مختارات من:

ذلك العنف الأعمى.. محاولة لتحديد المفهوم

سليمان إبراهيم العسكري

*إرهابالدولةالذيتمارسهإسرائيلضدالفلسطينيينيجبألايوقعنافيالتغاضيعنالإرهابالآخر
*فرانزفانوندافععنالعنفوطالببهلمواجهةالاستعمار,لكنالعنفالآناتخذأشكالاًوتوجهاتغيرمقبولة,ويصعبالدفاععنها
*بالرغممنعاطفيةالقارئوالمشاهدالعربيونفورهمنالتنظيرفإنخطرالعنففيمجتمعاتنايوجبأننستخدمالعقلونحكمهفيتحليلالظاهرةونقدممنطقالبحثوالتحليل

تكاثرتأعمالالعنفالداميةالتيوصلتفيمعظمالأحوالإلىحدوداللامنطقواللامعقول,وباتتتشكلظاهرةخطيرةتلتهمأمنوطمأنينةالناسالعاديين,وتعطلأياستثمارعقلانيلجهودالنماءالإنساني,كماأنهاتمنحكثيرًامنالذرائعللمتربصينالراغبينفيالتدخلوالقهر,وبالرغممنأنالظاهرةأبعدماتكونعنالثقافةببنيتهاالمتطلعةإلىالإرهافوالجمال,فإنالنظرإلىهذهالظاهرةبأدواتالثقافة,باتممالابدمنه.
رهائنعُزلتحتتهديدالسلاحيناشدونالضمائرللإفراجعنهم,,وركابقطارمسالمونتتطايرأشلاؤهمإثرانفجارمباغت,وموكبشخصيةعامةلميؤذصاحبهأحدًا-فضلاعماقدمهللناسولبلادهمنخيرمشهود-يتفجّرمشتعلاًحتىيتعذرالتعرفعلىجثثضحاياالتفجير,الذيلميسلممنهعشراتالمارة,رءوستُقطعوبشريُذبحونعلىشاشاتالتلفاز,ومفارقشبكةالإنترنت,أطفاليؤخذونرهائنتحتتهديدالسلاح,ومصلونيدخلعليهممنيفجرنفسهوينسفهمداخلبيتمنبيوتالله,سياراتمفخخةتنفجربعشوائيةفتقتلبشرًامسالمينلميذنبوافيحقأحد.صورمريرةكثيرة,فضلاًعماهومعروفعلىالجانبالآخرمنبيوتتهدمفوقرءوسساكنيها,وصواريختتصيدسيارةبهاأطفالبصحبةآبائهم.ماذانسميهذاكله?إنهشرلاشكفيه,ونوعمنالانحطاطالبشريالذييولغفيدمالبشريةالعزلاء.مستنقعيخوضفيهفرقاءتختلفمزاعمهم,وبالرغممنالاتفاقعلىأسنهذاالمستنقعورائحتهالزاكمة,فإنتعريفمايدورفيهمنعنفأعمىلايزاليستعصيعلىالتحديدالثقافي,ويختلففيهكثيرمنالمثقفين,الذينيترددونبينمفهومي(المقاومة)و(الإرهاب),وهيحيرةترجعإلىجدلقديم,كانتذروتهكتابًاشهيرًاصدرإبانمرحلةالتحررالوطنيمنالاستعمار,وهوكتاب(معذبوالأرض)لفرانزفانون,والذينقلهإلىالعربيةالدكتورانساميالدروبيوجمالالأتاسيمنذمايزيدعنثلاثينعامًا.إنهجدلقديم,ومعذلكلابأسمنتجدده,فالمتابعللكتاباتالعربيةالمعاصرةيلاحظعزوفًاعنوضعتمييزحاسمبينمفهوم(الإرهاب)ومفهوم(المقاومة).فأغلبالكتابالعربالمعاصرينيستخدمونهذينالمفهومينكمالوكانايعنيانالشيءنفسه.وهذايعكسالحيرةبينمايُمارسعلىالعربوالمسلمينمنإرهابدولوأنظمة-أبرزهماتقترفهإسرائيلفيحقالمدنيينالفلسطينيينوبيوتهموحقولهموأشجارهم-وبينردودالفعلالفلسطينيةعلىهذهالجرائمالإسرائيلية.

بحثًاعنالموضوعية

منالممكنبالطبعأننتركالأمورتمضيعلىهذهالحال.فالقارئالعربيغيرمغرمبالتحديدالدقيقللمفاهيموالمصطلحات,وهوبشكلعامينفرمنالتنظير,فهويفضلاللغةالخطابيةالتيتتسللإلىالقلب,علىاللغةالموضوعية,التيتخاطبالعقل.

إلاأنمجرياتالأمورالحاليةفيالساحةالدوليةقدوصلتبنا-كتابًاوقراءً-إلىمنعطفخطيريحتمعلينامراجعةالمفاهيموتدقيقالمصطلحاتالتينستخدمها,وبخاصةمفهوما(الإرهاب)و(المقاومة).فكثيرًامايستغلقعلينافهممستجداتوأخبارالصراعاتالعنيفةالتيتتناقلهاوسائلالاتصالوتقذفبهافيأعينوأسماعأبنائناوإخواننافلانعرفأنفسرهالهمتحتبند(مقاومة)?أم(إرهاب)?!.

مانقصدالتركيزعليههناهوأننسهمفيتقديماجتهاداتثقافيةنقديةتساعدفيتمييزالفرقبين(الإرهاب)و(المقاومة).ولابدلنامنالاعترافبنقيصةتعتريالمحاولاتالتيتدعيلنفسهادرجةمنالموضوعية-كمحاولتناالحالية.فأغلبالمفاهيموالمصطلحاتالتيتقدمعلىأنهاموضوعيةتحملكثيرًامنالتحيزاتالذاتيةلأصحابها,ولاينجومنذلكأكثرالمفاهيمصدقًاوصحة.فقدعرفناأنأحدالأسراروراءتبني(جاليليو)لمفهوممركزيةالشمس-فيعصرفرضتفيهالكنيسةعلىالجميعمفهوممركزيةالأرض-هوتأثرهبمخطوطاتعلماءقدامىلايدينونبالكاثوليكية,ممنكانتتحيزاتهمتدفعهملتبنيمركزيةالشمسبدلاًمنالأرض.لذافالتحيزموجودحتىفيأكثرالمحاولاتعلميةوموضوعية.

لكنحتميةالتحيزهذهيجبألاتدفعناإلىقبولتشوشالمفاهيموالركونإلىاستغلاقها,فلايصحأننصرعلىتحيزاتنابدعوىأنهماداملابدمنالتحيز,فلنخترتحيزاتنابدلاًمنأنننصتلتحيزاتالآخرين.فلولاالإنصاتلتحيزاتالآخرينماتحاورتالحضاراتوماأفادتمنالتلاقحوالمثاقفة.بلإنهذاالحوارهوالشرطالأوللتقليصالتحيزاتإلىحدهاالأدنى,وتحقيقفهمأعمقللأمور.

بالمثلتمتحميلمفهومي(الإرهاب)و(المقاومة)بكثيرمنالتحيزاتتبعًالقناعاتوأيديولوجيةمنيستخدمها,فمايطلقعليهالبعض(إرهابًا)قديطلقعليهالبعضالآخر(مقاومة),والعكسبالعكس.لكنذلكلايعنياستحالةالحواربينالفرقاءفيهذاالمجال.

فلنحاولعلىأيحال,إلقاءمزيدمنالأضواءعلىالتفرقةبينمفهومي(المقاومة)و(الإرهاب).

إنبلورةالمفاهيموصياغتهالاكتسابرؤيةأعمقلمجرياتأمورالحياةالتطبيقيةهومجالالفلسفةالتطبيقية.فقدظهرهذاالمجالالفلسفيالجديدفيالخمسينياتمنالقرنالعشرين,وقصدإلىالتعاملمعالقضاياالحياتيةالتيدرجتالعادةالأكاديميةعلىتجاهلهابصفتهامجرياتواقعيةمتعينةأكثرمناللازم,بمايندعنالتنظير,ويبعدعنالتجريداللائقبالأكاديميين.

ومنأمثلةالقضاياالتيتتعاملمعهاالفلسفةالتطبيقية:أخلاقياتالمالوالأعمال-أخلاقياتالسياسةوالملكية-أخلاقياتالحروبوالمجاعات-أخلاقياتالتلوثوالبيئة-الحريةالقانونية-صراعاتالمصالح-نظريةالمباريات-التفرقةالعنصرية-العدالةوالمساواةالاجتماعية-حقوقالجنينوالإجهاض-التكاثرالاصطناعيوالهندسةالوراثية.وطبيعيأنينضمإلىهذهالحزمةمنالقضاياالحياتية,أخيرًا,موضوعالعنفكمفصلبينمفهوميالمقاومةوالإرهاب.

ومنهنانجدلزامًاعليناأننعودإلىفترةسابقةمنالتاريخالمعاصرشهدتجدلاًبينالمفهومين.

لقدتصاعدتموجات(التحرر)الوطنيوالقوميمننيرالقوىالاستعماريةمعبدايةالنصفالثانيمنالقرنالسابق.وقدوجدتالقوىالوطنيةفيالبقاعالمحتلةمنإفريقياوآسيافيالعنفأداةفعالةلدفعالمحتل(المستعمر)إلىالجلاءعنالمستعمرات.وقدوصلتأيديولوجياتمكافحةالاستعمارإلىأوجذروتهامعصدوركتاب(فرانزفانون)الزنجيالمارتينيكيعام1961بعنوان(معذبوالأرض),وفيهدافععنضرورةاستخدامالعنفضدالمحتل,حيثيقول:(القيمةالأساسيةهيالأرض.ويصبحالمستعمَر(بفتحالميم)إنسانًابقدرمايحطمالعالمالاستعماريمنعلىأرضه.وتحطيمالعالمالاستعماريليسمعركةعقلية,بلهوحركةتوكيدعنيفلأصالةمطلقة).

فالعنفهناتصبحلهوظيفة(تحررية)علىالمستوىالنفسيوالعملياتي.ويذكرفانونحالاتكثيرةلمرضىنفسيينيرزحونتحتالاحتلال,حيثلاعلاجلهمسوىممارسةالعنفضدالاستعمار.

تصدرتكتاب(فانون)مقدمةرائعةلجانبولسارترتؤذنبأنالعصرالحاليهوعصر(مقاومة)المستعمراتفيالشرقللاستعمارالغربي.وكانالاستقبالالمهيبالذياستقبلبهالكتابفيأوساطالمثقفينفيالشرقوالغربشاهدًاعلىصدقتفسيرهلتناميتأييدحركة(المقاومة)فيهذاالوقت.

يعتبر(فانون)منأقوىالمنظرينلمفهوم(المقاومة),وبخاصةنتيجةأنكتاباتهقداقترنتبممارسةعمليةواقعيةبانضمامهللمقاومةالجزائريةضدالاستعمارالفرنسي.

كان(فانون)شابًايمتلئحماسًا,وكانقلمهينفثنارحماستهفيتشجيعالأهاليالأصليينبالعالمالثالثعلىالعنفوالثورةفيوجهالاستعمار.لكنالقدرلميمهلهطويلاً,فقدتوفى(فانون)فيريعانشبابهولميتركلنامؤلفًاواحدًايراجعفيهأفكارهأويحذرنامنالمرحلةالتييمكنأنتنقلبفيهاالمقاومةلتصبح(إرهابًا).

فكثيرونمنقارئي(فانون)كانوايتوقعونأنيصححبعضأفكارهالحماسية,إذاماامتدبهالعمر.

فقدفعلذلكأغلبالمفكرينمنأفلاطونإلىهيجلإلىماركسإلىسارتر.فلدىكلالمفكرينتوجدمراجعاتوتصحيحاتمابينكتاباتهمالمبكرةوكتاباتهمالمتأخرة,إلاأنذلكلميحدثفيحالة(فانون).فالفترةالتاريخيةالقصيرةالتيعاشها(فانون)لمتكنلحظةمراجعة,بلكانتلحظةانطلاقللمقاومة.أمااللحظةالتاريخيةالتينحياهانحنفتشهدمراجعةكبيرةللمفاهيمالمؤسِّسةلحركاتالتحرروالمقاومة,لكيتتوافقمعالمراجعةالجذريةلأشكالالاستعمارالجديدة.

نشوءمفهوم(الإرهاب)

بعدعقدمنموت(فانون),وفيمنتصفالسبعينياتكانتأغلبالمستعمراتقدحصلتعلىاستقلالها.وبدأتالحكوماتالوطنيةالجديدةفيالعالمالثالث,تعيدصياغةعلاقتهابدولالشمالوالغرب.فبعدرحيلالمستعمرعنأراضيها,وجدتحكوماتالعالمالثالثنفسهاأماممهمةجديدةلاتصلحمعهاالبندقية,وهيمهمةبناءالدولةوتنميةالمجتمع.

وهكذاانحسرتالميولالقتاليةلدىحكوماتدولالعالمالثالثوانسحبتمنمجالالحروبمعالاستعمارالذيتغيرتمواقعهومواقفه,لتركزعلىمهمةالبناءالداخلي-فذلكأصبحمجالالقتالالجديد.

إلاأنالأثرالذيتركه(فانون)وغيرهمنمنظريوممارسيالمقاومةظلباقيًاومتناميًالدىبعضالحركاتالشعبيةالتحررية,ولمينحسربالطريقةنفسهاالتيحدثتلدىالحكومات.ففيالوقتالذيتراجعتفيهالصراعاتالمسلحةبينالدول,منحيثالعددوالاتساع,تفاقمتالصراعاتالمسلحةبينالمجموعاتذاتالاختلافاتالعرقيةوالدينيةوالأيديولوجيةبشكلغيرمتوقع.ففيداخلكلدولة,وجهتبعضالحركاتسلاحهاإلىإخوانهافيالكفاحالقديممطالبةبالاستقلال.وأصدقمثالعلىذلكماحدثفيشبهالقارةالهنديةبعدرحيلالاستعمارالإنجليزيمنانفصالباكستانوظهورمشكلةكشمير.

بهذهالطريقةظهرمفهوم(الإرهاب).

ففيعصر(فانون)كانتالمقاومةهيالإستراتيجيةالتيتنتهجهاشعوبالعالمالثالث,للكفاحضدالاستعمارالأوربيوالحصولعلىالاستقلال.

أمافيالعصرالتاليعلىالاستقلالفقدأصبح(الإرهاب)فيههوالإستراتيجيةالتيتنتهجهاالجماعاتالمسلحةالمنشقة,التيلمتشاركفيالحكومةالجديدةبالعالمالثالث,والتيلاتجدهدفًاتوجهإليهطاقتهابعدالفراغمنعمليةالمقاومةوالتحريرإلاالمطالبةبالانفصالعنالدولةالناشئة,أوالسعيلقلبنظامالحكمبالقوة.

وفيمايليبعضمايمكنرصدهمنفروقاتبينالإرهابوالمقاومة:
(1)المقاومةمجالهاتحريرالأرض..الإرهابمجالهالسياسة:

قال(فانون):(القيمةالأساسيةهيالأرض).فالمقاومةتركزعلىاستعادةالأرضمنالمحتل.ويتضحذلكبجلاءفيتكتيكاتالمقاومةوتخطيطهالمعاركهاوقياسهالمكاسبها.أمافيحالةالإرهاب,فإنالأرضليستهيالأساس,بلالسياسة.فبينماترتبطتنظيماتالمقاومةبالأرضوالجغرافياالمكانية,يصعبتحديدنطاقأرضيأوجغرافيللتنظيماتالإرهابية.فالتنظيماتالإرهابيةلاتسعىلكسبالأرض,بلتسعىلإلحاقضررسياسيبالعدوتبعًالتحديدهاهيلذلكالعدو,أوابتزازالأموالمنه.وقديكونذلكبشكلرمزي,وليسبشكلفعلي.فإذاماوجدتأحدتنظيماتالعنفيركزعلىابتزازالأموال,أواكتسابمكانةرمزيةمنالصراع,بمايعجزكعنتمييزنجاحهمنفشله,فاعلمأنهيميلإلىالإرهاب.أماالتنظيماتالتيتميلإلىالمقاومة,فتركّزعلىتحريرالأرض,بحيثيمكنقياسإنجازاتهاوإخفاقاتهابالكيلومترالمربعمنأرضالوطن,وبشكللالبسفيه.

(2)المقاومةتركزعلىالإستراتيجية...بينمايركزالإرهابعلىالتكتيك:

تؤديتكتيكاتالمقاومةالعنيفةإلىتحقيقإستراتيجيةعلياهيتقليصمساحاتالأرضالتييسيطرعليهاالمحتل.أماتكتيكاتالإرهاب,فتؤديإلىنتائجغيرمتوقعة,وهكذايتميزالإرهابدائمًابالغرقفيالتفصيلاتالتكتيكيةلدرجةتخرجبهعنالإستراتيجيةالمعلنةله.بلتغيبالإستراتيجيةبشكلواضحعنالتنظيماتالإرهابية,وهذاهوالسرفيانغماسهافيتفصيلاتتكتيكيةتؤديإلىنتائجغيرمتوقعةوغيرمدروسة.فقديسعىأحدالتنظيماتإلىكسبتأييدالجماهيرضدالحكومة,ولكنهعندقيامهبإحدىعملياتهيتسببفيمقتلأطفالونساءبماينفرالجماهيرمنه,ويدفعهمللتحالفمعالحكومةضده.وأحدأسبابفشلإستراتيجياتالتنظيماتالإرهابيةيتلخصفيإسنادالعملياتالتكتيكيةإلىأفرادغيرملتزمينبالإستراتيجيةالشاملةالمعلنةللتنظيم,وبذلكتزيداحتمالاتالانحرافعنالإستراتيجية-إنكانتهناكإستراتيجية-لصالحالتركيزعلىالتكتيك.وهذايعطيالجماهيرمؤشرًاعلىغيابالرؤية,بلالعمىوربماالتعامي.وليسأدلعلىذلكمنإحدىالعملياتالتياستهدفتاحتفالاًدينيًاحاشدًابسيارةملغومةبمئاتالكيلوجراماتمنالموادالمتفجرة,وكانمَناندفعبهاوسطالحشودمتخلفًاعقليًامنالنوعالمنغولي-لايعرفمايرادبه,ولامايرادمنه!

(3)المقاومةحلوحيد...لكنالإرهاببديلمتطرفمنبدائلمتعددة:

غالبًاماتكونالمقاومةهيالحلالوحيد,والذيمندونهتضيعالأرضوالحق,ولايتبقىشيءللمقاوم.فالمقاوميكافحليكسبأيشيء,لأنبقاءهعلىحالهيعنيخسرانكلشيء.

أماالإرهاب,فعلىالعكسممانظن,لايتولدنتيجةتوقعخسارةكلشيء,ولانتيجةالسخطعلىالأوضاع.بليعتقدعلماءالنفسأنقرارالانضماملتنظيمإرهابي,أوالقيامبعملإرهابيينبعمنميلشخصيلممارسةالعنف,ورغبةعارمةفياستبدالالوضعالراهن.

هناكأشكالكثيرةللتعبيرعنالسخطعلىالأوضاعالقائمة,وهيكمايلي:

1-انسحابمنالمجتمع,مثلالهجرةإلىبلدآخر.

2-النسيان,فالشرهالاستهلاكيوإدمانالمكيفاتوالمخدراتتعتبربدائلللاحتجاج.

3-قمعالذاتومعارضةالأوضاعبالقلبفقط.

4-الاغتراب.

5-الانتحار.

6-التكيفمعالأوضاع.

7-المعارضةالفكرية.

8-المعارضةالسياسية.

9-المعارضةالمسلحة.

فاللجوءللمعارضةالمسلحةللوضعالقائميأتيفينهايةقائمةطويلةمنأشكالالسخط.ولذلكيسمىتطرفًا.

ولقدوجدتدراسةذكرها(بيترسيدربرج)فيكتابه(أساطيرإرهابية)أنهكلماانتمىالأشخاصإلىمستوياتاجتماعيةواقتصاديةراقية,زادتميولهمنحوتبنيأشكالأكثرنشاطًامنأشكالالسخط,فالأشخاصمنالمستوياتالاجتماعيةالعاليةيتمتعونبمستوياتطاقةعالية,وقدرةعلىإظهارالغضب,وإحساسبالحصانةمنبطشالأنظمة,ورغبةفيهجرروتينالحياةالمعتادة.وتلككلهاسماتأساسيةللانضمامللتنظيماتالإرهابية.فالإرهابييقومبأعمالهرغبةفيإتيانعملجديد,أماالمقاوم,فإنهيقومبالمقاومةلأنهاالبديلالوحيدأمامه.لكنملاحظة(سيدربرج)يمكنأنتنطبقعلىالقياداتفيالتنظيماتالإرهابية,أماأدواتالتنفيذ,فغالبًاماتكونمنذويالأصولالمتواضعة,والخلفياتالمتدنيةاجتماعيًاوثقافيًا.

(4)المقاومةترتبطبهدفتزولبتحقيقه...بينماالإرهابهدففيحدذاته:

للإرهابمشكلةأساسية,تكمنفيطبيعته,فالتنظيماتالإرهابيةتسعىدومًالإيجادمجالاتوقضايالتفريغشحناتالعنفالمسلحالذيأصبحأسلوبحياةبالنسبةلها.فقدنشأتهذهالتنظيماتفيالبدايةلكفاحالمحتل.وبعدأنرحلالمحتل,وجّهتأسلحتهانحوالحكوماتالناشئة,وبعدذلك,دخلتفيصراعمعأقطابالرأسماليةالعالمية,ولايدريأحدمعمَنستشتبكبعدذلك.ولهذالاتثقبهاالحكومات,حتىلوكانتتؤيدبعضأعمالها.فقدأصبحتالتنظيماتالإرهابيةالمعاصرةعلىدرجةعاليةمنالكفاءةوالاستقلالوالاكتفاءالذاتي,وهذايجعلهابمنزلةالألغامالمتحركةالتيتنفجربمجردالاصطدامبأيشيءفيمجالها,حتىلوكانهذاالشيءساكنًالايتحركأومحايدًالاذنبله.ولعلتطورمساراتمنيُطلقعليهم(الأفغانالعرب)تكونتطبيقًاواضحًالهذاالمسارالانقلابيمنالمقاومةللغازيالسوفييتيفيأفغانستانإلىالإرهابداخلأوطانهمالعربية.

القوانينمبهمةوالتحيّزاتتتكاثر

إنمحاولاتالتفريقبينالمقاومةوالإرهابشغلتالكثيرينمنالمنظرينالسياسيينوالقانونيين,ولايزالالأمربينشدوجذب.ففي(قانونمنعالإرهاب)البريطاني,يأتيتحديدالإرهاببأنه:(استخدامالعنفلأهدافسياسية,ويشملأياستخدامللعنفبهدفترويعالشعبأوأيقطاعمنه),وينتقدسيدربرجهذاالتحديدبقوله:(يظهرفيهذاالتعريفالسمةالتيتسببالتباسالأمور,أيالغموضوالحشوالذيلايزيدالتعريفإلاإبهامًا).

أماقانونالولاياتالمتحدة,ففيهأنالعملالإرهابييعني(النشاطالذي:

أ)ينطويعلىفعلعنيف,أوأيفعلينطويعلىخطرعلىالحياةالإنسانية,ممايمثلانتهاكًاللقوانينالجنائيةللولاياتالمتحدة,أولأيدولة,أومايكونانتهاكًاجنائيًاإذامااقترفداخلنطاقالسلطةالقضائيةللولاياتالمتحدة,أونطاقسلطةأيدولة.

ب)يتضحأنهعاقدالنيةعلى:1-تخويفأوإكراهالمجتمعالمدني2-التأثيرعلىسياسةالحكومةبالتخويفوالإكراهأو3-التأثيرعلىسلوكالحكومةبالاغتيالأوالاختطاف).

وهذاالتحديدالقانونيالأمريكياعترضعليهالمفكرالأمريكيالحرناعومتشومسكي,بروفيسوراللغاتفيجامعةماساشوستس,وقامبتشريحهذاالقانونفيكتابه(إرهابالقراصنةوإرهابالأباطرة),مبينًامافيهمنانتقائيةوإسقاطمتعمّد,ومنثمعدمصلاحيتهليكونمحدّدًاللإرهاب,فضلاًعنالاحتكامإليه.

ومنالمفارقاتالتيتدعوإلىالسخريةأنبنياميننيتانياهو,رئيسالوزراءالإسرائيليالأسبق,وأحدالغلاةفيصناعةالكراهيةوالعنفالأعمىتجاهالفلسطينيين,قدأدلىبدلوههوالآخرمعرفًا(الإرهابي)بأنه:(يمثلصنفًاجديدًامنالبشريرجعبالإنسانيةإلىعصورماقبلالتاريخ,إلىوقتلمتكنالفضيلةفيهقدولدتبعد.ولأنالإرهابيمجردمنأيمبدأأخلاقي,تراهلايتمتعبأيحسّأوضوابطأخلاقية,لذلكفهوقادرعلىالإتيانبأيجريمة,كمالوكانماكينةقتلدونشعوربخزيأوندم).

إلىهنا,ويبدوأنالأوراقاختلطت,فكلماذكرهنيتانياهو,قاصدًابعضردودالفعلالفلسطينيةالعنيفةعلىمعاناتهمالمريرةتحتالاحتلال,إنمايدمغبالإرهابممارساتالجيشالإسرائيليتجاهالفلسطينيين,ابتداءمنمصادرةوهدمالبيوت,وتجريفالأرض,وتصيّدالمدنيينبالصواريخوهمفيبيوتهم,وصولاًإلىتكسيرالعظاموقتلالأطفالبالرصاصوهمفيأحضانآبائهم,وهيممارساتمجردةمنأيمبدأأخلاقي,باستخدامالكلماتنفسها!

إنالمفاهيمتتضارب,والقوانينتنحاز,والعنفالأعمىيواصلضرباته,وثمةمنيريدلمفهومالإرهابأنيكونوقفًاعلىالعربوالمسلمينلأسبابليستخافيةعلىأحد,لكنالإرهابظاهرةعامةباتتتشكّلوباءدوليًايتطلبالتجرّدفيالبحثوالنزاهةفيالتفكيرمنالجميع,والعودةإلىالجذورالتاريخيةلفهممايجريفيالحاضر.وبالرغممنأنذلككلهملتبس,ومرهونبزاويةالنظرالتييطلمنهاالباحث,فإنالمحاولةواجبة

سليمان إبراهيم العسكري مجلة العربي ابريل 2005

تقييم المقال: 1 ... 10

info@3rbi.info 2016