مختارات من:

ألفريد حتمل ..ملحمة الإنسان والأرض

راتب الغوثاني

وقت طويل، ساهم الفنان ألفريد حتمل في العطاء الجديد والفاعل للحياة الإبداعية السـورية والعربية. ولحظة اكتمال تجربته ونضجها رحل مخلفا فـراغـا كبيرا وآثـارا تكاد تشكل تيـارا ستظل الحركة التشكيلية تنهل منه لوقت طويل.

أتقن ألفريد صناعة اللوحة، سبر أغوارها وتعلم أبجديتها لذلك فقد نادى دائما بالاهتمام بهذه الصناعة بصفتها صناعة عصرية، ونادى بتطويرها ونشرها كنموذج ثقافي فاعل ومؤثر ومهم. وقد قال في هذا الصدد "إن الاهتمام بهذه الصناعة وتأمين مستلزماتها هو شيء ضروري جـدا حتى يضمن الفنان للوحته القبول".

لكن وبرغم نزوع (ألفريد) إلى عوالم اللوحة الجديدة والواسعة.. إلا أنه بقي أمينا ومحافظا على الحس بالمكان والبيئة، من حيث التقاء المعالم البيئية والأجواء الطبيعية مع روح الأرض التي يعمل من أجلها ومع أنماط المحيط الذي يحب، ومع جهد الناس الذين نذر لهم (ألفريد) كل لوحاته وناضل طويلا من أجلهم. تعلم (ألفريد) من الطبيعة ومن تأثيراتها الفنية.. ومن الفن الأوربي. واستفاد من هذا الفن ومن تقنياته واكتفى بذلك.. إذ لم يتح لهذه التأثيرات الغربية الوافدة أن تصل إلى عمق أعماله، ولم تطل اللب منها.. فطبيعة مشاهداته البيئية والواقعية كانت من طراز آخر، طراز استوحى من خلاله أسلوبية توليف شخصية لعناصر لوحاته كلها، التي كان قاسمها المشترك تربة الوطن وهواءه وناسه. الأعمال الأخيرة للفنان (الحتمل) واصلت النظر في معالم تلك البيئة وذاك التراب...لكنهـا من جهـة أخـرى استحضرت خواطر عاطفيـة وحالات تـوتر ومواضيع إنسانية...إنه يدمج ببراعة هذا كله مع أسلوبه القديم بروح تعبيرية ورمزية لتصوير الأشخاص وبناء اللوحة العام.

بداية الانطلاق

في البداية وجـد ألفريد حتمل التشجيع من قبل الفنان المؤسس والرائد (ناظم الجعفرى) وكـان يومها (الحتمل) طالبا في المرحلة الثانـوية، عرفه الجعفري على رسم اللوحات في الـواقع وبالطريقة المألوفـة عند الواقعيين...فرسم المناظر والوجوه والموضوعات التي تهم المبتدئين من الفنانين عادة.

ثم تلقى (ألفريد) معارفه الفنية على يد علم آخر من أعلام الفن السوري هو الفنان الراحل " أدهم إسماعيل " رائد التحديث في الفن السوري الذي شجعه على الرسم وعلى خوض غمار التحديث والخروج على المألـوف البصري، إلى التشكيل الفكري. وساعده كذلك على الصعيد المادي بأن نظم له ولمجموعة من زملائه معرضا في دمشق..وكـان يومها في المتحف الوطني. ومنـذ البداية كان الهم الإنساني محور أعماله وهذا ما لمسناه عبر مسيرة فنه الطويلة.

وهنا نشير إلى أن أدهم إسماعيل شجـع في الفنان (الحتمل) هـذا الجانب وعززه وسـاعد، على طرح موضوعات كثيرة همها الأول إبراز المضمون الإنساني للإنسان الفلاح والمكافح.

على هذا الصعيد نستطيع أن نتبين الملامـح العامة لتجربة الفنان في أعماله حول الإنسان والكفاح الإنساني فقد كانت أجساده البشرية بعيدة عن الواقع، فهي تتشكل، تتطاول وتقصر تبعا للموضوع المطروق وخدمة للفكرة المطروحة وبالتالي لم يرسم (الحتمل) إنسانا محددا ولم يحك عن كائن بشري بعينه بل رسـم الإنسان كموضوع شامل وعام.

وكذلك جاء اللون متجاوبا مع هذه الفلسفة، فكان في كل أعماله هـو لون تراب الوطن، تراب (حوران)، حيث ولد الفنان وترعرع، وهو لا يخدم التأليف الزخرفي والفني فقط ولكن يخدم الموضوع، موضوعه الإنساني (الإنسان والأرض).

ويصور الفنان (ألفريد حتمل) الفلاحين من شخـوصه على أساس من الإحساس بمعاناتهم ومشاكلهم، وهو في هذا لا ينزع إلى تجميلهم ليتوافقوا مع الرؤية الجمالية، بل يتطرق إليهـم بصفته نصيرا لهم يشعر بشعورهم، يعتز بهم ويدافع عن قضاياهم، لذلك صور (ألفريد) فلاحيه في كل أعماله رجالا ونساء بدافع من هذا الإحساس وذاك التصور...فكانوا عنده أشباحا ضامرة أحيانا، يضربهم النور من عمق اللوحة أو يغطيهـم الإشعاع الشمسي مـن أعلى..ومـن ثـم يندفعون إلينا من عمق اللوحة أو يبتعدون عنا بتلك الآلية الساحرة. إنهم أيضا وفي أحيان كثيرة عبارة عن استعارات طبيعية وشبه مصطنعة..فهم بعصيهم وأدوات عملهم طوال مدببون كالشخوص الروائية أو المسرحية ولكنهم أحيانا يعـودون إلى أنفسهم أجسادا لذاتها في جلساتها البسيطة (جلسـة القرفصاء) أو في تمددهم وتكورهم..أو اضطجاعهم واسترخائهم واستراحاتهم الساهية، حيث تتلملم الأجساد في هـذه الاستراحات متراخية أو منقبضـة. إنهم هنا كما رآهم الفنان في انطباع ذكي، كتل متباعدة في الفراغ، قوية خرسـاء راسخة توحي بالصمود والتجذر والتحدي، توحي بـالصبر والانتظار والحدة والعزلة، توحي بالديمومة والانتصار، توحي بالغد الآتي من بعيد.

المرأة...الوطن

استمر الفنان (الحتمل) في معالجة المرأة لأكثر من عشرين عاما، صورها في السهـل والجبل وفي ساعات العمل الطويلة ركز عليها وعلى علاقتها بالأرض تحديدا، بصفتها العنصر الأكثر أصالة والعنصر البشري الأكثر معاناة، وجعل منها ذاتها رمزا إنسانيا للأرض والحب والكدح والعطاء، والأمومة فيها صارت عنده صنوا للعطاء في الأرض، والجـمال في الطبيعة (الجمال البكر) كان انعكاسا لجمالها وجعل من علاقتهـا بالطفولة رمزا لعلاقة الأرض بالبشر..فكـانت المرأة عنده الرمز الكبير لطهر الأرض وعطائها وجمالها وحنانها وعذريتها. في لوحـة له بعنوان (وطن) تناول (ألفريد) مجموعة من النساء في حركات مختلفة للتعبير عن حياة بأكملها، وفي لوحة أخرى بعنوان (الأرض) صور المرأة وقد التحمت بمساحات التراب والصخور ليرمز من خلالها إلى علاقة الإنسان بالأرض وقد تطورت تجربته في هذا الموضوع باتجاه شاعري يصل إلى حدود القدسية حيث قدم (الحتمل) في أعماله الأخيرة المرأة الريفية كقديسة.

وفي معرضه الأخير في روما رمز بالمرأة إلى قضية العرب الكبرى ، فلسطـين، واستطاع ألفريد أن يعبر من خلال المرأة في لـوحاتـه عن مختلف الموضوعات الاجتماعية والقومية والإنسانية والكونية الخالدة.

إذن فخاصية التحوير والإسقاط الرمزي للعناصر ومنها المرأة للبوح بالانفعال البشري ، كانت خاصية مهمة في أعماله، كما رأينا في مسألة تصديه للمرأة الرمز، خصوصا بعد معرضه عام 1962 م في دمشق حيث ظهرت أعماله كلها تتحدث برمزية وبتحويرية عن الأرض والطبيعة والمرأة والكون والإنسان.

قـدم (ألفريد حتمل) تجارب واقعيـة وحسيـة بصياغات متفرد خاصة بة وذاتية لم يعتمد على اللون بقدر اعتماده- كما رأينا- على عناصر إنسانية وطبيعية وحيوانية ليعبر من خلالها عن واقعيته، وكانت تلك هي البداية التي انطلق منها وطورها فيما بعد ليصل بها إلى مرحلة التحوير والتجريد الشامل والنابض بواقعية من نوع جديد خصوصا في مسألة حصول الإنسان عنده (وهو العنصر الأهم في تجربته) على صياغة حسية فريدة ورؤية تسجيلية بعيدة عن هم التفاصيل.

رؤيته المعاصرة لهذه الواقعية بدأت منذ عام 1962 م وذلك منذ بداية عمله في وزارة الثقافة السورية مشرفا فنيا...إذ أعطته هذه المسئولية فسحـة من التأمل الواسع لأعمال الكثيريـن من الفنانين المحليين والعرب والأجانب..فسعى بصدق إلى فهم معاصر وجـديـد (اللوحة) و(الواقعية) ساعيا- كـما أشرنا- إلى تطويرهما وفق خبرته التي بدأت بالتنامي على كل الأصعدة. فمن يشاهد لوحاته الأولى سيتأكد له ما رمينا إليـه..خاصـة لوحته (الخريف 1960) و(نظـرة صامتة 1960) و (ومنظر 1960)، وهذه الأخـيرة هي رسم لأشجـار سامقة بانفعـال واضح وبضربات فرشـاة عريضة، ساعيـا إلى إحساس ينقله إلينا: بأن المنظر الواقعي الذي يرسمه لن يكون نقـلا عن الطبيعة، بل سيكون منظرا واقعيـا من نـوع آخر، سيكون مشهـدا نابضا بالأشياء الواقعية من حيث الشكل المألوف عادة لمثل هذه المناظر لكنها تحمل معاني ودلالات كافية خلف هذه العناصر الواقعية مثل العنفوان واللا هدوء والحركة كاشفا لنا عن نفسيته الإنسانية المضطربة...إذن الحالة الإنسانية والتعبير الإنساني عن حالة ما كانت كامنة في كل حركاته وضرباته اللونية.

لوحته (نظرة صامتة) تعطي فكرة مهمة عن بداية رسمه للوجوه البشرية بالواقعية الخاصة به..إذ أضاف إلى هذا النوع من الرسم إضافات مهمة تكمن في أسلوبية التعبير عن الأعماق البشرية وكانت بـداية الابتعاد عنده عن التأويل بـاتجاه البحـث المباشر في الأعماق البشرية. هكـذا يجعلنـا (الحتمل) نترك الفعل المباشر للمـوضوع في سبيل البحث عن المكنونات النفسية التي يريد أن يقدمها عبر مفهوم جـديد للرسم الخاص بالوجوه البشرية الصامتة أحيانا عند الكثير من متناولي هذا اللون من الفوتوغرافيين والحرفيين.

لوحـة (العاصفة) مثلا المعروضة في معـرضه لعـام 1961 تعطي الفكرة الكاملة عن نضج وتطور قدرته على المعالجة الحيوية والحركية والصياغة التعبيرية المعبرة عن مكون إنساني مسقط على موضوع من الطبيعة، مع ديناميكية حركية صاغتها حذاقته الصنعوية والفنية كفنان موهوب، وظفها لتحكي عبر الأشجار والطبيعة، عن عاصفته الداخلية هو...عن مكنوناته مجموعة من النساء في تكوين يعبر عن حياة كاملة. هو كحالة إنسانية عامة. ومنذ معرضه عام 1974 م في صالة الشعب بدمشق نلحظ أن الفنان (الحتمل) بدأ يركز على المدلولات التعبيرية البشرية والإنسانية والشعبية مباشرة وأصبحت همه الشاغل حتى آخر لوحة في حياته.

لوحته (من الريف) التي تعتمد على التضـاد في الحركة بين جذوع الأشجار وعلى الإيقاعية الموسيقية التي تشكلها هذه الجذوع دلت على أهمية البحث عنده في المحيط التعبيري والإنساني للغوص عميقا بعدها في مفازات الروح البشرية..يستقي تعبيراتها وخلجاتها. وكانت المأساوية تطل في كل حركات عناصر هذه اللوحة. مأساوية بشرية لا علاقة لها بمأساوية الطبيعة التي يصـورها بـواقعية...إنها تعبير بشري عبر واقع وتعبير طبيعيين. وهـذا ينطبق على لوحته "الحصـاد" التي رسـم فيهـا الفلاح والثـور بشكـل واقعي ، يكافحان ضد قسوة الطبيعة.

ملحمة الأرض والإنسان

منذ عام 1978 م بدأ الفنان (ألفريد) يتعرض لموضوع الأرض والإنسان بمفهوم تعبيري ملحمي معاصر نابض بالواقعية والرمزية ...وبرغم تعدد الأعمال والأشكال والتكوينات عنده...إلا أن الموضوع المهم لديه ظل واحدا هو الريف والحياة الريفية والتعبير عنهما.

عن معرضه لعام 1978 م قـال طارق الشريف: "ضم معرض الفنان ألفريد حتمل مجموعة من الأعمال الفنية التي تعالج مـوضوعات تكاد تكون واحدة برغم تعدد طرق المعالجة وهذا الموضوع الواحد يرتبط بالريف والحياة الريفية اليومية ومعاناة الإنسان في هذا الريف وآلامه. وتتجلى هذه المعاناة في معالجات الحتمل الفنية من خلال الحركات والوجوه وتحس بأنها شاملة لأن كل ما يرسمه (الفريد) يضعه ضمن حركة من الخطوط التي تجعل الإنسان يعيش المأسـاة التي تنبعث من الأرض والتي تجعل عمل الإنسان وجهده المضني مؤلما غاية الإيلام في ظروف الاستغلال والظلم والقهر.." لذلك فان معرضه هذا وغيره من المعارض اللاحقة مثلت ملحمة الإنسان والأرض. فالمواضيع هي المرأة والريف والأرض والفلاح ومعاناة الإنسان من خلال علاقته مع الأرض وفرحتـه بتجـديد الحياة والولادة. وطيلة فترة الثمانينيات هيمنت "الملحمة" كفكرة وأسلوب على أعماله لذلك نلحظ أن تأليف اللوحات عنـده خضع لتكوينات بعيـدة عن الـواقع التسجيلي واقتصر على الأشكال والمساحات الحرة والحيوية والمتحررة من التقيد بالمنظور الواقعي، انسجاما مع المضمون المطروح (الملحمة) كما ركز على البناء الهندسي لربط عناصر اللوحة وشدها بعضها إلى بعض خالقاً أشكالا جديدة لها طابعها المتين البعيد عن العفوية كما يلحظ للوهلة الأولى، في طرح الأشخاص والتعبير عنهم في معالجته للمواضيع المتعلقة بالملحمة الإنسانية (ملحمة الأرض والإنسان).

الأرض عند (الحتمل) صارت كتلة من الهندسيات التي تشد إليها الهياكل البشرية في إطار الشكل الفني المعتمد على التقابلات والتحويرات الهندسية. لقد كان الحتمل من المشجعين للتجديد في الشكل والتكوين الذي يربط مواضيع مختلفة ذات مضـامين ملحميـة مختلفة واسعة ضمن هدف واحد هو الأرض والوطن والمرأة كما رأينا.

خصائص التجربة

في بداية التسعينيات استوت تجربة الفنان (حتمل) على نضج حقيقي لفنان مـؤسس ورائد ومعلم وباحث فأخذت هذه التجربة تتوق لتأصيل معالم جديدة ولتشكيل بصمة جديدة في الفن السوري ومن خصائص تجربته في التسعينيات:

1- البساطة الشديدة في المعالجة اللونية والخطية والشكلية، لموضوع أساس في لوحاته هو الأرض، لونها هـو الأصل والناس، هم تـوهجـاتها ، هم ظلالها وإشعاعاتها أو هم كتل مربوطة إليها قابعة في الظل أو في النور.

2- السعي إلى خلق الرموز من مدركات طبيعية وتحميلها الأفكار والرؤى عن الحياة والمجتمع والعمل والخلجات الإنسانية فقبل رحيله رسم الفنان مجموعة هائلة من اللوحات بلون واحـد وبدرجات متفاوتة كأنه يريد أن يقول: إن الإنسان والأرض والشجر والسماء والشمس عناصر متكاملة، تشكل بمجموعها الحياة لونها الموحد.

3- إنه يتناول أشكاله انطلاقا من مبدأ النظرية الكلية الشاملة وليس من مبدأ النظر إلى الأشياء من خـلال أجزائها، لذلك فان لمساته كلها عريضة وكبيرة وهذا حد ذاته حرية تتجاوز التشريح والوصف الأكاديميين، رغبة منه في الوصول إلى إحساس فني فيه عفوية وشجاعة وانطباع تلقائي وصادق.

في هذا قال عنه الفنان ممدوح قشلان:" الموضوع في لوحات الحتمل لا يعبر عن مشاكل خاصة ترتبط بذاتية في هذا قال عنه الفنان ممدوح قشلان "الموضوع في الفنان الضيقة فقط بل يندمج الموضوع عنده مع الإنسان العام الذي يكدح ويعمل متناسيا حتى نفسه".

كما قال عنه الفنان الراحل (نعيم إسماعيل) منذ سنوات عديدة: "تظهر محاولات الفريد حتمل على أنها محاولات جادة وصافية للاستبقاء على الواقع والاحتفاظ به عبر للعلاقات المتينة الوطيدة بحياة الجماهير ومعالجة المشاهد المألوفة والغريبة التي تحس بشكل واضح وصريح مشاكل الشعب بمحبة عميقة وإحساسات غنية بعيدة عن التكلف والادعاء".

أما (عيد يعقوبي) فقد كتب: "كنت أحس بثورة فرشاته وهي تنتقل على سطوح اللوحة ليخـاطب بها البسطاء بلغة الفن البسيطة، لغة هذا الشعب الذي تتمثل فيه صفة الطيبة والبراءة والبساطة أيضا".

وكتب (غازي الخالدي): "كان أكثر ما يدهشني في أسلوب رسم ألفريد حتمل بالقلم الرصاص، هو جرأته وثقته بنفسه وعدم خوفه من الموديل الذي يرسمه كانت مسألة الشبه تشغلني كثيرا وكنت أخاف أن أرسم إنسانا ما فتكون الصورة بعيدة الشبه عن الأصلي أما هو فقد كان يقول لي: تأمل الشكل الذي أمامك بكل جوارحك وأحاسيسك فتجد نفسك ترسم الإنسان الذي يقف أمامك بكل بساطة".

وهكذا كانت أعمال الفنان (ألفريد حتمل) كشفا عن عمق ارتباطه بالمواضيع الشعبية والملحمية وعن بساطة نقله لما يرى مع الإحساس بأنه لا ينقل ما يرى بل يستوعبه ويهضمه ويصوغه ويعيد ترتيبه، ليصبح أكثر درامية وأكثر تعبيرا عن طريق الحركة التي يعطيها للأشياء والموجودات وهكذا يكشف عن شخصية فنان تداخلت مع ذاتيات الناس ومشاكلهم فأصبحت ريشته عابقة بالهموم والمآسي، تتحرك بصدق لنقلها إلى كل الناس..عبر تعديات على الشكل المشخص وعلى جمالية الأشكال أحيانا وحتى على بريق اللون للوصول إلى بلورة حقيقية للفكرة المطروحة معتمدا كذلك على السحابات اللونية العريضة والطويلة التي ترفع من قدرته التعبيرية العاطفية وتنسجم مع طبيعـة مواضيعه وأسلوبه في التركيز على محاور مركزية مع أولوية للتحريف والمبالغـة للتأكيد على نزوع عاطفي إنساني بحت.

راتب الغوثاني مجلة العربي نوفمبر 1995

تقييم المقال: 1 ... 10

info@3rbi.info 2016