يوم يجيب «الويب» عن كل أسئلتك!
حينما انتهى مبتكرو شبكة الإنترنت، وفريق الباحثين المتخصصين، من تحقق إنجازهم الفريد، وتأكدوا من انشغال الجمهور في استخدام هذا المنجز الذي وضع البشرية أمام ثورة الاتصالات والمعلومات الهائلة التي نعيشها اليوم، فإنهم سرعان ما شرعوا في البحث عن سبل تحقيق طموح جديد.
كان طموح الباحث تيم بيرنرز لي، منذ مايزيد على عقد مضى، هو إيجاد وسيلة بحث بالغة الدقة على محركات البحث، أي تحديد مجال البحث مقارنة بما يحدث الآن. فعندما نقوم الآن بالبحث عن كلمة، أو اسم، وليكن «نجيب محفوظ» مثلا، فسوف يظهر لنا نحو 765000 نتيجة، ربما لا يحتاج الباحث منها إلى أكثر من عشر نتائج. لكن الحقيقة أن ما يطمح له تيم بيرنز لي، ليس ترشيد عدد النتائج، وتحديد إطار البحث فقط، وإنما الوصول لإمكانية أن يتمكن الويب من إجابة أي سؤال يطرحه مستخدم الشبكة.
وهذا يعني، ضمنيا، أن وسائل البحث على محركات البحث الحالية ستندثر في حالة تحقق هذا المنجز الحلم.
على مدى السنوات الماضية، بدأت بناء على هذه الأبحاث عدد من التطورات، ومنها ما يتعلق بالموسوعة الإلكترونية «ويكيبيديا»، التي تم تطوير تصنيفاتها، بحيث يصبح البحث فيها أكثر دقة.
وفقا لتقرير نشرته مجلة «نيو ساينتست»، يقول توم هيث، أحد خبراء الويب في برمنجهام: «جمعنا نتائج النظريات والأفكار والأبحاث التي أجريت حول الموضوع على مدى السنوات العشر الماضية لنحاول أن ننقلها إلى الواقع».
وأبرز نتائج هذه الجهود ما يعرف الآن بـ « DPpedia » وهي نسخة مطورة من ويكيبيديا «wikipidia »، ومع ذلك فما أنجز يمكن أن يظهر معلومات مفصلة حول موضوع واحد في صفحة واحدة، لكن الأمر ما زال صعبا في حالة البحث عن إجابة، أو وضع أسئلة معقدة.
يعود الفضل في إنجاز النسخة المطورة من ويكيبيديا إلى فريق من المتخصصين من جامعتي برلين وليبزج الألمانيتين، الذين قاموا بتطوير برنامج مهمته تحليل محتويات الموسوعة الإلكترونية، ثم إعادة تنظيمها وفقا لقوائم صممت بحيث تجمع المشتركات في العديد من الأشياء.
ومع ذلك، فما أنجز ما زال في مجال التجريب والبحث، فهناك كلمات ما زالت ملتبسة وبينها مثلا كلمة Saxony التي يمكن أن تشير إلى معركة تاريخية وقعت في منطقة ساكسوني، ويمكن أن تشير إلى لاعب كرة في الوقت نفسه.
لكن النسخة المطورة من ويكيبيديا قادت الباحثين للتفكير بأنه إذا تم تصنيف المعلومات، وتطوير طرق البحث عن «المستهدف»، فسيكون من المهم تصميم برامج بحث تجعل أجهزة الحاسب قادرة على فهم نوع المعلومات المتضمنة بها.
وبفضل هذه التجارب، ظهرت نتائج لابتكارات جديدة في المجال، ومنها مثلا ما توصل اليه كل من كريستيان بيكر، وكريستيان بيزار من جامعة برلين الحرة، حيث نجحا في تطوير ما يعرف بـ«DBpedia Mobile »، وهو برنامج خاص بأجهزة التليفون الخلوي، مهمتها تحديد موقع المستخدم عبر الستالايت، وبناء عليه تبدأ في تحديد موقع المستخدم على الجهاز، بحيث يرى نفسه على الخريطة، ثم يتم تزويده بمقالات مكتوبة عن المنطقة التي يتواجد فيها، عبر موسوعة ويكيبيديا، بالإضافة إلى أسماء المطاعم، وأماكن الترفيه في المكان المحدد، والصور الفوتوغرافية المتعلقة بالموضوع.
وهناك بعض مؤشرات تطبيق هذا التطوير باستخدام تطبيقات هذه البرامج الجديدة في بعض المواقع الخبرية على الإنترنت، وبينها بي بي سي، و Every block، في الولايات المتحدة، وغيرهما.
إلا أن الهدف المبتغى ما زال بعيدا، ينتمي لعلم المستقبليات، لكن طموحه قد يجعل الكمبيوتر قادرا، حتى على تحديد الأطباء الأكثر مهارة في تخصص بعينه في منطقة بعينها، أي أن الكمبيوتر سيكون دليل الفرد في كل شاردة وواردة، وحارسه المعلوماتي، إن صح القول. ترى هل يتحقق ذلك الفرض قريبا؟
الأداء العربي على الإنترنت.. بالعامية فقط!
لا يحتاج المرء إلى الكثير من الجهد ليتبين فداحة فقر المحتوى العربي على الإنترنت مقارنة بالمحتوى الغربي، باللغات اللاتينية إجمالا، وبالإنجليزية على نحو خاص. إبحث في أي من محركات البحث عن موضوع معين، باللغة العربية، ستظهر لك عشرات وربما مئات الروابط، لكنها لاتحيل سوى على مقالات أو تقارير خبرية تتسم، في غالبيتها، بالخفة، وأغلبها منقول عن بعضها البعض، ونادرا ما يصادفك مقال عميق، أو تناول موسوعي لأي موضوع من موضوعات البحث، مما يجعل الأمر أشبه بالدوران في دوائر فارغة.
على العكس من ذلك، فعند البحث عن موضوع باللغة الإنـــجليزية، سيجد المتصفح عددا وافرا من الروابط ذات الصلة، التي تحيل على تعريفات موسوعية، ومقالات نقدية في الموضوع نفسه، وكتب تتناول الموضوع، وغيرها.
ما الذي يمكن أن تدلل عليه هذه الظاهرة؟ هناك الكثير من الدلائل البديهية، منها أن الثقافة العربية ما زالت تكرس للثقافة الشفهية أكثر بكثير مما تهتم بالتدوين، بكل ما يعنيه ذلك، وبكل ظواهره من تدني مستويات الإقبال على القراءة مقابل مشاهدة التليفزيون مثلا. وأن المجتمع العربي بسماته الاستهلاكية، في سلوكه، وفي تحصيل المعرفة، على السواء، قد نقل تراثه الاستهلاكي إلى شبكة الإنترنت. وإذا أنتج الجمهور العربي على الإنترنت فماذا ينتج؟ المدونات هي واحدة من الشواهد، أغلبها مدونات أدبية يمتلك كتابها الموهبة، لكن هناك في المقابل مئات المدونات غير المتخصصة التي يدون أصحابها في كل شيء، ويعلقون على أي شيء، لكنهم يسرفون في استخدام اللهجات العامية بدلا من الفصحى. وهي ظاهرة غير مفهومة ألبتة، فهل يجب لكي يكون الفرد «حرا» في التعبير عن نفسه أن يستخدم لهجة عصرية شابة، وأن يصبح «كوول»، كما يشيع المصطلح المستقى من الإنجليزية ومقابله في العامية المصرية «روش»؟ وأن يضرب عرض الحائط بكل القيم وبينها أصول اللغة التي تمتلك طاقة هائلة من الجماليات اللغوية التي يهدرها هؤلاء المدونون بلا أدنى إحساس بفداحة ما يفعلونه.
هل تتنافى اللغة العربية، بكل إمكاناتها وجمالياتها مع التعبير عن مشاعر الشباب، وهل يظن البعض منهم أن ما يشعر به، يستعصي على هذه اللغة المطواعة الآسرة ببلاغتها؟ المشكلة أن هذه الظاهرة لا تقتصر على المدونين المصريين، وإنما تمتد لعدد كبير آخر من المدونين، في الشام، وكذلك بعض المدونين من دول الخليج العربي، وكأن التدوين صنو نفي اللغة وابتذالها، أو أن العامية تكسبه صبغة خاصة، و«حميمية» تميزه عن الوسائط المقروءة الأخرى.
وهذا أيضا منطق أظنه مغلوطا، لأن الكتابة باللهجة العامية، بمرور الوقت، تصبح نمطية، ولا يبذل كاتبها أي جهد للبحث عن جماليات جديدة ، على عكس الفصحى التي بإمكانها أن تبهرنا كلما حاولنا بذل جهد في كشف جمالياتها وفصاحتها وبلاغتها معا. هذا عن اللغة، وهي في ظني تعكس دلالة قوية لأن الشكل لا ينفصل عن المضمون، مع التأكيد أن هناك استثناءات لمدونات ومواقع جادة تستخدم الفصحى وتجتهد لكنها قليلة.
هكذا يبدو حال محتوى الإنترنت العربي الراهن، وهي صورة قد لا تبدو مبشرة، دون إغفال أن هناك، بطبيعة الحال، الكثير من الاستثناءات لمدونات ومواقع عربية، تهتم بإنتاج محتوى راق ومميز، ومبتكر. لكن حال الإنترنت العربي، وقفزه عن موقعه الراهن، مرهون بتحول الاستثناءات من موقعها الحالي لكي تصبح هي القاعدة.
مدونات الكتب المصورة
القصص المصورة أو فن «الكوميكس» كما يعرف في الغرب هو سوق كبيرة لها جمهور واسع من القراء لا يقل عن قراء الكتب التقليدية بأي حال، وتتنوع اهتماماته بين الروايات العاطفية، والقصص التاريخية، وقصص الرعب، والموضوعات الاجتماعية وغيرها. لكن هذا الفن يعتبر فنا نادرا في العالم العربي، ولا توجد كتب من هذا النوع من الكتب موجهة للقاريء العادي. ففي الثقافة العربية يشيع أن هذا النوع من الفنون موجه للأطفال فقط. من جهة أخرى هي صناعة ضخمة تكلفتها كبيرة جدا، وتحتاج إلى عدد من الرسامين المحترفين، والموهوبين في التأليف، كما تحتاج إلى توافر ورش فنية يوجد بها محترفون في الجرافيك وفي التحبير والتلوين، لأن النظام المعمول به في أوربا والقائم على التخصص، هو قيام كل شخص بالتخصص الذي يتقنه، فالرسام يبدأ برسم الكادرات، وتنتقل الكادرات لشخص آخر مهمته التحبير، ثم ثالث يقوم بالتلوين، وآخر يضع الكلام الخاص بكل كادر في الكادر المحدد، وهكذا.
ومع ذلك فلو تأسس هذا الفن فإنه سيجد إقبالا شديدا من الشباب من خريجي كليات الفنون، ومن الكتاب على السواء، ربما نحن فقط نحتاج إلى الخطوة الأولى، والتي يمكن أن تبدأ من دور النشر المهتمة، والمحترفة في صناعة كتب الأطفال، لأنها تمتلك الحد المناسب الذي يمكنها من دخول مثل هذه التجربة. هناك تجربة رائدة لفنانة إيرانية هي مارجان ساتارابي قامت بإنتاج كتاب مصور للكبار بعنوان بيرسوبولس، عن المجتمع الإيراني والحرية ووضع المرأة فيه، أصبح ظاهرة في أوربا، وتحول إلى فيلم سينمائي، حصل على جوائز عديدة بينما لم نعرف عنه شيئا في منطقتنا العربية. وهذا يوضح الدور الخطير والمهم الذي يمكن أن يلعبه هذا الفن إذا استوعبنا أهميته، وهنا عدد من المواقع الإلكترونية المهتمة بهذا الفن في الغرب:
yetanothercomicsblog.blogspot.com
comicstripblog.com
Joaheads.com