا لتحقيق أهداف سياسية
على دول مجلس التعاون مسئولية رفع قدراتها العسكرية للدرجة التي تمكنها من التصدي لأي عدوان خارجي
واجهت الدبلوماسية الكويتية تحديا هائلا، خلال فترة العدوان الذي شنه نظام صدام حسين في الثاني من أغسطس/ آب 1990، وبشكل غير متوقع ولا مسبوق في العلاقات العربية - العربية خلال العصر الحديث. ثم واجهت هذه الدبلوماسية تحديات ما بعد التحرير من براثن هذا الغزو، وفي كل الأحوال نجحت السياسة الكويتية المتزنة والمتوازنة في ضم المزيد من الأصدقاء لتأييد الحق المشروع لهذا البلد. في البداية.. كان الأمر غريبا ومفجعا أيضا، ولكن التحرك السريع المتوازي مع عدالة القضية، استطاع حشد دول العالم في مواجهة بشاعة الجريمة الغادرة، وهو ما كان له الأثر في إصدار سلسلة من قرارات مجلس الأمن الدولي التي دانت العدوان بشدة، وحاصرته في كل المجالات دوليا وعربيا أيضا، إلى أن وصلت ذروتها بقرار استخدام الوسائل العسكرية ضد المعتدي لطرده وتحرير الكويت، بعد استنفاد كل الطرق والوسائل الدبلوماسية معه.وعقب التحرير.. كانت ذيول الغزو ما زالت باقية، تحمل آلاما مريرة لأسر كويتية قام الغدر الصدامي باحتجاز بعض أفرادها في تحد سافر للقوانين والأعراف الدولية، فكان التحرك السياسي الكويتي أنور الياسين الدءوب لتذكير العالم بهذه القضية الإنسانية ودعوته للعمل من أجل إنقاذ هؤلاء الذين لا ذنب لهم، من سجون نظام ضرب عرض الحائط بحقوق الإنسان ولا يزال سادرا في غيه.. وسط تلك التحديات التي واجهت رجال الدبلوماسية الكويتية وأداروها باقتدار لتأكيد حق بلدهم، وحققوا فيها انتصارات باهرة تشهد بقدرة السياسة الكويتية على تجاوز الصعاب وبكفاءة نادرة، كان وكيل وزارة الخارجية سليمان ماجد الشاهين الذي تستضيفه العربي شعلة من النشاط لا تهدأ وعلامة بارزة في مسار هذه الدبلوماسية، وتاريخه حافل منذ بداية حياته الدراسية والعملية، فقد تدرج في مدارس الكويت، وكان مع أول دفعة من الطلبة تدرس في ثانوية الشويخ وتخرج في كلية الآداب بالإسكندرية بمصر، وحصل على دراسات اضافية من جامعة صوفيا بطوكيو، وكان ضمن أول وفد للكويت في الأمم المتحدة، وكان أول سفير مقيم في أبوظبي بعد قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وأول سفير لدى دولة البحرين ثم عين سفيرا في القاهرة، وحاليا يشغل منصب وكيل وزارة الخارجية بدولة الكويت. وهنا يلتقي الدبلوماسي الكويتي وجها لوجه في حوار مع مدير التحرير أنور الياسين.
*تحدث سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح أمام مجلس الأمة الكويتي في أكتوبر 1992 بمناسبة افتتاح دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي السابع حول قضية عودة العلاقات مع الدول التي وقفت مع النظام العراقي، وعقد المصالحة بشروط جديدة ملخصها: أن الكويت لن تعيد علاقاتها مع هذه الدول ما دامت لم تعترف بقرارات مجلس الأمن الدولي بخصوص حرب تحرير الكويت، وهي القرارات (678، 686، 687، 688). هل نستطيع أن نستوضح آلية هذا الاعتراف، وما هي دول الضد؟ وما هو الحد الأدنى الذي تقبل به الكويت لأي مصالحة عربية؟.
- العلاقات الدبلوماسية لم تقطع مع تلك الدول التي وقفت أنظمتها موقفا مشينا من الغزو والاحتلال، والتي نشعر بمرارة كبيرة من مواقفها بعد أن قامت الكويت ودول الخليج باستضافة مواطنيها، وكان لهذه الدول وشعوبها النصيب الأكبر من مساعداتنا ودعمنا ودعم الأشقاء في دول مجلس التعاون. ولكن بطبيعة الحال فإن الأنظمة في هذه الدول لم تخدش الصورة الرائعة للعالم الوفي الذي ضم أكثر من 176 دولة وقفت معنا سياسيا في جميع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، ومنها 32 دولة شاركت في حرب التحرير، ومن هنا نعرف أي مكانة بلغتها الكويت في المجال الدولي، ومدى صلابة حقنا كدولة صغيرة نامية في الحياة الحرة المستقلة.
وكي نتعرف على هذه الأنظمة ما علينا إلا أن نتلفت حوالينا لنجدها الأكثر تمزقا سياسيا والأقل أمنا واستقرارا، و إن ربك لبالمرصاد.
أما ما يسمى بتطبيع العلاقات القائمة، فذلك يعتمد على الموقف الذي يمكن أن تسلكه هذه الأنظمة ومدى استجابتها للإيمان بالمقررات الدولية، فقرارات مجلس الأمن صدرت وأصبحت نافذة وبضمانات مؤكدة من مجلس الأمن، وفي المقدمة الدول الدائمة العضوية، ولا يهم الكويت إن أعلنت هذه الأنظمة النشاز استجابتها لهذه القرارات أم ظلت على غيها وضلالتها، فالقضية محسومة سياسيا وقانونيا وعسكريا، ويبقى الموضوع الأدبي الأخلاقي إن صح التعبير، فإن أعلنت إدانتها لمبدأ العدوان على الكويت واستجابت لمنطوق ومضمون قراري مجلس الأمن 687 و 833 وطالبت النظام العراقي بإطلاق سراح أسرانا، عندها يتوازى موقفها مع بقية دول العالم الشريفة، وعندها ستخلق الأرضية الواقعية لتطورات إيجابية مع هذه الأنظمة.
من المراقبة إلى حفظ السلام
*التعزيزات التي قامت بها قوات الأمم المتحدة "اليونيكوم" على الحدود الكويتية العراقية أخيرا، هل لها علاقة بالتحرشات العراقية على الحدود، ومحاولة الاجتياز التي قامت بها المجموعات العراقية لمنطقة المزارع في أم قصر والعبدلي؟.
- القرار الصادر من مجلس الأمن بشأن إنشاء قوات مراقبة دولية على جانبي الحدود الدولية بين الكويت والعراق بعمق خمسة كيلو مترات في الأراضي الكويتية، وعشرة في الأراضي العراقية توافرت لتنفيذه الظروف المواتية إذ ذاك.
ومع ازدياد حالات التسلل والعداء تجاه الكويت والقوات الدولية من قبل النظام العراقي، قررت الأمم المتحدة ضرورة تحول تسمية ومهام تلك القوات من قوات مراقبة إلى قوات حفظ السلام، واستتبع ذلك تغييراً في مهامها وأهدافها وتسليحها وزيادة عددها، وهناك أكثر من 17 جنسية تشارك في هذه القوات، وقوامها الأساسي الآن من الأصدقاء في بنغلاديش، كما تتميز هذه القوات بوجود ممثلين مباشرين عن الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن، مما يعطيها الوزن والأهمية والحسم بصورة أكبر.
* كم حجم التعويضات التي عرضتها الكويت لأصحاب المزارع العراقيين الذين دخلت مزارعهم في القسم الكويتي بعد الترسيم؟.
- كلفت الأمم المتحدة مؤسسة من السويد تدعمها آخرى من نيوزيلندا لإجراء حصر بالمساحات والمنشآت والجهود في الآراضي التي استعادتها الكويت بعد استغلال النظام العراقي لها، ابتداء من عام 73 بعد عدوانه على منطقة الصامتة وذلك بهدف وضع تقييم لتلك المنشآت، ويأتي تشكيل هذا الفريق استجابة من الأمين العام للأمم المتحدة لمقترح كويتي يأخذ بالاعتبار الجوانب الإنسانية لهؤلاء الذين زج بهم النظام العراقي إلى هذه المناطق. وعلى الرغم من معرفتنا بأنهم موظفون لدى هذا النظام، إلا أن الكويت تعالت على جراحها وأبدت استعدادها للتعويض، هذا وقد رفع السيد هامر تقريره إلى الأمم المتحدة ويشتمل على أكثر من سبعمائة صفحة، ولحرص الكويت على الانتهاء من ذيول هذا الموضوع فقد أبدينا الاستعداد لدفع التعويض المطلوب ولكن من المضحك المبكي أن التقديرات وضعت بالدينار العراقي وتواجه اللجنة الدولية المكلفة بالمتابعة مشكلة إيجاد البنك الذي يقبل بإيداع هذه المبالغ بالعملة العراقية التي فقدت سعر صرفها تماما.
قبعات زرقاء
* ما هو حجم المبالغ التي تقدمها الكويت لقوات الأمم المتحدة مساهمة في صندوق اليونيكوم، وما هي التسهيلات اللوجيستية التي تقدمها الكويت؟.
- يفترض أن تتحمل الكويت نصيبها من تكاليف عملية المراقبة وحفظ السلام كأي دولة عضو في الأمم المتحدة ولكن مساهمة من الكويت في دعم عمليات حفظ السلام المتعددة في العالم فإنها تولي اهتماما أكبر بالقوات التي جاءت من دول العالم كي تراقب وتحفظ السلام على جانبي الحدود. ومن هنا فإن الكويت وفرت لها معسكرات الإيواء وتحملت نصف أسعار الوقود، وهيأت الكثير من التسهيلات لهؤلاء الرجال الدوليين ذوي القبعات الزرقاء، وقد بلغت مساهمات الكويت ما يقرب من ثلثي ميزانية تمويل هذه القوات، وهي الآن موضع تقدير كبير من الأمم المتحدة ورجالها، وهذه المساهمة بمثابة رمز لامتنان وتقدير الكويت للدور الذي قامت وتقوم به الأمم المتحدة في حفظ الأمن والسلام في هذه المنطقة المهمة من العالم.
أهداف سياسية
* أين وصلت اجتماعات دول التحالف في جنيف فيما يتعلق بتطبيق قرارات مجلس الأمن بخصوص حرب الخليج؟.
- اجتماع دول التحالف في جنيف لا علاقة له بتطبيق القرارات الدولية مباشرة، فاللجنة الممثلة لقوات التحالف الأساسية وهي السعودية وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة والكويت، اجتمعت هناك لبحث موضوع الأسرى الكويتيين لدى النظام العراقي، ومن المؤسف أن يصر هذا النظام على التغيب عن حضور هذه الاجتماعات تهربا من المواجهة، وإمعانا في الاحتفاظ بأسرانا، وعدم الكشف عن مفقودينا، تحقيقا لأهدافه السياسية ودون اعتبار للظروف الإنسانية لهؤلاء الأسرى وعائلاتهم.
مرتكزات أساسية
* السياسة الكويتية الخارجية بعد العدوان العراقي والانقسام الحاد الذي حدث في الجسم العربي.. ما هي توجهاتها وعناصرها ومرتكزاتها؟.
- من المؤكد أن هناك أولويات في سياسة أي دولة الأحداث التي داهمت الكويت أثبتت الدور الفاعل لدول مجلس التعاون اجتماعيا وأمنيا وسياسيا غزو الكويت كان امتحانا عسيرا لمن وقعوا على اتفاقية الدفاع العربي المشترك ولم يلتزموا بالوفاء بها يفرضها واقعها والمرحلة السياسية التي تمر بها، وبالنسبة لنا في الكويت فإن الاهتمام يتجه نحو الأمن كردة فعل طبيعية لاختراقه ومحاولة تقويضه مع وأثناء الغزو والاحتلال العراقي.
ونظرا لغياب الإرادة العربية والتحلل في مواقف بعض الدول العربية فإن المظلة العربية لم تعد البديل الرادع للعدوان، ومن هنا فإن الدول الصديقة الكبرى ومن واقع مسئولياتها ومصالحها مدعوة للمساهمة في حفظ الأمن بدعم من شرعية دستورية وطنية وشرعية دولية عبر قرارات مجلس الأمن. والمرتكز الحالي للسياسة الوطنية في هذه المرحلة هو الحفاظ على وحدة الموقف الدولي حيالنا، ويبلوره مجلس الأمن من خلال الجهود المتواصلة التي تبذلها دول مجلس التعاون وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية الشقيقة.
وبالتوازي فإن السياسة الكويتية تعلق الأهمية الكبرى على دور مجلس التعاون في كل ما يجري حولنا، ويشترك في هذا المنظور جميع الأشقاء الأعضاء في المجلس، فكلنا نشعر بأهمية مثل هذا التحرك المتعاضد الذي يسهم إلى حد ما في تأمين التوازن حيال القوى الأكبر في المنطقة.
أهمية مجلس التعاون
* ما مدى الأهمية التي تعلقها الكويت على مجلس التعاون الخليجي، ولماذا فقدت الكويت منصب الأمين العام للمجلس؟.
- تعتز دولة الكويت بأنها أول من دفعت بفكرة التعاون أو الوحدة أو الاتحاد بين دول الخليج العربية، وتمت صياغة الأفكار والمحاولات والمشاريع عبر مذكرات مثبتة في مراحل متعددة من تاريخنا، وأسهمنا في الاجتماعات المتواصلة إيمانا بهذا الهدف. ولعل الصيغة التي تم التوصل إليها وهي مجلس التعاون تمثل إنجازا لما نعتقده ونسعى إليه جميعا كمرحلة اختبار لتحقيق أهداف أكبر نص عليها ميثاق هذا المجلس وأهدافه. ولعل الأحداث التي داهمت الكويت بالغزو والعدوان أثبتت للمواطن قبل المسئول الدور الفاعل لدول المجلس اجتماعيا وسياسيا وأمنيا، ولذا فإننا نقول إن السير في طريق التوحد أو الاندماج القانوني بين دول مجلس التعاون لا تمليه فقط دواعي الأهداف القومية والإقليمية، وإنما تفرضه المصالح الوطنية أيضا لنا جميعا بل تتقدم على ما عداها لأنها تمس الفرد ومصيره مباشرة.
أما قضية الأمن العام لمجلس التعاون فإنه من الطبيعي أن تكون بالتناوب بين أعضاء المجلس أو على الأقل اختيار الأكفأ في الصيغ المتقدمة من أوجه التعاون، وهذا ما تم الاتفاق عليه، كما أنه ليس هناك ولا يمكن أن يكون هناك نص يقضي بأن تتولى دولة واحدة الأمانة العامة، وإلا انتفى معها مفهوم التعاون، أما بقاء الأمين العام الأول لفترة أطول فذلك وضع استدعته مرحلة البناء الأولى ضمانا لاستمراريته، وكذلك مرحلة الغزو العراقي للكويت التي دعت الأعضاء إلى تمديدها للفترة الثالثة، ولكن ذلك لن يتكرر.
*ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه منظومة مجلس التعاون الخليجي في حماية أمن منطقة الخليج من أي تهديد خارجي له شاكلة العدوان العراقي؟.
- في البدء لا بد من القول إن دول مجلس التعاون ليست وحدها المسئولة عن أمن الخليج، فجميع الدول المطلة على هذه المياه أو القريبة منها تقع عليها مسئولية أمن المنطقة واستقرارها بما فيها ايران والعراق، ولكن عندما يصدر العدوان من النظام العراقي الذي يفترض أنه يمثل دولة تطل على الخليج العربي وتحمل مسئولية أخلاقية في الحفاظ على العهود مع جيرانها وعلى احترام السيادة والأمن في المنطقة، فإنها بذلك تنسف معنى الأمن الجماعي في حماية المنطقة، وتدفعنا للبحث عن أمننا من خلال الصيغ الدولية، وهذا ما يحدث الآن في المنطقة.وبالطبع فإن على دول مجلس التعاون مسئولية رفع قدراتها العسكرية للدرجة التي تمكنها من الوقوف أمام أي عدوان خارجي، وحتى تصل إلى تلك الدرجة فإنها تحتاج لجهود متواصلة من البناء البشري والتقني وهي بوضعها الحالي تحتاج إلى دعم ثنائي مع دول ذات قدرات عالية إلى حين تمكنها من الدفاع عن نفسها مجتمعة وضمن قيادة موحدة وبتنسيق كامل.
مبادىء إعلان دمشق
* ماذا بخصوص إعلان دمشق، هل ما زالت الدول الثماني متمسكة بمبادىء هذا الإعلان، أم أن هناك رأيا ووجهة نظر بهذا الخصوص؟.
- إعلان دمشق صيغة متقدمة للتعاون العربي تقوم على أسس ومبادىء تتحاشى بعض الثغرات في ميثاق الجامعة العربية، وذلك ليس قصورا في الميثاق عندما وضعه المؤسسون الأوائل، ولكن عدم تطوره أو تطويره مع ما استجد على الحياة السياسية والاقتصادية عبر نصف قرن جعل إعلان دمشق صيغة متقدمة، أو محاولة عربية لاحتواء عناصر جديدة في مفردات المبادىء العربية، والميثاق بحد ذاته ليس بديلا عن مبادىء الجامعة العربية وإنما هو روح جديدة يفترض أن تؤثر في ميثاق الجامعة وهذا ما نصت عليه كثير من الفقرات في هذا الإعلان. ولعل محنة الغزو العراقي واحتلاله لدولة عربية جارة كبلدي، والممارسات البشعة التي عانى منها شعبنا بصورة لم يسجلها التاريخ العربي عبر عدوان من دولة كانت الكويت تنتظر منها أن تكون سندا وظهرا لها وللخليج العربي، تلك الصدمة أوضحت المواقف وامتحنت مقولات المبادىء فكانت سوريا ومصر وهما القلب والتاريخ العربي مع دول مجلس التعاون في موقف واحد تجاه العدوان، ورفض مبدأ الغزو وعنجهية الاحتلال، ولعله امتحان عسير لمن تعاقدوا على اتفاقية الدفاع العربي المشترك ولم يلتزموا بالوفاء بها في هذه المحنة التي ابتليت بها الكويت والمنطقة بأكملها.وإني أعتقد بأن هذا الإعلان المتضمن للمبادىء والأهداف والإطار التنظيمي للتنسيق والتعـاون يفترض أن يتسع ليتكامل مع ميثاق الجامعة في تطلعاتها عند البدء في دراسة إدخال التعديلات عليه، فإعلان دمشق لا يفترض ولا يمكن أن يشكل تكتلا ثالثا بين الجامعة ومجلس التعاون بك يمكن أن يكون جسرا للتعاون الأوثق وصولا للصيغة الواحدة.
ترتيبات ثنائية
* إيران.. هل سيُنظر إليها كدولة شريكة في أمن الخليج، أم هي خارج هذا الإطار؟ ولماذا؟.
- إيران كغيرها من الدول المطلة على الخليج العربي سواء دول مجلس التعاون الست أو حتى العراق شريكة في أمن الخليج، إذ لا يمكن أن أتصور أمنا متكاملا في المنطقة دون إيران أو العراق، ولكن أي إيران وأي عراق، فالأمن هو المسئولية المتكافئة والرغبة الصادقة في بناء مستقبل آمن للأجيال يستطيع فيه الفرد أن يوظف كل طاقاته بحرية ومسئولية، يستظل بنظام يقوم على احترام الفرد يشارك فيه الجميع دون تفرد أو تحكم حزبي أو فردي أو أيديولوجي، بهذا الأسلوب تتعايش الشعوب لتبني حاضرها ومستقبلها بثقة وفرح وفكر وإيمان، ولكن هل النظام العراقي الحالي يمكن أن يكون مؤتمنا على هذه المبادىء والتوجهات؟ إنه لم يوفر الأمن لشعبه أو جيرانه، فكيف يستطيع أن يشترك مع الآخـرين في بناء منطقة آمنة، وفي غياب هذه المعادلة يصبح أمن كل دولة من دول الخليج غير مكتمل تماما، ومن هنا بحثت دول مجلس التعاون عن ذاتها محاولة إيجاد ترتيبات أمنها من خلال المجلس والترتيبات الثنائية إلى أن يهيىء الله سبحانه وتعالى الظروف لقيام أنظمة تحترم المبـادئ الدولية في علاقاتها وتعاملها مع شعوبها أو جيرانها.
قضية الأسرى
* قضية الأسرى الكويتيين لدى النظام العراقي.. لماذا تركت الحكومة لجهات أخرى في الدولة مهمة متابعتها، وهل القضية لها أولوية في السياسة الكويتية الخارجية؟.
- أسرانا لدى العراق هم الجرح النازف في كل بيت كويتي وهم الامتحان الذي كاد أن يسقط فيه جميع مدّعي الفكر العربي ودعاة حقوق الإنسان العرب، إذ كيف نصمت عن مصير أكثر من 640 أسيرا ومفقودا لدى نظام يتعامل مع هذه القضية الإنسانية على أساس أنها سياسية بينما نشهد الكثير من رجالات وبرلمانات العالم الأجنبي ممن يهتم بهذه القضية، ومن الطبيعي أن تتفرغ لجنة وطنية خاصة لمتابعة تلك القضية وطنيا ودوليا، وذلك لا يعفي أي طرف أو فرد من حمل هذا الهم وتلك المسئولية.
كما أن قضية أسرانا ومفقودينا هي أحد محاور الجهود الرئيسية في سياستنا الخارجية والداخلية، إذ إنها وغيرها من القضايا المهمة التي يحدد إطارها قرارات مجلس الأمن والقرارات اللاحقة في المنظمات الدولية والعربية والإقليمية. ونظرا لحساسيتها فيتم التعامل معها رسميا بأسلوب يفضل فيه البعد عن الأضواء.
غزة وأريحا
* اتخذ مجلس التعاون الخليجي- والكويت عضو فاعل في هذه المنظومة - اتخذ قرارا بتأييد ما يسمى في السياسة باتفاق "غزة- أريحا" هل الكويت ستكون من الدول الأولى التي ستعترف في حال قيام دولة فلسطينية أو بمجرد إعلانها، بهذه الدولة، وأيضا هل ستعترف بإسرائيل كدولة لها كيانها وسيادتها؟.
- القضية الفلسطينية عشناها كما عاشها أي عربي ومسلم مخلص واستضفنا مشرديها ولاجئيها في مراحل اللجوء الثلاث، وصدمنا بموقف قيادات المنظمة في دعمها للاحتلال العراقي دون أخلاق أو وفاء. ولكن الكويت تتعامل مع القضية والشعب وليس مع هذه النوعية من القيادات، من هنا كان الثبات على الموقف والمبدأ المتمثل في دعم ما يتفق عليه الفلسطينيون فهي قضيتهم أولا وأخيرا، ولا يمكن أن نتخذ موقفا يتعارض مع قـرارهم. ومن هنا بادرنا في مجلس التعاون وفي الأمم المتحدة ومن خلال الجهود الدولية للتأييد السياسي والدعم المادي، ومن الطبيعي أن نكون بين المؤيدين لقيام الدولة الفلسطينية، لأن ذلك هو الهدف الذي ساهمنا من أجله في كل الجهود العربية والدولية، أما قضية الاعتراف بإسرائيل فإن موقفنا منها هو الدعم للموقف الفلسطيني، فعندما تقوم الدولة الفلسطينية بعد نواة غزة - أريحا وقلبها بيت المقدس الشريف، ويتم الاعتراف المتبادل بين الدولتين العبرية والفلسطينية تصبح علاقتنا مع إسرائيل كعلاقتنا مع أي دولة أخرى في العالم وعندها تصبح العلاقات الدبلوماسية من عدمها قضية ثنائية، وتتحدد معها طبيعة العلاقات على ضوء احترام السيادة والتعايش والمصلحة.
رفع المقاطعة
* لقد أثير في الصحافة الغربية وأيضا في بعض الصحف العربية أن الكويت قد رفعت شروط مقاطعة البضائع الإسرائيلية، ما مدى صحة ودقة هذه الأخبار، وإلى أي حد خفضت الكويت من قيود المقاطعة على هذه البضائع؟.
- قضية المقاطعة لإسرائيل هي حق سياسي لنا كعرب يأتي في سياق تدعيـم الموقف الفلسطيني والسوري واللبناني، وهي الدول المتضررة مباشرة من الاحتلال الإسرائيلي، ويطبق على عدد من الدول الخارجة على القانون، كما كان الحال مع جنوب إفريقيا، وكما هو الحال مع النظام العراقي، أو يتخذ إقليميا كمقاطعة أمريكا لكوبا، وهكذا.. وقرار المقاطعة هو قرار الجامعة العربية، ودولة الكويت ودول الخليج هي- بلا منازع- في مقدمة من يحترم التزاماته تجاه المقاطعة، ولم ولن يطرأ أي تغيير على موقفنا منفردين، هذا هو موقفنا قولا وعملا، وما عدا ذلك فإنه أمر لا يستحق التعليق.