مختارات من:

المفكرة الثقافية

مجموعة من المؤلفات

الكويت
دار الآثار الإسلامية ... عودة إلى المنابع


تبدأ دار الآثار الإسلامية العام الجديد 2003 بسلسلة من النشاطات الثقافية والفنية المدرجة في برنامج موسمها الثقافي الثامن الذي يغطي المرحلة الزمنية الممتدة من أكتوبر 2002 إلى يونيو 2003, ومن أبرز تلك النشاطات احتضان مركز الميدان الثقافي التابع لها, لأربع محاضرات سيلقيها أساتذة متخصصون في مختلف فنون وتاريخ الحضارة العربية الإسلامية في مختلف تجلياتها وتفرعاتها.

وتجدر الإشارة إلى أن دار الآثار الإسلامية مقبلة خلال عام 2003, على تطورات عديدة سوف ترفع من أدائها الثقافي وتسمح لها بتأدية رسالتها الثقافية والتاريخية على أكمل وجه, وتكون واحدة من الواجهات الثقافية لدولة الكويت. ولعل أهم تطور هو استكمال عودتها نهائيا إلى رحاب متحف الكويت الوطني, واحدة من جواهره النادرة.

وبالفعل, فإن الأعمال تجري على قدم وساق لتهيئة القاعات التي سوف تستقبل من جديد تلك الذخائر الأثرية والقطع الفنية النادرة, التي سوف تنتقى من بين نحو 35 الف قطعة أثرية التي تتشكل منها (مجموعة الصباح) العريقة.

ومن جهة أخرى, ستنطلق عملية بناء قاعة محاضرات ومسرح مجهز بمختلف التقنيات السمعية البصرية وذلك في غضون العام الحالي, مما سيسمح بنقل النشاطات والفعاليات الثقافية من موقعها الحالي (مسرح الميدان) إلى داخل المتحف, وبذلك يتم تجميع مختلف مصالح دار الآثار الإسلامية في مكان واحد يليق بعراقة تحفها وبنبل رسالتها, كما ستتم إضافة مبنيين جديدين آخرين سيخصص أولهما للمكتبة التي تضم أنفس كتب دار الآثار الإسلامية, ومختلف منشوراتها وإصداراتها, وسيخصص الثاني للاستقبال ومركز المعلومات, وبوتيك التحف وصالة مقهى وخدمات.

أما فيما يتعلق بنشاطات الدار خلال شهر يناير, فمن المقرر أن يحتضن مركز الميدان الثقافي في السادس من يناير الجاري محاضرة عنوانها ( تأثير العناصر الفنية لآسيا الوسطى في الفن الإسلامي المبكر), وسيلقيها البروفيسور بوريس مارشاك, رئيس قسم آسيا الوسطى والقوقاز في متحف الأرميتاج بسان بطرسبرج (روسيا الاتحادية), والخبير والمنقب في آثار الصغديين منذ نحو 48 سنة. وسيتطرق البروفيسور مارشاك إلى ما كشفته التنقيبات الأخيرة من تأثيرات مارستها فنون بلاد الصغديين (طاجيكستان وتاخاريستان) على فنون بلاد فارس وعلى الفنون الإسلامية الأولى التي تعود إلى فترة صدر الإسلام, وقد وصلت تلك المؤثرات والعناصر الفنية حتى إلى بلاد الشام التي هي قلب الامبراطورية الإسلامية, وازداد ذلك التأثير أكثر فأكثر بداية من الفترة التي عرفت فيها الفنون والعلوم أوج تطورها تحت حكم الخلافة العباسية .

أما المحاضرة الثانية, فعنوانها هو (الحفاظ على مجمع دار الأيتام), سوف يلقيها في 13 يناير 2003 البروفيسور صالح لمعي, الخبير بالفنون الإسلامية وتاريخها, وسيتناول البروفيسور لمعي هذه المسألة انطلاقا من شواهد التاريخ ومغازيها التي اندمجت واندرجت ضمن عناصر المعمار وفي مختلف مشاغل التصنيع الحضرية المختلفة.

المحاضرة الثالثة المقررة ليوم 20 يناير 2003 ستلقيها البروفيسورة غونول أوناي المتخصصة في التاريخ والفن الإسلاميين, وعنوانها (شجرة الحياة) وأشكالها في عمارة سلاجقة الأناضول.

أما آخر المحاضرات لشهر يناير الجاري, فيلقيها الخبير الألماني في الفن العربي الإسلامي الدكتور توماس لايستن وسيكون موضوعها (من إيوان كسرى إلى بركة المتوكل: صناع الفن العباسي) وفيها سيتطرق إلى التطورات التي شهدها العصر العباسي في مجالات الفنون المختلفة .

عيسى طيّب
القاهرة


القاهرة

مؤتمر المرأة العربية والإبداع
طرح الأسئلة.. ولايزال ينتظر


إذا كان مؤتمر المرأة الأول, الذي عقده المجلس الأعلى للثقافة قبل ثلاث سنوات, احتفالا بمرور مائة عام على صدور كتاب المفكر قاسم أمين (تحرير المرأة), قد نجح في فتح الملفات المغلقة, للقضايا النسوية في مجتمعاتنا العربية, فإن المؤتمر الذي استضافه المجلس نفسه أخيرا, واتخذ من (المرأة العربية والإبداع) عنوانا, قد عبر بوابات التعريف ليعمق البحث في مساهمة المرأة العربية - ليس في مجالات الإبداع التقليدية وحدها, بل في كل مجالات الحياة, وهي لحظة تاريخية لافتة للتأكيد على دور المرأة الذي يتخطى الصورة النمطية للمرأة الشرقية كما يصدرها لنا الإعلام الغربي, حبيسة الحرملك, أسيرة التقاليد, رهينة محبسي البطريركية أو المجتمعية, وإنما هي الباحثة في مستقبل عالمها الصغير والكبير, والمساهمة في إعماره وبنائه, والشريكة في مواجهة تحدياته, وهي أدوار بعيدة وقريبة في آن واحد, كما أكدت السيدة سوزان مبارك في افتتاحها له: يجب ألا يقف هذا المؤتمر دارسا لمسيرة المرأة في عصورها الحديثة فقط, وإنما لابد أيضا أن يتخذ الماضي القريب والبعيد مكانه... فلا شك أن الدور الخلاق الذي قامت به المرأة العربية عبر العصور وإسهامها المبدع في تشييد الحضارات التي مرت بها منطقتنا وصولا إلى بناء الحضارة العربية الحديثة لهو دور يشهد له الجميع.

الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة د.جابر عصفور ألمح إلى أنه إذا كانت المراجعة تدفعنا إلى تذكر إيجابيات الماضي, والإشادة بإنجازات الحاضر, فإنها تدفعنا - بالقدر نفسه - إلى المواجهة الأكثر شجاعة لكل السلبيات التي لا تزال تواجه إبداع المرأة.

وفي حين ألقت د.سمحة الخولي كلمة باحثات مصر ومبدعاتها كانت د.يمنى العيد صاحبة كلمة الباحثات العربيات مؤكدة أن الإبداع نتاج إنساني لا يمكن تقييمه إلا بمعيار الإنسانية وحدها, وليس هناك خطوط حمراء أو سوداء فاصلة بين الأيدي المبدعة, ولاسواتر ولا حواجز بين مساحات الإبداع بسبب اختلاف النوع البيولوجي للإنسان.

وضمن الأنشطة المصاحبة للمؤتمر افتتح معرضان أولهما للكتاب, وثانيهما للتشكيل, بمشاركة أكثر من ثمانين فنانة عربية.

وكان برنامج العروض السينمائية موزعا على أيام المؤتمر الخمسة وقدم نحو ثلاثين عرضا تسجيليا وروائيا قصيرا.وتناولت الجلسات العلمية التي استضافتها قاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة دراسات تطبيقية للإبداع النسوي في البلدان العربية.وهكذا في نحو أربعين جلسة علمية اجتمع أكثر من 160 باحثا وباحثة من معظم الأقطار العربية وفرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا وبولندا وإيطاليا والسويد وروسيا والمجر للحديث عن كل أشكال الإبداع في العلوم الإنسانية والاجتماعية والطبيعية.

ولم ينس المؤتمر أن يخصص ثلاث أمسيات للشاعرات العربيات, كما دعا المبدعات لتقديم شهاداتهن التي أحدثت جدلا لايزال ساخنا.

وفضلا عن البحوث, فقد أصدر المجلس الأعلى للثقافة طبعة تجريبية خاصة لموسوعة إبداع المرأة العربية, وزعها على المشاركين لإبداء الملاحظة قبل صدور طبعتها النهائية ورقيا وإلكترونيا, كما أصدر (15) مؤلفا ومترجما تتناول إبداعات المرأة.

مصطفى عبدالله


بيروت

واقع الفرنكوفونية... وحلم العربوفونية


اجتاحت لبنان من أقصاه إلى أقصاه حمى يمكن أن يطلق عليها (حمى الفرنكوفونية), وذلك بمناسبة انعقاد القمة الفرنكوفونية في عاصمته بيروت. فقد غزت الفرنكوفونية كل بيت, وكل مدرسة حتى ليمكن القول إن أحدا من اللبنانيين لم يبق خارج نفوذها سواء كان مؤيدا لها أو متحفّظا عليها. وقد بدت الفرنكوفونية ذات وجه ثقافي وإنساني ولم تجد من يعترض على خططها لتحويل نفسها إلى مؤسسة سياسية أيضا. ذلك أن السياسة الفرنسية سياسة مؤيدة للعرب وقضاياهم منذ زمن بعيد. ثم إن العرب مؤيدون للفرنكوفونية لجملة أسباب أخرى منها أنها تقف بوجه (العولمة المتوحشة) التي يريد فرضها على العالم صقور الإدارة الأمريكية.

وقد حملت القمة الفرنكوفونية التاسعة شعارا ثقافيا جذابا هو (حوار الحضارات) الذي بدا أكثر جاذبية وإنسانية من الشعار الأمريكي. وبدا للفرنكوفونية وجهان أولهما سياسي وثانيهما ثقافي. وقد ساهم الوجه السياسي في صقل وجهها الثقافي بحيث ظهرت الفرنكوفونية الثقافية أكثر تعقلا ومنطقا عما كان عليه في النصف الثاني من القرن الماضي,

ومقابل الغلو في التعامل مع الفرنكوفونية كهوية ثقافية وطابع حياة, وجد بين المثقفين اللبنانيين من رأى أن الفرنكوفونية الثقافية ليست جزءا مكونا للشخصية الثقافية اللبنانية, لأن التعدد اللغوي والثقافي والانفتاح على العالم لان هما السمتان اللتان تحددان شخصية اللبناني.

وذكر مثقفون آخرون أنه لابد من الاعتراف بما ساهمت به اللغة الفرنسية في بلورة شخصيتنا المميزة.

بل إن هناك من المثقفين اللبنانيين من وجد في الفرنكوفونية حنينا يفيدنا في بحثنا عن مكان لنا في العالم. ذلك أن هناك منظومة كاملة مرحبة بنا, فلماذا لا نسعى إليها في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة إلى أن نخرج من جلودنا الطائفية والمذهبية والأيديولوجية الضيقة التي عفى عليها الزمن.

ولكن وُجد وسط هذا الترحيب بالفرنكوفونية مثقفون لبنانيون كثيرون تذكروا ما تجده اللغة العربية من هوان واضطهاد على أيدي أبنائها فطالبوا بـ(عربوفونية) تأخذ بيد أمّ اللغات وسط الإهمال الشديد الذي تلاقيه في مدارسنا وجامعاتنا وحياتنا العامة وصولا إلى فضائياتنا.

جهاد فاضل


أيام بيروت السينمائية... هل كانت حقاً سينمائية?!


احيت (الجمعية التعاونية الثقافية للإنتاج السمعي البصري), أو (جمعية بيروت للتنمية (بيروت دي سي)), الدورة الثانية لمهرجان (أيام بيروت السينمائية), وقد اختيرت أفلام عربية عدة, متفاوتة المستويات الجمالية والفنية والدرامية, ومتنوعة الأشكال والهواجس: روائية ووثائقية, طويلة وقصيرة, تجريبية وطالبية, أفلام فيديو و16مم.

وقد دعي مخرجون ونقّاد, للمشاركة في يوميات مهرجان أراده منظّموه فسحة لقاء, وحيّزا لتبادل خبرات, ومكانا لنقاش نقدي. عرض نحو ثمانين فيلما في صالتين اثنتين في بيروت, إحداهما مخصصة للمسرحيات, والثانية أعيد افتتاحها بمناسبة إقامة هذه الدورة.

بعد عام ونصف العام تقريبا, على دورتها الاولى رغب منظمو (الأيام) في الانفتاح على السينما العربية, في الدورة الثانية, فإذا بهم يسقطون في فخ الانفتاح على الدول العربية. الفرق شاسع: فالانفتاح على السينما العربية يحتّم اختيارا صارما لأفلام ذات مصداقية فنية وجمالية ودرامية . أما الانفتاح على الدول العربية فيؤدي إلى انتقاء أفلام من هذه الدول كلها, من دون تفرقة بين الجيّد والسيئ. الأفلام المشاركة في الدورة الثانية أكّدت المقولة الثانية: إلإصرار على إشراك الدول العربية كافة, من دون إقامة رادع نقدي وموضوعي يغربل الأعمال, ويختار أفضل الموجود. صحيح أن المهرجانات الدولية العريقة تقدم أفلاما يراها نقاد ومشاهدون سيئة, أو عادية, أو أقل من مهمة, غير أن دولا كثيرة لا تشارك في دورة أو أكثر, على الرغم من إنتاجها السينمائي السنوي.

هذه واحدة من الملاحظات العامة, فالسياسة المعتمدة في اختيار الأفلام, أفضت إلى برنامج غنيّ بالأعمال المتوسطة والباهتة, في مقابل أعمال جيدة ومهمة, لكن عددها قليل جدا. يمكن ذكر بعض هذه العناوين (الجيدة): (أرض مجهولة) لغسان سلهب و(مائة بالمائة إسفلت) لكارول منصور و(الوجه أ الوجه ب) لربيع مروّة و(مبروك التحرير) لداليا فتح الله (المخرجون الأربعة من لبنان), أفلام تجريبية للمصريين شريف العظمة وحسن خان, (لي لي) للمصري مروان حامد, (البطلات - نساء من المدينة) لدليلة النادر و(سينما أووارزازات) لعلي الصافي و(علي زاوه) لنبيل عيّوش (المخرجون من المغرب), ثلاثة أفلام طالبية لبنانية: (أنا منيحة أنت كيف?) لمهى حدا و(الكرسي) لسينتيا شقير و(راحت يا حرام) لجاد أبي خليل. (بانتظار السعادة) للموريتاني عبدالرحمن سيساكو. (الشاطر حسن) لمحمود المسعد (هذا اختيار نقدي خاص). فهل كان على (جمعية بيروت للتنمية) أن تعرض أفلاما متفاوتة المستوى الفني والجمالي, اختيرت بشكل عشوائي, لإثبات (انفتاح) (بدا باهتا) على السينما العربية? ألم تعكس الجمعية, باختيارها هذا, التزاما غير مباشر بمفهوم التسوية العربية? ألم يكن من الأفضل على جمعية شبابية تعنى بالسينما, أن تنظّم مهرجانا يختلف عن المهرجانات العربية الأخرى, ويؤسس حضورا مناقضا للسائد? في واحد من بنود البرنامج العام, وصف المؤسسون جمعيتهم بالقول إنها (رؤيتنا لسينما جديدة, وتصوّرنا لعمل إنساني واجتماعي أكثر فاعلية). أضافوا أنها (طريقتنا في القول نعم لعالم أفضل, نعم لعالم حرية التعبير والعدالة والكرامة الإنسانية). لكن, أين هي هذه السينما الجديدة, التي غابت عن الدورة الثانية لمهرجان يفترض به أن يكون ترجمة ما لخطاب الجمعية وبرنامجها العام? أين هي الأفلام الجادة التي تساهم في بلورة مشروع بناء (عالم أفضل) مادامت الغالبية الساحقة من الأفلام المختارة لم تقدم جديدا, ولم تسع إلى التمايز والتمرد على المألوف, بل ظلت أسيرة نمط مستهلك?

لا يمكن إطلاقا فصل المهرجان عن الجمعية. على الجمعية أن تترجم خطابها بمشاريع تنفذها, وبنشاطات تحييها. أحد هذه النشاطات: مهرجان سينمائي. أحد هذه المشاريع: دورات تدريبية على كتابة السيناريو, أو تحقيق أفلام. نجحت الجمعية في تنفيذ بعض المشاريع: في العام 2001, تعاونت مع جمعية (شمس) والمركزين الثقافيين الفرنسي والألماني على إقامة ورشة عمل لكتابة السيناريو, في مجال الفيلم الوثائقي. أفضت التجربة إلى تحقيق أربعة أفلام وثائقية: (نكاية بالحرب) لزينة صفير, (الملعب البلدي) لسمر كنفاني, (فؤاد أبي عبدالله) لإيلي يزبك و(عبدو) لتانيا خوري وعجرم عجرم. التجربة الثانية في مجال كتابة السيناريو: تعاونت مع جمعية (سينمائيون مستقلون للإنتاج والتوزيع (سمات)) في القاهرة. يتوقع في نهايتها تحقيق أربعة أفلام أخرى. أحيت الجمعية اللبنانية (مهرجان السينما الإفريقية), في يناير 2002, أنتجت, أو شاركت في إنتاج مجموعة من الأفلام الوثائقية. لقد قدمت الدورة الثانية مهرجانا لا يختلف, كثيرا, عن أي مهرجان عربي يقام في هذه العاصمة العربية أو في تلك الدولة الأوربية: اعتماد سياسة التوازن بين الدول العربية على حساب النوعية السينمائية. اختيار عشوائي لأفلام طغى عليها البهتان والعادية. غياب أفق واضح للمهرجان (وهو إحدى الواجهات الخارجية للجمعية). شيء من فوضى التنظيم على مستوى مواعيد العروض واللقاءات العامة بين السينمائيين والجمهور.

في مقابل هذا كله, اعتمدت الجمعية أسلوبا مختلفا في تقديم الأفلام: كل يوم من أيام المهرجان خصص لعرض أفلام من دولة عربية واحدة. سمح هذا الأمر بمعاينة ما أنتجته هذه الدولة العربية أو تلك, من خلال مشاهدة أفلام أنجزت في العامين الأخيرين. لاشك في أن واحدا من أهداف أي مهرجان سينمائي يتمثل في قدرته على إتاحة المجال أمام الجمهور لمشاهدة أفلام لا تعرض في الصالات التجارية. غير أن هذا الهدف لا يعني انتقاء عشوائيا للأفلام. فغالبية الأفلام المختارة أساءت إلى السينما قبل أن تسيء إلى دولها ومخرجيها, كما إلى المهرجان ومنظميه, وإلى المدينة التي تستضيفه. إن الرغبة في شمولية عربية, اصطدمت بنوعية بائسة من أفلام لا علاقة لها بالسينما إطلاقا.

نديم جرجورة


عمان

المهرجان الثامن لأغنية الطفل العربي


بمشاركة أكثر من ثلاثمائة وعشرين طفلاً يمثلون ست عشرة دولة عربية احتفت العاصمة الأردنية عمان بفعاليات المهرجان الثامن (لأغنية الطفل العربي) والذي ساهم في تنظيمه وزارة الثقافة الأردنية, ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون بالتعاون مع المجلس العربي للطفولة والتنمية في القاهرة, والمجمع العربي للموسيقى في جامعة الدول العربية وبدعم من اليونيسيف.

وكانت الأردن قد حصدت ثلاث جوائز في المهرجان وذلك عن أغنية (دعوة للحياة) التي حصلت على المرتبة الأولى حسب رأي لجنة التحكيم العربية, والجائزة الأولى بالنسبة للجنة التحكيم المحلية, والمرتبة الأولى بالنسبة لاختيار الأطفال. وحصلت مصر على الجائزة الثانية عن أغنية (بيني وبين صديقي), وأما أغنية طفولتي من فلسطين فكانت قد حصلت على المرتبة الثالثة.

وعلى هامش المهرجان عقدت مجموعة من الندوات التي ناقشت أثر الأغنية في تربية الطفل, وبخاصة في مرحلة الإعداد للمدرسة, حيث قدّم الفنان والأكاديمي الأردني مصطفى شعشاعة ورقة عمل أشار فيها إلى أن أفضل أسلوب لجذب انتباه الطفل هو القراءة بصوت واضح وإيقاعي بحيث تخرج الكلمات بصورة موسيقية حتى يتحسس الطفل الأوزان الشعرية.

ولفتت السيدة رباب القبج ــ الباحثة في مجال أغاني الطفل ــ إلى أهمية تدريب المعلمين المختصين بمرحلة ما قبل المدرسة من خلال ورش عمل متخصصة تبحث في استخدام الأغنية كنشاط ومهارة من مهارات الاتصال التي تتيح للطفل التواصل مع مجتمعه. واعتبر الشاعر عبد الله رضوان أن الأغنية الموجهة للطفل تسهم في حشد ذاكرته وتؤثر على تطور ذكائه اللغوي وتنمية قدراته العقلية.

وحول دور الأغنية في التربية الجمالية للطفل, تحدث الدكتور نورالدين صمود من تونس عن كون الجمال المقصود هنا لا يتعلق بالمعنى الحسي للجمال, بل إن الأمر يتجاوز ذلك إلى ضربٍ من ضروب الجمال التي لا تذوب ولا تسقط بالتقادم.

لقد تميز مهرجان هذا العام بتعدد الفرق الفنية المشاركة.

كما شهد تكريم نقابة الفنانين الأردنيين تقديراً لجهودها في مجال أغنية ومسرح الطفل, وتكريم الفنان وائل أبو السعود الذي يعتبر من أوائل الفنانين الذين التفتوا إلى قصيدة الطفل.

توفيق أبو بكر


الشارقة

الملتقى المسرحي الخليجي... وقراءات
في الواقع والآفاق


نظمت دائرة الثقافة والإعلام الملتقى المسرحي الخليجي في الشارقة والذي جاء حاملا شعار (قراءات في الواقع والآفاق) وشارك في فاعلياته نخبة من المسرحيين والأكاديميين الخليجيين والعرب منهم عبدالعزيز السريع وفؤاد الشطي ومحمد المنصور ود. إبراهيم غلوم ود.حبيب غلوم وعمر غباش وأحمد الجسمي ومحمد مبارك بلال وبول شاوول ونادر القنة وقاسم محمد وعدد من المهتمين بشئون المسرح والمتابعين والمثقفين. وقد صرّح الشيخ عصام بن صقر القاسمي رئيس دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة بالمناسبة قائلا: إن ملتقى المسرح الخليجي يأتي بناء على اقتناع الدائرة بضرورة تقييم الواقع المسرحي في الخليج بعد نصف قرن من بدايته, حيث شهد في أقطارنا الخليجية مراحل مضيئة لكن في الوقت الراهن يواجه تحديات عدة أفرزتها الثورة التقنية وإفرازات العولمة مما يقتضي وضع رؤية جديدة تعمل للحفاظ على المكتسبات التي حققتها الحركة المسرحية الخليجية, إضافة إلى استنهاض الدور التنويري للمسرح, ودارت محاور الملتقى حول:

المسرح الخليجي - توصيفات الواقع ورؤى المستقبل.
المسرح في الخليج من الكتابة إلى الإخراج.
نحو رؤية موضوعية لوظيفة وتوجه المسرح.
المسرح الخليجي بين الهواية والاحتراف.
مسيرة نصف قرن في المسرح الخليجي.
وضعت الأوراق المشاركة المسرح الخليجي ضمن الإطار المناسب في ظل التعبير عن الواقع الخليجي عبر المشاهد الحقيقية للحياة, والنظرة التفاؤلية للمستقبل, والارتقاء إلى آفاق أرحب, واعتبر اللقاء بحد ذاته علامة صحة على الاهتمام الجدي بالمسرح وإيلائه ما يستحقه من تقدير وعناية لأن التقاء المسرحيين والحوار فيما بينهم يثري المسرح ويزوّد المسرحيين بالفكر والعلم والثقافة, هذا فضلا عن أن مشاركة كفاءات مسرحية عربية يعتبر بذاته إضافة نوعية للملتقى باعتبار أن المسرح إنساني بالدرجة الأولى, كما أن الهموم المسرحية واحدة لا تقسمها الجغرافيا.

افتتح الملتقى أعماله بكلمة ألقاها عبدالله العويس مدير دائرة الثقافة والإعلام مرحّبا بالمشاركين, ومثمّنا الدعم الكبير الذي تلقاه الأنشطة الثقافية وفي مقدمتها المسرح من الشيخ د. سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي فتح أبواب الثقافة بجميع مجالاتها, مؤكدا سعي الدائرة لاستحضار الواقع المسرحي لدراسة ما فيه بغية الوصول بالفن المسرحي إلى أعلى مراتبه واستشراف آفاق الإبداع والجمال.

من جانبه حمل د. إبراهيم غلوم في كلمة اللجنة الدائمة للمهرجان المسرحي للفرق الأهلية لدول مجلس التعاون على الواقع المسرحي الراهن في الخليج من سيادة للمنجزات الشكلية, وتجاهل المشكلات الحقيقية التي يواجهها المسرح, فيما أشاد الفنان الإماراتي أحمد الجسمي بالجهود المتطلعة إلى آفاق جديدة للواقع المسرحي ورؤية شاملة ومتكاملة للمسرح الخليجي.

د. محمد حسن عبدالله أوضح أن المسرح العربي ما هو إلا انعكاس للواقع العربي في علاقة السلطة بالشعب.

وعن هذا الملتقى انبثقت العديد من التوصيات المهمة.

أحمد خضر


باريس

كيف احتفت العاصمة الفرنسية بشهر رمضان


اجرى معهد العالم العربي تغييرات في برامجه وندواته الفكرية والفنية. خلال شهور ثلاثة متواصلة: أكتوبر, نوفمبر وديسمبر, حيث أقام معهد العالم العربي برنامجاً خاصاً تحت عنوان (برامج متوسطيات), وهو عبارة عن سلسلة من المواعيد والأمسيات الموسيقية والغنائية, فتاريخ الموسيقى المتوسطية غنيّ بكنوز موسيقاه الأندلسية والاغريقية التي مازالت آثارها باقية حتى يومنا هذا. لذلك وطوال شهر رمضان المبارك قدم معهد العالم العربي أمسيات موسيقية مع ضيوف دعاهم من مصر صدحت أصواتها بأشعار ابن عربي وابن الفارض. أو مثل فرقة (دوبان) المارسيلية الأصل التي تحيي البروفنسية القديمة من غير أن تسقط في الماضوية وتقديس التراث. ومن إيطاليا أنطونيو إنتينو الذي يحمل من مدينة (تارانت) الإيطالية تجربة خاصة بالموسيقى والرقص هي (التارانتيلا) الموسيقى الأخّاذة والقائمة على الإيقاع السريع. ثم (الصدمة الصوفية) مع ظافر يوسف التونسي الذي يعيش في النمسا. وهو الذي يطرب لموسيقى الجاز إلى حد اعتباره رائداً من رواد التحديث الموسيقي, ومن مصر حسين المصري صاحب التجربة الخاصة بالعزف على العود, ومن فرنسا مجموعة (فرقة مختلطة) بإدارة عادل شمس الدين وهو يمزج الرقص والغناء من بلدان المغرب العربي والشرق الأوسط وشبه جزيرة إيبيريا, إلى أجواء نهر التاج مع آميليا موج القادمة من موزمبيق والتي تغني لشعراء برتغاليين وفرنسيين وموزمبيقيين وإسبان.

إلى جانب معهد العالم العربي اقام المركز الثقافي المصري الموجود في باريس في الدائرة الخامسة سهرات خاصة تحت عنوان (ليالي رمضان) وهي مجموعة من الأمسيات الموسيقية والغنائية الخاصة بشهر رمضان المبارك ولا تختلف النشاطات الثقافية والفنية في المركزين الثقافي السوري والجزائري عن نشاطات المركز الثقافي المصري إلا في بعض التفاصيل.

ولعل معهد العالم العربي وإذاعة الشرق في شهر رمضان المبارك كانا القطبين الرئيسيين, إذ إن إذاعة الشرق في برامجها الخاصة بشهر رمضان المبارك كانت الأقوى والأكثر حضوراً في استقطاب الجاليات العربية والإسلامية, خصوصاً من خلال برامجها الدينية في فترتي الإفطار والسحور, والفكرية إذ قدمت يومياً برنامجاً مع المفكر العربي الجزائري أستاذ الفكر الإسلامي في جامعة السوربون محمد أركون, ومع الباحث الموسيقي الفرنسي فريدريك لاغرانج باللغة الفرنسية ومع الموسيقار المصري عمار الشريعي وبرامج الألعاب والتسلية التي تجتذب المستمعين.

ولكن اللافت أن جميع المسلمين والعرب يتحسسون مسئولياتهم في الحياة الاجتماعية والثقافية والإنسانية في فرنسا منذ وقوع أحداث 11 سبتمبر في نيويورك, ويسعون باستمرار إلى تقديم الصورة الحقيقية عن الإسلام والقيم الإنسانية النبيلة التي يحملها هذا الدين السماوي إلى الإنسانية.

فوزي الشلق


مدريد

إسبانيا تحتفي بذكرى لويس ثيرنودا المئوية


تحتفي إسبانيا في هذا العام بالذكرى المئوية لميلاد شاعرها لويس ثيرنودا, أحد شعراء جيل الحركة الشعرية الإسبانية/جيل ال27/المعروفة بمواقفها الوطنية والإنسانية وبتأثرها بالثقافة الأندلسية. وتتركز هذه الاحتفالات المتنوعة في: معارض خاصة به, إلقاء أشعاره, وطباعة رسائله وكتاباته الشخصية, دورات تدريسية متعلقة به, في مدينته الأصلية إشبيلية وفي العاصمة الإسبانية مدريد.

تعيش إسبانيا في هذا العام احتفالها بذكرى ميلاد شاعرها لويس ثيرنودا. ففي برشلونة تم تلاوة بعض أشعاره في احتفال الشعر الدولي الثامن عشر من قبل خوان لويس بانيرو, وفي مدريد, أقيم معرض خاص به أطلق عليه: بين الواقع والرغبة: لويس ثيرنودا, 1902-1963, ونظمه المؤرخ جيمس فاليندر الذي تأثر بثيرنودا في فترة شبابه. أما في مدينة سانتاندير, فقد أقيم كورس في جامعة مينيرث بيلايو الدولية بعنوان: الحقائق والرغبات عند لويس ثيرنودا, أشرف على الكورس الشاعر الإسباني لويس غارثيا مونتيرو الذي أعطاه اهتماما كبيرا كي يغطي كل الأمور المتعلقة بثيرنودا مثل: مظاهر عامة في حياة ثيرنودا, أعمال, الحرب الأهلية الإسبانية, المنفى, انتمائه لأفضل جيل شعري في إسبانيا, جيل الـ27, الذي ترك بصمات بارزة في الثقافة الإسبانية لا يمكن أن تنسى خلال قرون من الزمن.

ولم تكتف مؤسسة (مقر إقامة الطلاب) بإقامة المعرض الخاص بثيرنودا, بل أصدرت كتاباً واسعاً يضم جميع الرسائل المتعلقة به والتي بلغت عدة آلاف رسالة, في مدينته الأصلية (إشبيلية) افتتح الشاعر الإسباني, خولير مارتينز ميساتزا, مدير معهد ثيربانس في مدينة لشبونة, الكورس المخصص للاحتفال بثيرنودا في بلدة الأسكوريال الواقعة على بعد 50 كيلومترا في مدينة مدريد ضمن النشاطات الثقافية التي تقيمها جامعة كمبلوتنسي الحدودية.

أما في إشبيلية, المعروفة بتاريخها العريق وبجوّها الثقافي المميز وبخاصة في مجال الشعر والطرب والموسيقى منذ حوالي ألف عام حيث كانت الحضارة الأندلسية في أوج نشاطها, فلم ينس المعنيون بمجال الثقافة ابن مدينتهم, فقد أقاموا معرضا خاصا في مكتبة الأميرة إيلينا الشعبية للتأكيد على علاقة هذه المدينة بشاعرها المميز على مستوى الأندلس وإسبانيا بشكل عام. وسينتقل المعرض إلى كاسا (بيت) الثقافة في ألكالا دي غواداريا ومن ثم إلى العديد من المراكز الثقافية في إشبيلية والمدن الأندلسية الأخرى.

ويشمل المعرض كل ما يتعلق بثيرنودا منذ طفولته حتى منفاه, مرورا بنشاطه الفعّال في المشروع الثقافي والتعليمي في إسبانيا, وأثره في أبناء جيله, إضافة إلى عرض بعض الصور الخاصة به عندما عاش منفياً خارج إسبانيا في كل من المملكة المتحدة والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية.

وفي مدينة إشبيلية وبالتحديد في موقع سانتا إنيس, يقام معرض خاص بثيرنودا يضم أعمالاً وخصوصيات متعلقة به لم تعرض في أماكن سابقة.

ويذكر أن لويس ثيرنودا ولد في عائلة إشبيلية برجوازية بتاريخ 21 سبتمبر 1902 وحصل على الشهادتين الثانوية والجامعية (حقوق) في المدينة ذاتها. انتقل بعد ذلك إلى مدينة مدريد وبدأ بنشر أشعاره حيث كتب عام 1931 (اللذات الممنوعة), وتميز فيها عن غيره ببعض الأمور, سواء من حيث لباسه أو تصرفاته أو جرأته في طرح الأفكار وهذا ما ساعده على جمع كتابه الشعري (على هواه).

عرف بثوريته وانتمائه لحركة المثقفين الإسبان, حيث ساند الجمهوريين من النواحي الثقافية والفكرية والعسكرية.

وكانت علاقته قوية مع بقية جيل الحركة الشعرية, وصُدم كثيرا باغتيال فيديريكو غارثيا لوركا عام 1936, إذ قال في ذلك: (الآن أصبح الغباء يجرنا إلى الجريمة). وقد غادر إسبانيا إلى لندن عام 1938 بدعوة من صديقه الشاعر ستينلي ريتشاردسون كي يلقي بعض المحاضرات حيث بقي هناك حتى عام 1947 يعمل في مجال تدريس اللغة الإسبانية, وانتقل بعد ذلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية وعمل أيضا مدرسا للأدب الإسباني حتى عام 1952. ومن أعماله في هذه الفترة نذكر: الأشعار الأولى عام 1927, نهر واحد, حب واحد عام 1929, أين يسكن النسيان 1933, توسلات 1935, الغيوم 1940, العيش دون أن تكون عائشاً 1949.

ولقد قال تلميذه فالينتي بمناسبة مرور ثلاثين عاما على رحيل ثيرنودا: (إن صوت ثيرنودا ينادينا,... هذا الصوت الذي يواجه الموت والنسيان, صوت لن يصمت, فهو شاعر الذكرى والنسيان

غازي حاتم

مجموعة من المؤلفات مجلة العربي يناير 2003

تقييم المقال: 1 ... 10

info@3rbi.info 2016