تتميز الولايات المتحدة الأمريكية بالريادة في البدع وغالبا ما تكون هذه البدع عرضية ولا تلبث أن تزول.. ولكنها قد تكون ذات قيمة باقية، فتحقق للمبتكر ما حلم به وما سعى إليه من ثروة مفاجئة ومبكرة.. فيصبح من أصحاب الملايين.
ولعل صالونات الاكتئاب هي إحدى تلك البيع المجدية التي ستعود على مبتكريها بالثروات الطائلة.. وقوام هذه الصالونات نظارة تنبعث منها أضواء في العيون.. وألحان في الآذان.. بحيث يتخلص المكتئبون من اكتئابهم.. وقد أحيطت هذه البدعة بكثير من الشك.. ولكنها أحرزت على ما يبدو أضعاف ما توقع لها مبتكروها من نجاح.
فقد افتتح من هذه الصالونات حوالي (12) في الولايات المتحدة وحدها.. وهي تتقاضى 20 دولارا مقابل جلسة عادية تمتد 45 دقيقة.
الجدير بالذكر أن هذه البدعة ليست بلا أساس طبي علمي.. فقد ثبت للباحثين أن وقوع الأضواء على عيون مغمضة، يسبب لتلك العيون رؤية مناظر غريبة.. وتبين لهم أن التوافق الذي يمكن أن يحدثوه بين المؤثرات البصرية والمؤثرات السمعية يمكن أن يسبب تغييرا جذريا في الحالات التي تغلب على المخ.
لكن الشركة التي تصنع هذه النظارات تؤكد شيئا آخر غير الخلاص من الاكتئاب.. فهي كفيلة بتقوية الذاكرة.. والتغلب على الألم المبرح.
مكتبة "الجيب" الإلكترونية!
من المعروف عن شركة سوني Sony اليابانية أنها تحتل مكانة بارزة في مجال صناعة الأجهزة الإلكترونية، فهي تتميز بالسبق والابتكار فيما تصنع، وتتميز أيضا بالحرص على إتقان ما تصنع.
ويذكر في هذا الصدد جهاز الووكمان Walkman أو المسجلة الصغيرة التي يعلقها الشاب على حزامه أو يضعها في جيب قميصه، وذلك لكي يسمع ما يشاء سماعه من موسيقى في أثناء سيره في الطريق، دون أن يسمع تلك الموسيقى أحد من المارة غيره، نظرا لأنها تنتقل إلى سمعه مباشرة عبر سماعات المسجلة التي يضعها في أذنيه. وما أكثر الذين انتقدوا شركة سوني على جهاز الووكمان وما أكثر الذين تنبأوا له بالكساد، ولشركة سوني بالخسارة. وما أسرع ما أثبتت الأيام أن أولئك الناقدين كانوا على خطأ وأن شركة سوني كانت على صواب. حسبك أن ما باعته من جهاز الووكمان في السنة الأولى من إنتاجه قد بلغ 50 مليون جهاز.
على أن شركة سوني لم تقف عند مسجلة الووكمان التي ذكرناها، ولا عند إمتاع الشباب بالألحان الموسيقية، التي كانت وما زالت المجال الذي تخصصت فيه شركة سوني وأبدعت، فقد خرجت على تلك الحدود جميعا فابتكرت جهازا إلكترونيا فريدا سمته - DD) ( 1، ينقل العلم والثقافة إلى حامله، شابا كان أم شيخا. ولعل الجهاز الجديد يؤدي مهمة المكتبة، بل قل إنه مكتبة كبيرة بمحتوياتها، وإن كانت صغيرة جدا بحجمها، إنها مكتبة "الجيب" الإلكترونية.
فالجهاز يبلغ وزنه 550 غراما بالتحديد. وهو مجهز بشاشة، تلفازية غير ملونة، بعرض 72 ملليمترا، ولا تتسع لأكثر من 10 سطور. أما محتويات المكتبة، أو الكتب والموسوعات، فلا توجد في الجهاز الصغير بالذات، وإنما ضمن أسطوانات (دسكات) صغيرة لا يزيد قطرها على 3 بوصات. ولكن الإبداع في التسجيل مكن من ملء الأسطوانة الواحدة بمحتويات كتاب ضخم بخمسمائة صفحة أو يزيد. وقد لا تقتصر الأسطوانة الواحدة على كتاب واحد، وقد تشمل كتبا أو كتيبات كثيرة، وكأنها رف من رفوف المكتبة يضم عددا من الكتب الصغيرة، يتناول كل منها موضوعا من مواضيع مختلفة.
من هنا كان الفهرس الآلي الذي يحتوي عليه الجهاز المبتكر الجديد ضرورة حيوية لا غنى عنها لمن يريد استعمال الجهاز والإفادة منه، يراجعه المرء ليختار من صفحات الكتب ما هو بحاجة إليه، بعد أن يكون قد وضع الأسطوانة في مكانها المناسب، ثم يضغط على أزرار كأزرار الآلة الكاتبة، مطالبا الجهاز بعرض محتويات تلك الصفحات على شاشته الصغيرة، وفق أسلوب محدد دقيق. وما أسرع ما تظهر المعلومات التي يريدها تباعا حيث تتوالى الصفحات تلو الصفحات حتى يفرغ من مطالعة الكتاب الذي اختار. يستنتج مما ذكرنا أن الأسطوانات (الدسكات)، وهي الكتب وقوام مكتبة الجيب الإلكترونية، قد لا تقل أهمية عن الجهاز نفسه، يسمونها الكتب الإلكترونية، وقد تعاقدت شركة سوني مع 27 دارا من دور النشر اليابانية المعروفة لإنتاج أو نشر الكتب الإلكترونية التي بدونها لا ترجى فائدة من جهاز (1 - DD)، ولا يرجى له أي رواج.