ترتبط عصور النهضة عبر التاريخ بالترجمة؛ أحد أسرار اللغة التي تسمح بتبادل الأفكار، وتداول العلوم، وتناقل الآداب، وتواصل الفنون. وحين نبحث عن السر الغائب في معادلة النهضة سنجد أن وراءه تعطل الترجمة، لذلك نهضت مشروعات كثيرة في عالمنا العربي تذكي نار هذا الفن وتزكيه. وينبه رئيس التحرير في حديث الشهر إلى تلك المشروعات، وهو يرى أن مثل هذه المشروعات الثقافية تحتاج إلى أفكار جديدة في إدارات التسويق والترويج تتناسب مع الزيادة المطردة لعدد السكان العرب، وعدد الشباب الذين ينبغي استدراجهم للمعرفة والقراءة بكل السبل الممكنة، حيث إن الكتاب المترجم واحد من الكتب ذات الأولوية في هذا المضمار، كما أن مشروعات الترجمة، تعني في جوهرها، مساهمة في نقل المجتمعات العربية من عالم التخلف والخرافة وضيق الأفق والجهل، إلى عوالم أرحب تتسع على آفاق المعارف الإنسانية الأخرى، ترى وتتطلع إلى ما ينتجه العالم من أفكار ومعارف، لتتخلص من عزلتها الفكرية، خاصة ونحن اليوم نشهد ثورة هائلة في مجال الاتصال، عبر شبكات الاتصال الافتراضية والقنوات المرئية الفضائية التي تراهن يوما بعد آخر على أن تجعل من العالم قرية صغيرة تحاول أن تقرب بين أفكارها وقيمها ومعارفها.
القراءة والترجمة شقيقتان، وفي «العربي» نحاول اقتفاء هذين الفعلين النهضويين عبر أكثر من زاوية؛ ففي المغرب نزور المكتبة الوطنية، وفي الأدب نترجم قصة قصيرة للأديب لوكليزيو، وفي الرحلة نقرأ يوميات مستكشف فرنسي في السودان، وفي ملحق العربي العلمي نتجول بين بحار العلوم، وسماوات التكنولوجيا، وأراضي الطب، وجغرافيا البيئة، والتي تقدم زاد العالم في القرن الواحد والعشرين.
كثيرة هي الأفكار المسافرة عبر اللغات، وإذا كنا قد نقلنا فنهضنا - خلال أوج حضارتنا الإسلامية - ثم نقل الغرب عنا فخرج من عصوره المظلمة، فإننا ندعو اليوم إلى مزيد من الحرية لتلك الأفكار. لتكن أجنحتها باتساع المسافة بين الماء والماء، من المحيط إلى الخليج، وهو ما نحاول أن نبلغه في هذا العدد، ونترك للقراء حرية اكتشافه.