مختارات من:

عن النوم

ماجد رأفت

لا شيء يعادل الاستيقاظ ذات صباح بعد ليلة "نوم" عميقة وكافية ، لكن ذلك يستعصي على واحد من كل ثلاثة من الناس في وقت ما من حياتهم .

النوم عملية فسيولوجية لها (سبب) وتستهدف (نتيجة)، وهو في ذلك مثل وظائف بقية أعضاء الجسم, وبهذا المفهوم يصبح النوم عضواً كاملاً من أعضاء جسم الإنسان, ولايزال البحث في موضوع النوم يقدم تحدياً قديما ومتجددا للدارسين, فقد كان الاعتقاد حتى عقود قليلة مضت أن (آلية) النوم تبدأ عندما تتعرض (المنظومة المتشابكة للتنشيط Reticular Activating System والموجودة في الجزء العلوي من جسر ساق المخ Pons of brain stem إلى الإجهاد في نهاية ساعات استيقاظ متصلة, وبهذا تفقد مراكز المخ نشاطها تدريجيا ويدخل الجسم في النوم, وكانت هذه الآلية تسمى (النظرية السلبية للنوم).

لكن مراكز أبحاث النوم غيرت هذا المفهوم بحيث أصبح الاعتقاد السائد الآن أن النوم هو نتاج عملية إيجابية تستهدف (تثبيط) المنظومة المتشابكة للتنشيط السابق ذكرها, وأن لهذه العملية الإيجابية مركزاً أو مراكز موجودة في الجزء السفلي من جسر ساق المخ, وتتم عملية التثبيط هذه بواسطة إفراز مادة ناقلة Transmitter للإشارات المخية تسمى (السيروتونين) فيفقد المخ نشاطه, ويبدأ الإنسان الدخول في مراحل النوم المختلفة.

ولكن تواجه نظرية (السيروتونين) هذه معضلة تبلورت عندما وجدوا أن مستويات هذه المادة في الدم خلال ساعات النوم أقل منها خلال ساعات اليقظة, مما دفع علماء النوم للعمل حاليا للكشف عن مادة أو مواد يمكن أن تفرز من نفس المراكز المخية التي تنتج السيروتونين ويحتمل أنها تعمل معه جنبا إلى جنب.

كما أن هناك مادة أخرى اسمها (بيبتيد الميوراميل) Muramyl Peptide والتي وجدت متراكمة بنسب عالية في سوائل الجسم المختلفة مثل الدم والبول والسائل المخي الشوكي لحيوانات التجارب التي حرمت اصطناعياً من النوم لفترات طويلة, تلك المادة عندما استخلصت وحقنت في حيوانات أخرى طبيعية كان لها تأثير منوم لعدة أيام.

والنوم نوعان, وهنا لانتكلم عن درجتين للنوم تؤدي إحداهما إلى الأخرى ولكننا سوف نميز بين نوعين مختلفين, يحدثان كل ليلة:

النوع الأول: ويسمى (نوم الموجة البطيئة ـ Slow wave sleep) وله خصائص تميزه هي:

1 ـ حدوث تباطؤ شديد في موجات المخ (حسب رسام المخ الكهربائى).

2 ـ يشكل 75% من كمية نوم الإنسان البالغ كل ليلة.

3 ـ يكون نوما عميقا وهو المسئول عن إمداد أجسامنا بالراحة التي تحتاج إليها.

4 ـ هو الذي تبدأ به عملية النوم وليس غنياً بالأحلام, التي غالبا لانتذكرها في الصباح التالي.

5 ـ خلاله يحدث تناقص يتراوح بين 10% ـ 30% في ضغط الدم وسرعة التنفس ومعدل عملية التمثيل الغذائي أو الأيض.

6 ـ يتميز بتغيرات هرمونية حيث تقل الهرمونات المطلوبة لمواجهة الإجهاد مثل الأدرينالين, النور ـ أدرينالين, الكورتـيزون, بينما يزداد إفراز هرمون النـمو (Growth H)

7 ـ خلاله يسهل تنبيه النائم بالمثيرات الحسية المختلفة مثل الصوت ـ الضوء ـ اللمس.

النوع الثاني: ويطلق عليه (نوم الحركة السريعة للعين ـ Rapid eye movement sleep) وله أيضا خصائص مختلفة هي:

1 ـ رسم المخ الكهربائي يظهر فيه نشاط مخي عال مشابه لرسم المخ في حال اليقظة, بل قد يفوقه نشاطاً, ولكن هذه الإشارات المخية لاتتحرك في القنوات الوظيفية الصحيحة التي تتحرك فيها أثناء حالة اليقظة.

2 ـ يشكل 25% من كمية نوم الإنسان البالغ في كل ليلة.

3 ـ يحدث في شكل موجات تتخلل نوم النوع الأول, حيث تبدأ أول موجة منه في الظهور بعد 80 ـ100 دقيقة من بدء النوم وتستمر كل موجة من 5 ـ 30 دقيقة ثم تعود موجة أخرى بعد كل 90 دقيقة تقريباً.

4 ـ موجات تقل في التكرار, وتقصر في الزمن كلما كان النائم متعباً أو مستغرقا في درجة عميقة من نوم النوع الأول ولنا أن نتوقع أن تكون هذه الموجات أكثر تكراراً, وأطول زمنا كلما حصل النائم على قسط أكبر من الراحة, وذلك في الساعات الأخيرة من الليل.

5 ـ يتميز هذا النوع من النوم بكثرة الأحلام والتي تبقى في الذاكرة بعد الاستيقاظ (مجموع زمن موجات الأحلام في كل ليلة حوالي 90 دقيقة).

6 ـ يحدث خلاله اضطراب معدل ضربات القلب وسرعة التنفس مما يعكس عبور موجة من الأحلام.

7 ـ يصعب خلاله تنبيه النائم بالمثيرات الحسية المختلفة (الصوت ـ الضوء ـ اللمس).

شحن وترميم

لايميل خبراء النوم إلى قصر وظيفة النوم على إمداد الجسم بالراحة فقط, حيث أثبتت مختبرات النوم أن مجرد (الاسترخاء) الكامل للعقل والجسم يعد كافيا لإراحة أجسامنا حتى لو لم نذهب في نوم حقيقي.

فقد وجد هؤلاء الخبراء أنه خلال النوع الأول من النوم يزداد إفراز هرمون النمو الذي يحفز تجديد الخلايا ومن ضمنها خلايا الجلد وكذلك يزداد معدل استبدال البروتينات في المخ والعين.

أما النوع الثاني من النوم فهو مهم لما يمكن أن نسميه صيانة ليلية لخلايا المخ وتجديدها, وأيضاً شحذ القدرة على التذكر, بل إن هناك دراسة ترى أن الأطفال الذين ينامون في الضوضاء (لقرب المنزل من مصنع أو مطار أو خط قطار.. إلخ) تزداد نسبة التخلف العقلي أو البدني بينهم, ويصبحون أكثر عدوانية وأقل في التحصيل الدراسي والرياضي.

بعد الولادة مباشرة ينام الرضيع معظم اليوم حتى أنه يرضع أحياناً وهو نائم, ولكن سرعان ما يتشكل لديه الإيقاع الطبيعي للنوم ليلا والاستيقاظ نهارا ويصبح عدد ساعات نومه 16 ساعة يومياً, وعند بلوغ سن الخامسة يصبح عدد ساعات نوم الطفل مثل أبويه تقريبا أي حوالي 7 ـ 9 ساعات كل ليلة, ويبدو أن مشكلة النوم في هذا العمر تكمن في كيفية توزيع ساعات النوم وليس في قلة عدد الساعات فنجدهم ينامون ويستيقظون مرات عديدة في النهار والليل ويكون نومهم خفيفاً, ولكن ثبت أن كل هذه المعدلات السابقة تتغير أحياناً نتيجة لعوامل (فردية) مختلفة, حتى أن هناك أشخاصاً ينامون فقط من 3 ـ 4 ساعات في الليلة وتكون كافية لإمدادهم بالنشاط الذهني والجسمي الممتاز, ويطلق على ذلك أحياناً تعبير (الأرق الصحي).

ودراسة أخرى تقول إن 62% من الناس ينامون من 7 ـ 8 ساعات و15% ينامون 5 ـ 6 ساعات و13% ينامون 9 ـ 10 ساعات و 8% ينامون أقل من 5 ساعات و2% ينامون أكثر من 10 ساعات.

إن الشخص الذي يكتفي بساعات قليلة من النوم هو في العادة شخصية نشطة ومتحركة Dynamic ومارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة واحدة من هؤلاء, بينما نجد أن الشخص الذي ينام 9 ـ 10 ساعات هو صاحب العقلية الخلاقة والمفكرة Creative وأفضل مثال لهم هو ألبرت أينشتاين.

وحسب ما جاء في بحث لأحد مختبرات النوم فيمكنك أن تضع نفسك في واحدة من ثلاث مجموعات من الناس: (النهاريون) الذين يكونون في أقصى تنبه ويقظة حول التاسعة صباحا, (الليليون) الذين تتقد أذهانهم وتنشط أجسامهم ابتداء من التاسعة ليلاً, والمجموعة الثالثة تقع بين المجموعتين السابقتين.

إننا ننام بالليل ونستيقظ بالنهار, وهناك سبب يفسر لماذا لم يكن الأمر على عكس هذا الناموس, ذلك أن دورة الليل والنهار مرتبطة عضويا بالدورة الشمسية Solar Cycle فمع مغيب الشمس والدخول في ظلام الليل, تنعدم العلاقة المخية بين شبكية العين والغدة الصنوبرية, مما يحرر الأخيرة من التأثير التثبيطي للضوء, فتبدأ في إفراز مادة (الميلاتونين) المسئولة عن إدخالنا في النوم ومع بزوغ شمس اليوم التالي, وسقوط ضوئها على شبكة العين, يتسبب ذلك في إرسال إشارات ـ عبر عناقيد متخصصة من الخلايا المخية ـ إلى الغدة الصنوبرية لكي تثبط إفرازها لمادة الميلاتونين مما يؤهل المخ والجسم لنهار نشط.

وللنوم مشكلات سبع شائعة هي:

1 ـ الأرق المؤقت: والذي يتصل بأحداث يومية دارجة مثل الضغوط الحياتية ومنها المشكلات العاطفية, اختبارات دراسية أو وظيفية ـ الطلاق ـ مشكلات مالية أو السفر الطويل بالطائرة Jet lag

2 ـ الأرق النفسي ـ الفسيولوجي: بسبب القلق حول إمكان الحصول على ليلة نوم مشبعة.

3 ـ البرد أو الحر الشديدان وعدم توافرالسكون الضروري للنوم أو لحصول الشخص على ساعات نوم نهارية كافية, أو الجهد البدني الشاق قبل ساعة من النوم أو مشاهدة فيلم تلفزيوني يخلف انفعالاً عميقاً قبل الدخول للفراش.

4 ـ ازدياد القلق أو الاكتئاب النفسي (الاستيقاظ حول وقت الفجر من أهم أعراض الاكتئاب).

5 ـ انسداد الأنف ـ عسر الهضم ـ تكرار التبول ـ وجود مصدر للألم (الأسنان ـ المفاصل).

6 ـ تبدل نوبات العمل من نهارية إلى ليلية ثم تتحول إلى العكس بسبب اضطرابات بالساعة الداخلية للجسم.

7 ـ الإكثار من تناول السجائر ـ القهوة ـ الشاي ـ الكولا ـ الكحوليات.

والأرق تعبير مبهم إلى حد ما يصف أحد ثلاث مشاكل, أولاها صعوبة الدخول في النوم والثانية صعوبة البقاء في النوم والثالثة الاستيقاظ أبكر مما نحتاج. ولكن تظل صعوبة الدخول في النوم هي الأكثر شيوعا في أنماط الأرق, إن أغلب الناس يستيقظون لحظياً خلال نومهم ولكن لايحدث الأرق في هذه الحالة إلا لهؤلاء الذين يتملكهم القلق حول إمكان العودة للنوم مرة أخرى.

ويقول البروفيسور (جيم هورن) من بريطانيا, إن أكثرنا يبالغ في تقدير طول زمن الاستيقاظ الذي يتخلل النوم, كما وجد الباحثون أن المرأة ربما تتعرض أكثر لمشكلات النوم من الرجل بسبب التكوين الهرموني لها, ويحدث ذلك خصوصاً حول وقت منتصف الدورة الشهرية (وقت التبويض) وأيضاً في الـ 84 ساعة السابقة مباشرة لاستقبال الحيض.

كما أن المشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين مثل القهوة ـ الشاي ـ الكولا ـ الكاكاو والشوكولاتة تسهم في التسبب في أحد أشكال الأرق, أما الكحول فيقدم تأثيراً خادعا, فبينما يعطي أولاً شعوراً بالتهويم أو النعاس فإنه لايلبث أن يتسبب في الاستيقاظ بعد ساعات محدودة, ويحرم صاحبه من النوع الثاني من النوم مما يؤدي إلى تأثيرات سلبية منها اضمحلال الذاكرة والتعب والعدوانية.

على النقيض من ذلك نجد أن الحليب الدافئ من المشروبات التي تهيئ للنوم جنبا إلى جنب مع المأكولات الغنية بالحمض الأميني المسمى (تربيتوفان) والذي يخلق منه داخل أجسامنا هرمون السعادة المسمى (سيروتونين) وهو الهرمون الذي يعد المادة الناقلة للأوامر المخية لتثبيط (منظومة تنشيط المخ) ومن ثم الدخول في نوم هادئ. هذا الحمض الأميني (تريبتوفان) موجود في الغلال (Cereals) والموز والكبد واللحم, ونجد 02% من البالغين يعانون كابوساً على الأقل مرة واحدة في الأسبوع بينما تشيع الأحلام المزعجة بين الأطفال أكثر من الكبار وهي عادة تأتي خلال نوبات النوع الثاني من النوم.

وغالبا ما تتسبب الوجبات الثقيلة المتأخرة أو الإفراط في تناول المشروبات بأنواعها في تشكيل الأحلام المزعجة والكوابيس, والتي تعتبر كذلك من أهم الأعراض الإنسحابية عند التوقف المفاجئ عن تعاطي المنومات والمطمئنات.

كما أن هناك 5% من البالغين قد خبروا تجربة تفوق الكابوس لتصل إلى حد (الرهبة ـ Terror) الذي غالبا مايزول الخوف المصاحب له خلال نصف ساعة من الاستيقاظ, ويكون ضحيته غالبا الشخصية القلقة Anxious ويحدث الرهاب أثناء نوع النوم الأول عندما يكون عميقاً للغاية. بالإضافة إلى ذلك نجد أن اضطراب النوم في ليال استثنائية متناثرة لايترك تأثيراً مهما ولكن مشكلات مثل الفتور والتهويم والتوتر واضمحلال التركيز وضعف الذاكرة تعتبر من أهم مظاهر الحرمان من النوم, بينما يبقى تأثير مهمة أخرى وإن كانت أقل شيوعاً مثل الصداع والقلق النفسي وتوتر العضلات وارتفاع ضغط الدم وازدياد القابلية للإصابة بنزلات البرد وقرحة المعدة أو الاثنى عشر تبقى وارده في تقارير أبحاث مراكز النوم, أما الحرمان الشديد من النوم فمن الممكن أن يؤدي إلى الهلوسة أو فقدان الوعي أو حتى الذهان الخيلائي Paranoia

تكتيكات المواجهة

1 ـ لمواجهة اضطرابات النوم الطفيفة يمكن تناول بعض الأعشاب الطبيعية الدافئة قبل موعد النوم بحوالي ساعة مثل كوب من اللافندر أو الليمون أو البابونج أو الفلارين مما يساعد في تخفيض مستوى القلق النفسي.

(ملاحـظـة: لاينبـغـي تناول هذه الأعشاب لمدد طويلة.. كأن تصـبح نمطاً يومياً)

2 ـ أداء بعض التمارين الرياضية المتوسطة خلال فترة بعد الظهر.

3 ـ امنح نفسك غفوة قصيرة Cat nap لمدة 10 دقائق بعد تناول الغداء فهذا يزيل التوتر العصبي والعضلي ويهيئ للنوم ليلا.

(ملاحظة: النوم أكثر من ساعة بعد الظهر قد يؤدي إلى الأرق).

4 ـ تجنب التدخين, كما يجب عدم تناول القهوة والشاي والكولا والكاكاو والشكولاتة خلال الساعتين السابقتين للنوم.

5 ـ يفضل تثبيت موعد الدخول للفراش للنوم ليلا, ويفضل أكثر أن يكون هذا التوقيت قبل منتصف الليل.

(ساعة نوم قبل الساعة 12 ليلا تساوي ساعتين بعدها).

6 ـ تجنب التوتر الانفعالي قبل النوم, مثل التورط في نقاش حاد أو مشاهدة فيلم تلفزيوني يخلف انفعالاً عاطفياً شديداً, أو أداء ألعاب رياضية عنيفة.

7 ـ أخذ حمام ساخن قبل النوم يؤهل الجسم للدخول في نوم هادئ.

8 ـ قراءة مادة خفيفة داخل الفراش على خلفية موسيقية خافتة تجلب النعاس.

وبالنسبة للرضع في عمر ماقبل العامين فإن الاستيقاظ والبكاء ليلا يمكن مواجهته بوضع الطفل في فراشه والحديث إليه يلطف لمجرد إشعاره أنك موجود حوله, فإن استمر في البكاء فيمكن تركه لمدة 15 دقيقة فإن استمر في البكاء بشدة أكثر, يمكن العودة والحديث إليه مرة أخري لكي يشعر بالأمان وهكذا يمكن أن تكرر ذلك حتى يدخل الطفل في النوم بسبب الإرهاق, وغالباً ماينجح هذا التكتيك.

فإذا بلغ الطفل الذي يتعرض لمشكلة نوم سن المدرسة, فينبغي تثبيت موعد دخوله للفراش حول الساعة التاسعة ليلا مع تجنب إشعاره أن ذلك هو نوع من العقاب, حتى لاترتبط غرفة النوم بمشاعر نفسية غير طيبة مما قد يخلق مشكلة نوم وبالنسبة للأطفال غالباً ما لانحتاج إلى علاج دوائي لمشاكلهم مع النوم, عكس البالغين الذين قد يحتاجون إلى جانب النصائح السابق ذكرها إلى علاج دوائي بالمنومات.

والمنوم المثالي هو ذلك العقار الذي يدخلنا إلى النوم بسرعة Rapid onset ولكنه قصير المفعول Short acting حتى لايمتد تأثيره خلال الصباح التالي ولا يخلف آثارا جانبية شديدة.

ماجد رأفت مجلة العربي يناير 1998

تقييم المقال: 1 ... 10

info@3rbi.info 2016