حياته هي الرواية، وما الروايات إلا أصداء موجزة لتجربة الحياة الحقيقية التي عاشها بين صخور الواقع. كان حنا مينه قاصًا بالفطرة وبالضرورة أيضًا، قص الشعر للزبائن ليقاوم ظروف الحياة. وقص علينا دررًا من الكلمات ليشذب الواقع المهوش من حولنا. منذ طفولته وقد تعلم أنه لا توجد أرض ثابتة ولا مستقر دائم. هاجر مع عائلته من لواء الإسكندرونة، ذلك اللواء الذي هاجر الجسد السوري في ما بعد. وتنقّل في مهن صعبة خلف رغيف العيش الصعب، كان حلاقًا مفكرًا، كثير الشغب، غزير الكتابة، وكلها صفات تؤدي إلى السجن في عالمنا العربي. انتقل إلى دمشق واحترف الصحافة وأصبح واحدًا من طليعة الكتّاب الوطنيين، وهي أيضًا أمور تقود إلى المنفى، والمنافي دائمًا بلا حدود. تلقيه شرقًا إلى الصين وتأخذه غربًا إلى المجر. ثم يعود إلى وطنه مرفوع القلم، ولكن الفقر والغربة والسجن كانت قد حفرت تضاريس عالمه الروائي حيث أكسبت تجربته بعدًا إنسانيًا وعالميًا، وأنضجت ذاته واصبح قادرًا على طرح الأسئلة الصعبة، أسئلة الكون والمصير والموت والحياة، إن «العربي» تفخر أن تقدم هذا الملف عن هذا الأديب العربي الشامخ وتأسف لأنها لم تستطع أن تنشر كل المقالات التي وردت إليها عنه في ذلك الملف، وتأمل أن تنشرها لاحقًا لأن تجربة حنا مينه الروائية تستحق التوقف والتأمل.