مختارات من:

مفهوم المجتمع المدني.. بين التنوير والتشهير!!

عبدالحسين شعبان

يمكن وصف المجتمع المدني بأنه مؤسسات غير حكومية، غير إرثية، تطوعية، مستقلة عن الجهاز الحكومي، وتشكل قطاعًا ثالثًا بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، هذا هو ما نسميه بالمجتمع المدني.

إن سبب صعوبة تحديد معنى المجتمع المدني يعود إلى حداثة استخدام المصطلح لدينا، وشحّة المختصّين، فضلاً عن أنه بحاجة إلى سياقات فكرية وثقافية وإلى بيئة سياسية واجتماعية، لكي يكون «مقبولاً» على نحو ما نشهده في الغرب.

ومن حيث المفهوم، فالمجتمع المدني يشير إلى الطبيعة المدنية التي تميّز الدولة عن المجتمع، ومن مسئولياته تنظيم الفاعلين الاجتماعيين من خلال قنوات مؤسسية أهلية تعمل على تمكين الأفراد من المشاركة في الحقل العام وتخلق بينهم آليات تضامنية، وتتميز مؤسساته بالمرونة والدينامية والتعددية والعمل التطوعي والمبادرات الخاصة للأفراد والجماعات إضافة إلى الاستقلالية.

وتتمثل شروط تكوين مؤسسات المجتمع المدني فيما يلي:

1 - أن تكون منظمات مدنية مستقلة وغير حكومية.

2 - أن تكون منظمات غير إرثية، أي أن العضوية فيها لا تتوارث عبر العائلة أو العشيرة أو الطائفة أو المذهب أو الدين.

3 - أن تكون منظمات طوعية، أي أن الانتساب إليها يتم وفقًا لاختيار واع وحر.

4 - أن تكون منظمات غير ربحية، أي

لا تستهدف تحقيق الربح، وهو ما يميّزها عن مؤسسات القطاع الخاص الهادف إلى الربح.

5 - أن تكون منظمات حداثية، وذلك ما يميزها عن المؤسسات التقليدية.

6 - أن تكون منظمات ديمقراطية وهو ما يميزها عن المؤسسات التقليدية وتمارس الديمقراطية في جميع أعمالها وعلاقاتها الداخلية، بين هيئاتها وأفرادها وبينها وبين محيطها الخارجي.

7 - أن تكون منظمات تعددية أي تقبل بالاختلاف والتنوع.

أهدافها

1 - دعم مشاريع وخطط التنمية الشاملة والمستدامة، بحيث تكون شريكًا للدولة في تنفيذها ومراقبة حسن أدائها ورصد الانتهاكات والخروقات التي تعترضها.

2 - اقتراح قوانين وأنظمة ولوائح وتقديمها إلى البرلمانات والجهات التشريعية والحكومات.

3 - السعي من أجل بناء مواطنة متساوية وكاملة ودون تمييز بسبب الدين أو اللغة أو العرق أو المذهب و الجنس أو المنحدر الاجتماعي أو غير ذلك.

4 - العمل على بناء قدرات الأفراد وتنمية مهاراتهم وتدريبهم، ليسهموا في مجتمعاتهم وفي مؤسساتهم المهنية والنقابية للدفاع عن مصالح منتسبيها وعن مصالح المجتمع ككل.

5 - تشجيع الجهود التطوعية والمبادرات الفردية والجماعية، بما يعزز التضامن والتكافل والتعاون والمساندة بين جميع الفعاليات الاجتماعية.

أما أسس هذه المؤسسات فهي:

أولاً: الأساس القانوني والمقصود بذلك الدساتير والتشريعات وقوانين الجمعيات والاتحادات والنقابات التي تنظم علاقة هذه المؤسسات بالدولة.

ثانيًا: الأساس السياسي، والمقصود به إقرار النظام السياسي بالتعددية وحق تشكيل الجمعيات والمنظمات المدنية.

ثالثًا: الأساس الاقتصادي، والمقصود به تحقيق درجة من التطور الاقتصادي الاجتماعي بإشباع حاجات الأفراد الأساسية بعيدًا عن مؤسسات الدولة (الدعم الرسمي للمشروع الخاص والمبادرات الفردية).

رابعًا: الأساس الثقافي، ويقصد به مجموعة الأفكار والتصورات التي يؤمن بها الأفراد وتشكّل محددات لسلوكهم وعلاقاتهم، وتعبّر في مجموعها عن الإطار المعرفي والثقافي للمجتمع المدني الحديث.

إرهاصات المجتمع المدني

تعود نشأة «المفهوم» إلى أوربا، وهو لم يُنجز دفعة واحدة ولا على يد مفكر واحد أو فيلسوف واحد، ولم يكن ذلك في بلد واحد من بلدان أوربا، بل اقتضى ذلك زمانًا ومكانًا متنوّعين، خصوصًا في القرنين السابع عشر والثامن عشر وما بعدهما، فقد كان هناك فقهاء «الحق الطبيعي» من أمثال غروشيوس، كما لابدّ من ذكر جون لوك وتوماس هوبز وباروخ سبينوزا ومونتسكيو وجان جاك روسو، وهؤلاء ينتمون إلى بلدان مثل هولندا وبريطانيا وفرنسا وسويسرا، وكل من هؤلاء المفكرين أسهم بقسطه في تكوين مفهوم المجتمع المدني، خصوصًا بأساساته الكلاسيكية، وغالبًا ما كان هؤلاء في خصومة فكرية بين بعضهم البعض، على الرغم من وجود المشتركات بينهم في مسألة المواطنة والملكية والديمقراطية، انطلاقًا من حالة المجتمع والتعاقد الاجتماعي والقول بمبادئ السيادة.

وكذا الحال لمعرفة واستكمال فكرة المجتمع المدني، لابد من الاطلاع على ما كتبه كانتْ وهيغل وماركس وإنجلز ولينين وغرامشي، ومفكرون اجتماعيون مثل أوغست كونت وسان سيمون والتوكفيل وماكس فايبر وعلماء اقتصاد مثل آدم سميث وكينز وروزا لوكسمبورغ وغيرهم.

وإذا كان موضوع المجتمع المدني يُدرس من زاوية علم الاجتماع السياسي ويشتبك مع تخصصات عديدة من علم السياسة إلى علم القانون إلى علم الاجتماع إلى علم الاقتصاد إلى علم الإدارة، وذلك بالحديث عن وظيفة ودور الدولة وعلاقتها بالمجتمع وخصائصهما، فإنه لم يتم تداوله عربيًا أو في إطار مقاربة عربية إلا في العقود الثلاثة الماضية من القرن العشرين، حيث بدأ الأمر على نحو حذر ثم اتسع في بلدان المغرب العربي وبعدها في بلدان المشرق العربي، وحتى الآن فإنه يثير ردود فعل واختلافات حادة أحيانًا، ففيما يعتبره البعض إيجابيًا ومنزّها، يعتبره البعض الآخر سلبيًا وربما مريبًا، ولكنه في كل الأحوال ظلّ بحاجة إلى تراكم ثقافي ومعرفي وممارسة لتبيئته وتوطينه أو تعريبه إذا جاز التعبير مثل غيره من المفاهيم، الأمر الذي يتطلب دراسة الواقع الاجتماعي واصطفافات القوى وعلاقة الدولة بالمجتمع تاريخيًا وتطور المفهوم وسياقه المحلي والدولي.

ويعتبر غرامشي أن وظيفة المجتمع المدني هي الهيمنة عن طريق الثقافة والأيديولوجيا،أما وظيفة المجتمع السياسي فهي السيطرة والإكراه، ويعني غرامشي بالمجتمع المدني: كل المؤسسات التي تتيح للأفراد الحصول على الخيرات والمنافع العامة، دون تدخل أو توسّط الحكومة، وهو النسق السياسي المتطور، الذي تتيح، صيرورة تمأسسه، مراقبة المشاركة السياسية.

وإذا كانت الصورة الأولى لمفهوم المجتمع المدني قد تبلورت في إطار نظرية العقد الاجتماعي لجان جاك روسو، فإنه استهدف التحلل من الهيمنة الدينية على المجتمع وبالضد من نظرية الحق الإلهي، فهو أقرب إلى فكرة اتفاق في إطار المجتمع وبين أفراده لتأسيس السلطة، بمعيار دنيوي مدني، أي أرضي وليس إلهيا.

إذا دخلت فكرة المجتمع المدني إلى الفلسفة السياسية، كتعبير عن وجود علاقة بين المجتمع والسياسة، وذلك من خلال الصراع بين فكرة «الحق الطبيعي» وبعدها فكرة «العقد الاجتماعي». وفي اللحظة التي اعتبرت فيه الدولة قائمة على العقد، وأن المجتمع سابق عليها وقادر على تنظيم نفسه بمعزل عنها، بل هو يشكل شرعيتها، كان نهاية لنظرية «الملكية المطلقة».

خصائص المجتمع المدني

جعل الفكر الليبرالي ثلاثية: الدولة، المواطن والسوق متلازمة، فالمواطن والسوق حيّز عام وليس الدولة، وكل ما هو ليس حيزًا عامًا هو حيّز خاص.

والمجتمع المدني خارج الدولة قائم على اقتصاد السوق، ثم أصبح يرتبط بتوسيع حقوق المواطنة خارج الدولة.

إذن لا يمكن تصوّر دولة دون مجتمع كما لا يمكن تصور مجتمع دون دولة، أي قوانين وأنظمة ومؤسسات لحفظ النظام والأمن وحماية أرواح وممتلكات المواطنين.

من خصائص المجتمع المدني أنه مجتمع متعدد وتعددي، وهو يعني التنوع والاختلاف، بل والصراع أحيانًا، على الرغم من قيامه على تضامنات جزئية، ولعل ذلك أحد مصادر نمو السياسة ومبرر وجودها. والتعدد والاختلاف هو مصدر حركة وإغناء وتطوير، وعكسه هو السكون والثبات وعدم التطور.

يقصر البعض تعريف المجتمع المدني على التنظيمات والتجمعات المتنوعة للفاعليات والأنشطة المهنية، مثل: (النقابات، المؤسسات الثقافية، الجمعيات المهنية، منظمات حقوق الإنسان، المرأة الطفل، البيئة، الصحة... إلخ)، والبعض الآخر يمدّه ليصل إلى الأحزاب السياسية وتنظمياتها، في حين أن بعضًا آخر يعتبر هذه الأحزاب تستهدف الوصول إلى السلطة، وتاليًا كيف ستكون أحزابًا حاكمة ضمن إطار المجتمع المدني؟

ولهذا فهو يستبعدها، وذلك لأن وظيفة المجتمع المدني رقابية، رصدية، اقتراحية، اجتماعية، وليست الوصول إلى السلطة في حين يحاول البعض الآخر التوفيق بين قبول ورفض الأحزاب، فهو يستبعدها من دائرة المجتمع المدني، فيما إذا وصلت إلى السلطة، ويقبلها حين تكون خارج السلطة. ولعل في ذلك عودة للفكرة التي تحدث عنها فلاسفة القرنين الثامن والتاسع عشر، بخصوص التمييز بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي.

إن سبب التمييز بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي، أن الأخير يسعى للهيمنة على المجتمع المدني سواءً لعناصره الفردية أو الجماعية، محاولاً التأثير في واقعه ومستقبله سواء أكانت سلطات حاكمة أم أحزابًا معارضة، ولهذا السبب فإن غالبية دعاة المجتمع المدني، لا يعتبرون المفهوم يشمل الأحزاب السياسية، لأنهم معنيّون بالأهالي، في حين أن الأحزاب معنية بالسلطة.

يمكن القول إن المجتمع المدني مرّ بأربع مراحل:

الأولى - وتبدأ من القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر: أي مرحلة التأسيس والانطلاق.

الثانية - ويمكن وصفها بمرحلة الذبول، وتشمل نهايات القرن التاسع عشر والقرن العشرين، حتى الثلث الأخير منه، مع مرحلة وسيطة ما بين الحربين العالميتين.

الثالثة - وهي تشمل مرحلة أواسط القرن العشرين وبخاصة بعد تطويرات وإضاءات غرامشي: وتمثل هذه الفترة مرحلة الانتعاش والعودة الجديدة، خصوصًا باتساع وتعمق المفهوم، والدور الذي لعبته الأمم المتحدة على صعيد تشجيع مؤسسات المجتمع المدني منذ تأسيسها عام 1945 في مؤتمر سان فرانسيسكو.

الرابعة - هي المرحلة التي بدأت قبيل نهايات الحرب الباردة والصراع الأيديولوجي وخصوصًا في فترة الوفاق الدولي في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات، والتي توّجت بانتهاء نظام القطبية الثنائية حيث كان المعسكران يغاليان في أهمية الأمن القومي، على حساب المجتمع المدني، سواء في الشرق أو في الغرب، إضافة إلى البلدان النامية أو ما يطلق عليه «العالم الثالث». لكن خطاب المجتمع المدني برز في مطلع الثمانينيات وبخاصة في دول أمريكا اللاتينية وفي أوربا الشرقية فيما بعد، حيث شهدت بعض المؤسسات نموًا كبيرًا.

هل هناك مجتمع مدني عربي؟

أما بخصوص فكرة وجود مجتمع مدني عربي، فهناك من يشكك بوجوده، وإن وجد فهو غير قادر على فرض إرادته أو رغباته أوتأثيراته على قرارات الدولة، كما هي حالة أوربا الغربية والشرقية، أو حالة بعض أقطار شرق آسيا أو أمريكا اللاتينية، بمعنى آخر حسب قول الدكتور باقر النجار: «من الصعب أن تجد مجتمعًا مدنيًا في المنطقة العربية مستقلاً عن الدولة وقادرًا في التأثير عليها»، ولكنه يقبل بفكرة وجود منظمات غير حكومية أهلية مستقلة عن الدولة في بعض البلدان العربية مثل: مصر، المغرب، لبنان، الكويت والبحرين، في حين أن الأقطار الأخرى لا تبدو فيها هذه المنظمات موجودة وإن كان الأمر بدرجات متفاوتة.

وتستهدف مناقشة المفهوم السعي لإخراج المصطلح من الانحيازات المسبقة بين التأييد والرضى واليقينية حد التقديس عند البعض وبين السخط والتنديد والاتهام عند البعض الآخر، وتحويله إلى أمر تاريخي - اجتماعي ديناميكي ومتحرك، يمثل الطاقة الكامنة لدى فئات اجتماعية ومهنية واسعة للإسهام في صنع المستقبل السياسي والمشاركة في رسم السياسات من خلال نقد الخطاب السائد بين السلطة والمعارضة أحيانًا، عبر حقل ثالث، يمثل خيارًا مجتمعيًا لتفعيل المشاركة وضمان الحقوق الإنسانية وتأمين الحريات العامة والخاصة.

إن الأصوات العربية التي ندّدت في أطروحة المجتمع المدني الجديدة، لم تنطلق جميعها من رؤية واحدة، فالبعض اعتبرها تقليعة مستوردة أو مشبوهة، وبخاصة من الحكومات أو الجماعات التقليدية والمحافظة، ونظر إليها البعض الآخر، من زاوية اقترابها أو ابتعادها من الصراع مع القوى المهيمنة على المستوى الدولي، خصوصًا استغلال التوجّهات الانحيازية أو هكذا يتم تفسيرها أحيانًا لبعض النشطاء في المجتمع المدني إلى الغرب أو تبني بعض أطروحاته، استرضاء له كما يعتقد أصحاب هذا الاتجاه، أو للحصول على التمويل أو مكاسب سياسية.

وهناك اتجاه نقدي للمجتمع المدني من داخله أحيانًا وهو وإن يرى فيه ضرورة لا غنى عنها وحاجة ماسة لا يمكن إحداث التحوّل والإصلاح الديمقراطي من دونها، بما يستوجب دعمها والترخيص لها قانونيًا، إلا أنه ينتقد بعض ممارساتها وتوجهاتها وتشبث بعض قياداتها بمواقعها، فضلاً عن بعض أساليبها البيرقراطية واللاديمقراطية.

يمكنني القول إن المجتمع المدني العربي مازال ناشئا وهو حديث التكوين، وفي بعض البلدان جنينيًا أو أن هناك انقطاعًا قسريًا قد حدث فيه وعطّل من دوره كما هي التجربة العراقية، وهناك تداخلات كثيرة عليه، بل واتهامات جاهزة ضده، لكنه أخذ تدريجيًا يتطور ويؤثر، خصوصًا وأن طائفة من الاحتجاجات حتى في البلدان المغلقة والمحافظة أخذت طريقها إلى التبلور، ولقيت اهتمامًا دوليًا حتى وإن كان ذلك له علاقة بأجندة بعض القوى الكبرى الخاصة، لكن الأمر ينمّ عن إرهاصات بدأت تتأسس وتترك تأثيراتها، وإن كانت محدودة على مسار نقد الدولة والممارسات الحكومية، ومطالباتها بالإصلاح الدستوري والقانوني والاجتماعي، وحق المشاركة وتأسيس الجمعيات والنقابات والأحزاب وحقوق المرأة وحقوق الأقليات وغير ذلك.

ولعلّ هذا الأمر هو جزء من مسار كوني ومن تطور أممي لا يمكن للبلدان العربية أن تعزل نفسها عنه، وكأنها جزر نائية غير معنية بالتطور الدولي، الأمر الذي يفرض على الحكومات مواكبة هذا التطور والسماح لمؤسسات المجتمع المدني، من العمل، وإن كان الأمر قد حصل في بعض البلدان العربية، وذلك في سياق قراءة تستجيب لبعض متطلبات التطور الدولي!

الوقوف ضد التيار

إن الوقوف بوجه التيار، يعني أن رياح التغيير ستكون عاصفة وربما مدمّرة وستصيب الجميع، ولن يقف أمامها التشبث بالسيادة أو عدم التدخل بالشئون الداخلية، تلك الحجج التي تتذرع بها الحكومات وإجراء إصلاحات واحترام حقوق الإنسان، كضمانات لحماية السيادة ومنع التدخلات الأجنبية والحيلولة دون تعرض بلداننا وشعوبنا للاحتلال والعدوان والانتهاكات الخارجية.

ومع الأسف فإن الكثير من الحكومات والقوى السياسية العربية خارجها، ومن معارضتها أحيانًا، لاتزال لا تدرك أهمية وحيوية المجتمع المدني وضرورته، باعتباره أحد أهم روافد الإصلاح والتغيير وتعزيز وتمكين الديمقراطية التي تنشدها، لكونه يمثل القوة الثالثة، التي لا غنى عنها لضمان السلم المجتمعي، فضلاً عن أن وجوده يمثل هو الآخر انتماءً إلى العالم المعاصر، عالم الحداثة والتقدم، ولعل التنكر له أو تهميش دوره أو محاولة احتوائه، إنما هو تشبث بالماضي وهروب من المستقبل.

في الختام، يمكننا القول إن ما نقصده بالمجتمع المدني، هو: الأفراد والمجموعات الناشطون في الحقل العام، المنخرطون في عمل الجمعيات والنقابات والاتحادات والقوى المهنية والسياسية، والمتحدّرون من فئات وطبقات مختلفة، والذين استطاعوا تنظيم أنفسهم على نحو مشترك مقيمين أشكالاً من التضامن بينهم، في ظل ما وفّرته الدولة المدنية، باعتبار نشاطهم عابرًا للطوائف والإثنيات والأديان والمذاهب والأيديولوجيات والاتجاهات السياسية والانحدارات والعشائرية والقبلية والعائلية والمناطقية.

عبدالحسين شعبان مجلة العربي فبراير 2008

تقييم المقال: 1 ... 10

info@3rbi.info 2016