مختارات من:

هل نتقدم إلى الخلف؟

سليمان إبراهيم العسكري

هناكإدانة-علىنطاقواسع-فيأوساطالمثقفينالعرب,لآليةالنقلمنالماضي,لأنهاتقطعالطريقعلىكلاجتهاديوائممابينالحاضرومكتسباتهوالماضيومعطياته.

لكنإدانةالنقلمنالحاضر,المنتميلثقافاتتهيمن-أوتريدأنتهيمن-علىالثقافاتالمستضعفةفيعالماليوم,ومنهاثقافتناالعربيةالإسلامية,لمتحظإلابأقلالقليلمنمحاولاتالنقدأوحتىإعمالالتفكيرفيها.ومنهذهالمحاولاتالقليلة,بلالنادرةهذهالأيام,مداخلةذكيةلمفكرعربي,نرىأنهاجديرةبالاهتماموالتمعنفيها.

تسرّبتفكرة(التقدم)و(التأخر)إلينابطريقةجعلتنا,بالرغممننقائصها,نشكفيأنناأقلمنأممأخرى,وننطويعلىعيوبومثالبلاعلاجلها
تحكيممعاييرالقوةالعسكريةوالتقنيةوالاقتصاديةلبعضالأمملايقطعبأنهاتتقدمروحيًاوثقافيًاعلىأممأخرىأقلمنهاقوةفيزمنمعين
ظهرتتحذيراتمنأخطارالتنميةالاقتصاديةالسريعةعلىالبيئةوالأنواع,ولمتظهرفيالمقابلتحذيراتمنتعرضثقافاتالدولالفقيرةللتلوثأوالانقراض
في(حقوقالإنسان)لابدمنمراعاةالفروقاتالثقافيةوالدينيةللمجتمعاتعندالتطبيق,فماينطبقمنهلدىثقافةمعينةليسبالضرورةقابلاًللتطبيقلدىثقافةأخرىمختلفة
د.جلالأمين,أستاذالاقتصادبالجامعةالأمريكيةبالقاهرةحاليًا,مثقفعربيمنطرازخاصوتكمنخصوصيتهفيروحهالمتمردة-بالمعنىالثقافي-علىالمسلمات,أوالأمورالتييريدلهاالبعضأنتكونمسلمات.وهوبهذهالروحيدخلفيمناطقمجهولة,ويدهشبأفكارلامعة,لانجزمبصوابهاأومجانبتهاالصواب,لكننانقطعبجديةهذهالأفكاروجدتهافيالوقتذاته.وهوفيهذاالشأن,معنفرقليلمنالكتّابوالمفكرينالعربالمعاصرين,يقومبدورمهمفيتحريكالراكدوإيقاظالنائم,وهودورجليلوخطير,فيزمنعربيحرجيتطلبنبذالركودحيثماكان,وفيأيمنمناشطحياتناالعربية,وإيقاظالنيامعنمتغيراتفادحةتحدثفيعالمناالعربياليوم,خاصةفيالمجالالثقافي.وبالرغممنكونجلالأمينأستاذًامرموقًافيعلمالاقتصاد,فإنهلميقولبعقلهفيماتتقولبفيهعقولكثيرينمنالاقتصاديينالعربوغيرالعرب,بليعبرأرقاموإحصاءاتومنحنياتالاقتصادبعينكاشفةليرىالظواهرالاجتماعيةوالسياسيةوالثقافيةالتيتتراءىلهوراءذلككله.لقدجاءأحدثكتبهبعنوانواضحالدلالةوهو(خرافةالتقدموالتأخر)لكنوضوحالدلالةلايغنيعنالغوصفيصلبالكتابالذيهو-شأنكلكتبهوكتاباته-مسرحفكريلأداءسهلممتنع,يختلطفيهالعلمبالفن,والتمردبالحكمة!

نحنوهم

الكتابمنذالبدايةيعمدإلىهزمسلمةبدتراسخةفيأذهانكثيرين,وهيفكرة(التقدم)ونقيضها(التأخر),فيقول(منأينتسرّبتإليناهذهالفكرة!فكرةالتقدموالتأخر,فتشربتبهاعقولناإلىهذهالدرجة,ولميعديخامرناأدنىشكفيأنهم(متقدمون)ونحن(متأخرون),ليسفيهذاالشيءأوفيذلكالميدانبعينه,ولكن(بصفةعامة),حتىبدأنانتساءل,خفيةأوصراحة,عماإذاكانفيناعيبمتأصل,أونقائضتمنعناأصلاًمنالتقدممثلهم.عيوبأونقائضتعودإماإلىلونالبشرةأونوعالجينات,أوطبيعةاللغة,أوالمناخوحتمياتالجغرافيا,أوأشياءسحيقةحدثتفيالتاريخنتيجةلتفاعلكلهذهالعواملمجتمعة??كيفتسربتإلىعقولناهذهالخرافة,خرافةالتقدمأوالتأخر?).

منهذهالبدايةيتضحلناأنالكاتببصددالبحثفيالمصطلحمنزاويةعلاقة(الأنا)العربيبالآخرالغربي.وهويطرحذلكفيتساؤليليالتساؤلالأولوإنفيموضوعآخر:(أينالعلاقةبينكونأمتكأقوىمنأمتيعسكريًا,أوأكثررخاءًأوأكثرتقدمًافيالعلموالتكنولوجيا,وبينماإذاكاندينكأقربإلىالحقيقةمنديني?لغتكأرقىمنلغتي?أدبكفيعصرازدهارهأجملأوأقلجمالاًمنأدبيفيعصرازدهاره?موسيقاكأقدرعلىتحريكالمشاعرأمموسيقاي?شعبكأخفدمًاأمأثقلظلاًمنشعبي?أسرعبديهةأوأكثرفصاحة?معاملتكللمرأةأكثرإنسانيةأممعاملتيلها?حبكللأطفالأقوىأمأضعفمنحبيلهم?ماالعلاقةبينالقوةالعسكريةأوالرخاءالماديأوالتقدمالعلميأوالتكنولوجيبماإذاكنتأسرعإلىالصفحمني?أكثرأمأقلاستعدادًاللعفوعندالمقدرة?أوأقدرأمأقلقدرةعلىضبطالنفسعندالغضب?).

وبالرغممنأنصيغةالتساؤلتوحيبطلبالحوار,فإنهابمضمونماتتساءلعنه,تحتشدبكثيرمنالاستنكارلتحكيممعيارالقوةالعسكرية,أوالاقتصادية,أوالتقنية,فيالحكمعلىقضاياروحيةونفسيةوثقافيةلايعقلأنتخضعلمنطقالقوةالماديةوأدواتهامنأسلحةوأرصدةومنتجاتواستهلاكمادي,فهذهكلهالايمكنأنتكونمعيارًالمقاييسالروحوالنفسوالعلاقاتالثقافيةداخلأيمجتمع,بلهيلاتصلحكمعيارلقياسالسعادةوالتعاسةفيأيمجتمعبشري,وليسببعيدعنامثالأنأكثرمعدلاتالانتحارفيالعالمليستفيدولالجنوبالفقيرةأوالمنعوتةبأنهادولمتخلفة,بلإنأكبرمعدلللانتحاريحدثفيأكثردولالشمالتقدمًاورخاءً-منحيثالمدنيّةومتوسطدخلالفردوالضمانالصحيوالاجتماعي.

حقولتجاربفاشلة

يمسكالكاتبفيكتابهبتلابيبمفهومالتنميةكماطرحعلينامنخارجإطارناالثقافي,فيقول:(لميخطرببالكُتَّابالتنميةفيذلكالوقت,ولانحنجرؤناعلىلفتنظرهمإلىأنالخصائصالعكسيةقدتكونبلغتعندهمحدًالمتعدمعهاأفضلمنخصائصناالتيلاتعجبهم.فالمبالغةفيقدرةالإنسانعلىالسيطرةعلىمصيرهقديترتبعليهامنالنتائج,ماهوأسوأمنالمبالغةفيالتقليلمندوره.

والإعجاببالجديدلأنهجديدقدلايكونأفضلمنالتمسكبالقديملمجردأنهقديم.وتحريرالمرأةقديصلإلىحدتحريرهامنالروابطالعائليةنفسهامماقديقللمنرفاهيةالجميعبمنفيهمالمرأةنفسها,والإفراطفيالفرديةقدلايكونأفضلمنالإفراطفيالارتباطبالأقاربالبعيدين..).

وفيمراجعةتاريخيةللمفهوم,يحدد:(فيعقديالخمسينياتوالستينياتكانتمنأكثرنظرياتالتنميةشيوعًانظريةروستو(W.Rostow)فيمراحلالنموالاقتصادي,التيقالتإنأيدولةيمكنتصنيفهاإلىمرحلةأوأخرىمنمراحلخمس,وأنهمنالممكنترتيبالدولبعضهافوقبعضبحسبمدىتقدمهافيالسيرمنمرحلةمتأخرةإلىمرحلةمتقدمة.والهدفالنهائيهوبالطبعالوصولإلىماوصلتإليهالولاياتالمتحدة,وهيمرحلةالاستهلاكالجماهيريالعالي(MassHighConsumption),والتيتعتبرأهمسماتهاشيوعاستهلاكالسلعالمعمرةكالسيارةوالثلاجةوالمكنسةالكهربائية,انهمكنانحنطلابالتنميةالاقتصاديةفيذلكالوقتفيمحاولةتحديدإلىأيمرحلةمنمراحلروستوتنتسبهذهالدولةأوتلك,وهلمعدلالاستثمارالذيتتطلبهمعادلةروستوللانتقالمنمرحلةمتخلفةإلىمرحلةأعلى,هوالمعدلالصافيأمالإجمالي,ولمنلاحظوقتهاأنكتابروستوكلهلميحتوعلىكلمةواحدةعنالسماتالثقافيةللأمة,ومايمكنأنيحدثلهانتيجةالانتقالمنمرحلةمنالمراحلالخمسإلىمرحلةأخرى...).

وتستمرالمراجعةالتاريخيةالتشريحيةللمفهومالذيلاتلبثصيغتهالقديمةأنتتداعىأمامصيغةجديدة,فمنذنهايةالستينياتوطوالالسبعينياتانتشرتأفكارمدارسجديدةفيالتنميةهيالمدرسةالرافضةللتبعية(Dependency)والمناديةبفكالارتباط(Delinking)معالغرب,وبالتنميةالمعتمدةعلىالنفس(Selfreliance).ولكنالملاحظأنرفضالتبعيةمنجانبالغالبيةالعظمىمنهؤلاءالكتّابكانمنصبًاعلىالتبعيةالاقتصادية,ولمتحظالتبعيةالثقافيةباهتماميذكرمنجانبهم.وربماكانتفسيرذلكأنقادةهذهالمدرسةكانوامنأمريكااللاتينية,ومنثمهمينتسبونفيالأساسإلىالثقافةالغربيةنفسها,لغةودينًاوقيمًاأخلاقيةوسلوكية,إلىحدما.

ونادرًاجدًاماوجدنافيهذهالكتاباتأيإشارةإلىأنالإنسانلهحاجاتثقافيةأيضًاإلىجانبحاجاتهالمادية,وأنالثقافةالوطنيةتحتاجإلىحمايةمثلمايحتاجالإنسانإلىالغذاءالكافيوالكساءوالمأوىالملائمين.وظهرفيالسبعينياتأيضًامنعبّرواعنقلقهممنتدهورالبيئة,ومنأنالتنميةالاقتصاديةالسريعةقدتهددالبيئةالماديةبالتلوثكماتهددبعضالكائناتالحيةمنالحيوانوالنباتبخطرالانقراض,ولكنقلماكنتتجدأحدًايعبرعنقلقهمنالخطرالذييهددثقافاتالدولالفقيرةبالتلوث,ويهددبعضهذهالثقافاتبالانقراض.

النقائصوالعواقب

أمامظاهرةانهيارالصياغاتفيطرحمفهومالتنمية,ينموالشكالداعيإلىالتساؤل:أينكناسائرينإذنونحنعلىخطىالمفهومالسابق?ألمنكننسعىإلى(التقدم)الذيحددوهلنامنخارجثقافتناوخصوصيتنا?هلكانذلكتقدمًاإلىالخلف?ومنيجزملنافيأنالدربالجديدالذيتحددهالصيغةالمستجدةلمفهومالتنميةليسقابلاللتداعيمثلسابقه?هلنحنحقولتجاربللنظرياتالوافدة,التيثبتأنهالمتلتفتلأطرناالثقافيةوإرثناالروحي?إنهتساؤلمشروعيفضيإلىشكوكواجبةالطرح,خاصةعندمانرىونراجعماانتهتإليهالنظرةالجائرةلثقافتناالتيلاتوصفالآنفيالغرب-علىالأقلفيأجهزةالإعلام-لابالتأخرأوبالتخلف,بل(بالإرهاب)ولميعدالمطلوبهوالارتقاءبهذهالثقافة,بحيثتتكيفمعمتطلباتالتنميةالاقتصادية,علىأساسأنهذههيطريقةالتعاملالمناسبةمع(التخلف),بليبدوأنالمطلوبالآن-منقبلبعضالدوائرالمتعصبةفيالغرب-هواستئصالهذهالثقافةمنجذورها,علىأساسأنهذههيطريقةالتعاملالمناسبةمع(الإرهاب)..هكذا!وهوموقفجائرلايبررهصدورأصواتنشازمتعصبةتنتميإلىثقافتنا,ولايبررهارتكاببعضالمحسوبينعلىثقافتنا,وخاصةالإسلاميةلأحداثعنفجسيمةوشاذةنستنكرهابشدةونطالبقوىالمجتمعكافة,حكوميةوأهليةبمكافحتهابلاهوادة,وعزلهاعنثقافتناالتيندافععنهاونطالببحمايتهامنالمتعصبالغربيوحامليرايةالتعصبالتكفيريفيالجانبالإسلامي.

ولوتغاضينانظريًامنزاويةاقتصاديةبحتةلنتائج(تجارب)التنميةوفقًاللحدودالتيرسمهالناالآخرونلوجدناأنه(بعدأربعينعامًامنهذهالتنميةالاقتصاديةالنشطةبفتراتصعودهاوهبوطها,بنجاحاتهاوفشلها,كانتالصورةالعامة-كماكانلابدأننتوقع-بائسةتمامًامنالناحيةالثقافيةوالحضارية,وهيمايمكنوصفهبالمسخالذييجمعبينهويتينأوشخصيتين,ويتسمبالقبحالشديد,فضلاًعنفقدانهأيشخصية,ومنثمعجزهعنأنيقدمأيمساهمةمتميزةللثقافةالإنسانية,إذانشغلسياسيوومثقفووفنانوأممالعالمالفقيرةبتقليدوتكرارمايفعلهسياسيوالغربومثقفوهوفنانوه.وعندماشرعالاقتصاديونعندناوعندهمفيتقديمكشفالحسابعنالمكاسبوخسائرهذهالأعوامالأربعين(1950-1990)لميُضمِّنواكشفهمبندًايتعلقبالثقافةوالحضارة,بلاقتصروافقطعلىالبنودالاقتصادية,كمتوسطالدخل,ومعدلاتالادخاروالاستثمار,ودرجةالتصنيع,ومدىتدفقالاستثماراتالأجنبية...إلخ,وهكذانفكرفيالتنميةإلىيومناهذا!بلولميتناولواحتىأثرالتغيراتالثقافيةوالسلوكيةفيالمتغيراتالاقتصادية,بينماكانمنالممكنجدًاأنيكتشفواأنكثيرًامنأوجهالفشلالاقتصاديقديكونراجعًاإلىتغيرفيأنماطالسلوكوالقيموالأخلاقوالحياةالثقافيةبوجهعام.ومنثمكانلابدمنتغييرالصياغة,وخضوعحقلالتجاربالذيهونحن,للمعاييرالجديدةالوافدةأيضًا,والواردةبتسميةجديدة,يشيرإليهاالكاتببجرأةويسميهابوضوح:(التنميةالبشرية),ويقولإنخطورتهاتكمنفيالإيحاءبأننانتكلمعنمختلفجوانبالحياةالإنسانيةورفاهيتها,وهذا-بالطبع-غيرصحيح.

ويعطيالكاتبمثالاًصارخًابمعلومةشائعةتمالترويجلهاحتىباتتبديهيةلدىكثيرمنالمتحدثينالعربأنفسهمعنالتنمية,وهيمقارنةالناتجالقوميالإجماليللدولالعربيةمجتمعة,بالناتجالقوميالإجماليلإسبانيا,والقولبإنمجموعالناتجالقوميلاثنتينوعشريندولةعربيةهوأقلمنالناتجالقوميالإجماليلدولةواحدةهيإسبانيا,وهنايرىجلالأمينأنذلكالمثاللاينطويإلاعلىمحاولةإذلالوإهانةللعرب(وتقديمسلاحجديدليستخدمهأعداؤهمللإمعانفيإهانتهموإذلالهم,وهذاهوماحدثبالفعل,إذلميفتأيشخصمنالمهتمينبالتشهيربالعربفيالغرب-وفيبلادناعلىالسواء-استخدامهذهالمقارنة.وكاناختيارإسبانيابالذات,لأنهادولةلاتقترنفيالذهنبالتقدمالاقتصاديالباهر,ومنثمفتفوقهاعلىالدولالعربيةمجتمعة,لابدأنينطويعلىإذلالأكبرللعرب).وفيلمحةذكيةومضادةلهذاالمثاليقولجلالأمين:(ولكنهذاالانطباعالمهينينطويأيضًاعلىقدركبيرمنالتضليل,فكثرةعددالدولالعربيةيستخدمهناللإيحاءبالعجزبالرغممنالكثرة,معأنسبعًامنهذهالدولالعربيةيقلعددسكانهامجتمعةعننصفعددسكانإسبانيا,فضلاعنمدىتوافرمصادرالدخلوالغنى,وزيادةالناتجالقوميالإسبانيعلىالناتجالقوميللعربتستخدمللإيحاءبالقوةوالبأسمنناحيةإسبانيا,والفشلوالضعفمنناحيةالعرب,معأنزيادةطفيفةفيسعرالنفط,يمكنأنتجعلهذهالمقارنةلمصلحةالعرب!والعبارةتوحيعلىأيحالبأنهناكشيئًاشاذًافيالعربجعلدولةواحدةكإسبانياتتفوقعليهمجميعًا,معأنالمقولةنفسهاتنطبقأيضًا,وبدرجةأشددرامية,علىدولةكالهند,إذإنالناتجالقوميلإسبانيا,التيلايزيدعددسكانهاعلىأربعينمليونًايزيدعلىالناتجالقوميللهندالتييبلغعددسكانهاخمساوعشرينمرةقدرسكانإسبانيا.ولكنمنحسنحظالهندأنبرنامجالأممالمتحدةالإنمائيليسمشغولاًفيهذهالأيامبالتشهيربالهند!بليفضلالتركيزعلىالعرب).

حقوقالإنسان,وإبعادالروح

بتمهيدمقنعينتقلتمردالكاتبإلىمفهومشائعوافدأيضًاهو(حقوقالإنسان),ويقول:لابدأننتوقعأنتختلفالمجتمعاتالإنسانيةوالثقافاتالإنسانيةفيمابينهااختلافًاشاسعًا,حولمانعتبرهومالانعتبرهمن(حقوقالإنسان).نعممنالسهلأننتفقجميعًاعلىمايعتبرحاجاتإنسانيةومالايعتبركذلك,ولكنلايمكنأننتوقعأنتعترفكلالمجتمعات,علىمرالعصور,ومعاختلافظروفهاالجغرافيةوالتاريخيةوالاقتصادية,ومعاختلافدرجةنموهاالاقتصاديوتطورهاالاجتماعيوالخلقي,ومعاختلافماتدينبهمنأديانومذاهبوعقائد,بالحقوقنفسهالأفرادها,وأنتشتركفيماتعتبرهمنحقوقالإنسانومالاتعتبرهكذلك.

وفيمثالتطبيقيعلىماسلف,فإنالأسرةالعربيةتعتبرأنهمنحقوقالابنأوالبنتأنتوفرلهماالأسرةضروراتالحياةحتىيتمالابنتعليمهوالبنتتتزوجوتنتقلإلىبيتالزوجية,وتعتبرهذاالحقمنقبيلالمسلمات,أيمنقبيل(حقوقالإنسان)التييكتسبهاالمرءبحكمصغرسنه,بينماقدتجدالأسرةالأمريكيةأوالبريطانيةأنقيامالأبوالأمبالإنفاقعلىالابنوالبنتبعدسنمبكرةنسبيًامنقبيلالتفضلوالمبالغةفيالكرممادامالابنأوالبنتقدأصبحاقادرينعلىكسبالدخلبطريقأوبآخرحتىقبلإتمامالولدلتعليمه,أوانتقالالبنتإلىبيتالزوجية,والأسرةالعربية-ومثلهاالإفريقيةوالآسيوية-قدتعتبرأنلكبارالسنحقوقًاتشملاستمرارإقامتهممعذويهم,مهمازادتأعباءخدمتهم,ولكنلاتعتبرالأسرةالأمريكيةأوالأوربيةذلكمنقبيل(حقوقالإنسان).

وللأسبابالسالفةيرىجلالأمينأن(شعار)الدفاععنحقوقالإنسانالذييترددالآنبكثرة,كثيرًامايكونبمنزلةقولةحقيرادبهاباطل,والمؤكدأناستخدامهفيهذهالأيامكثيرًامايكونقائمًاعلىخطأكبير,حتىإذاافترضناحسنالنية,فمفهومحقوقالإنسانلابدأنيختلفمنثقافةإلىأخرى,ولايجوزأنيكونالشرطيالمسئولعنحمايةاحترامحقوقالإنسانهومنأصحابثقافةبعينهادونغيرها,وإلاكيفنفهمتطبيقشعارحقوقالإنسانفيأورباوأمريكا,وتطبيقهفيإفريقياوآسيامنقبلشرطيالثقافةالتيتحاولالهيمنةعلىغيرها?

الروحوالأخلاق

وفيمضماركشفنقائصمفهوميالتقدموالتخلفالوافدين,ينتقلالكاتبإلىنقطةافتراقمركزيةتدورحولقضيةالدينوالأخلاق,فيقول:إنالظنبأن(تحرير)الأخلاقمنالولاءلدينمعينأوثقافةبعينهاينطويعلىخطوة(أرقى)أوأكثرسموًا,فأعتقدأنهيتضمنخطأكبيرًا.وقديمًاقيلإن(المفتاحالمزيفيفتحجميعالأبواب),وهذاالقوليمكنأنينطبقعلىموضوعناالآن,بمعنىأنالزعمبأنشخصًاماينتميإلىالإنسانيةجمعاءدونأنيشعربالولاءلأيثقافةأودينأوملةبعينها,قدلايعنيأكثرمنأنهشخصلايحملأيانتماءأوولاءمنأينوعولأيشيء.

علاجالتعصبليسبإضعافالولاء,بلبإشاعةروحالتعقّلوالحكمةفيحملهذاالولاءوفيالتعبيرعنه,بحيثلايتحولالولاءإلىكراهيةللغير,وتقويةالحسالأخلاقيتكونبترسيخولاءالمرءلدينهوثقافتهدوناعتداءعلىحقأصحابأيدينآخرأوثقافةأخرى,وحقهمفيالتعبيرعنولائهملدينهموثقافاتهم.وليسهذابالمطلبالمستحيلأوالعسير,وقدعرفنافيأكثرمنمكانفيعالمناالعربيمثلهذاالمناخمنالولاءللعقيدةوالثقافةوالوطنالمصحوببالتعقلوالتسامح,قبلأنتنتشرالموجةالحاليةمنالتعصبالبعيدعنالتسامح,التيلانرضاهالناولالغيرنا,لكننافيالوقتنفسهلانبرئبعضأسبابهامنالقهرالمستمرالذييمارسهالآخرون,فيبعضالدوائرالغربية,بلفيأغلبها,والمتمثلفيالظلمالواضحوالفادحبالتحيزللجانبالإسرائيليضدالفلسطينيينالذينتغتصبأبسطحقوقهمالإنسانيةيوميًا,وعلىمسمعومرأىمنالعالم(المتقدم)!وليسالقهرالماديباغتصابالحقوقوالأرضهوالوجهالوحيدللقهرالوافد,فقهرالمفاهيمالتيلاتراعيخصوصيةثقافيةوروحيةهووجهآخرمنوجوهالقهر.

إن(خرافةالتقدموالتأخر)محاولةنقدشجاعةلمفكرعربييكفيهشرفالمحاولة,وهيمحاولةووجهةنظرتستحقكثيرًاالمتابعةوالنقدووضعهاعلىطاولةالحوارالثقافيالعربيلمزيدمنالتبلور,ولمراجعةالكثيرمنالمسلماتوالأفكارالتيتبنيناهاوبدأالزمنيتخطاها.

سليمان إبراهيم العسكري مجلة العربي يونيو 2006

تقييم المقال: 1 ... 10

info@3rbi.info 2016