مختارات من:

طرائف عربية

المحرر

نسب غير النسب


قدم معاوية إلى المدينة فصعد المنبر فخطب وقال: من ابن علي رضي الله عنه؟ فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله عز وجل لم يبعث بعثا إلا جعل له عدوا من المجرمين. فأنا ابن علي وأنت ابن صخر، وأمك هند وأمي فاطمة، وجدتك قبلة، وجدتي خديجة، فلعن الله ألأمنا حسبا، وأخملنا ذكراً، وأعظمنا كفرا، وأشدنا نفاقا، فصاح أهل المسجد آمين آمين فقطع معاوية خطبته ودخل منزله.

ثم خرج معاوية بليل يسير في شوارع المدينة مدججا بسلطانه وأبهته. فرق على أهل المدينة أموالا ولم يحضر الحسن بن علي، وحين اعترض الحسن معاوية خارج المدينة قالت له معاوية: مرحبا برجل تركنا حتى نفد ما عندنا وتعرض لنا ليبخلنا. فقال له الحسن: ولم ينفد ما عندك، وخراج الدنيا يجيء اليك. فقال معاوية: إني أمرت لك بمثل ما أمرت به لأهل المدينة، وأنا ابن هند. فقال الحسن: قد رددته عليك وأنا ابن فاطمة. وبينما كانا واقفين أذن المؤذن للصلاة وكان معاوية يتفاخر بنسبه فيما الحسن ساكت فأذن المؤذن فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله. قال الحسن: يا معاوية جد من هذا، فخجل ولم يحر جوابا.

عالي الهمة


دخل يوماً عمارة بن حمزة على المنصور وجلس في مجلسه معززا مكرماً، بين حاشية المنصور وهم من كرام الناس وأعلاهم قدرا. كان يجلس في المجلس رجل ما إن رأى عمارة قد جلس حتى هم واقفا وقالت: مظلوم يا أمير المؤمنين قال: ومن ظلمك؟ قال: عمارة بن حمزة غصبني ضيعتي. فقال المنصور: يا عمارة قم فاقعد مع خصمك. فقال عمارة: ما هو لي بخصم، إن كانت الضيعة له فلست أنازعه فيها، وإن كانت لي فقد وهبتها له، ولا أقوم من مكان شرفني به أمير المؤمنين ورفعني، وأقعد في أدنى منه موضعا.

السبحة تكشف معادن الرجال


تحدث السفاح، وهو من هو مع إحدى النساء يوما عن نزاهة نفس عمارة بن حمزة. وعمارة هو الكريم ابن الكرام، للنفس عنده جلالها ولكبريائه منزلة لا تدانيها منزلة.

قالت المرأة بدهاء المرأة المجربة الخبيرة بأسرار النفوس والعارفة بأقدار الرجال، تزنهم بميزان الذهب، وتنصب لأصحاب الكبرياء منهم فخاخها لتختبرهم:

أدع به وأنا أهب له سبحتي هذه فإن ثمنها خمسون ألف دينار فإن هو قبلها علمناه غير نزيه. دعاه السفاح فدخل على المسجد يسبقه كبرياؤه وجلس فحادثته ساعة ثم رمت إليه بالسبحة وقالت: هي هدية وهي لك برضى النفس تعبيرا عن المودة. فجعلها عمارة بين يديه ثم قام وتركها.

فقالت المرأة: لعله نسيها. فبعثت بها إليه مع خادم فقال له عمارة بنفس كبريائه: هي لك ومضى في طريقه كأنما ما حدث له لا يخصه. فرجع الخادم وقال للجمع: لقد وهبها لي. عند ذلك ارتج عليها فأعطت الخادم الف دينار واستردت السبحة.

من استجار بالكريم


هرب اليزيد بن المهلب من سجن الحجاج بعد أن عذبه وأضناه في ماله وجسده وقصد الشام مستجيرا بسليمان بن عبدالملك بن مروان. كان الخليفة في ذلك الوقت هو الوليد بن عبدالملك. كتب الحجاح إلى الوليد يعلمه أن يزيد هرب وأنه عند سليمان أخي أمير المؤمنين، وأن أمير المؤمنين، له الرأي أول الأمر وآخره. فكتب الوليد لأخيه سليمان بذلك وأمره بأن يسلم اليزيد على جناح السرعة مغلولا ومقيدا بما يليق بخارج على الدولة. فلما ورد ذلك لسليمان أحضر ولده أيوب فقيده، ودعا يزيد بن المهلب فقيده ثم شد قيد هذا إلى قيد هذا بسلسلة وأرسلهما إلى أخيه الوليد وكتب إليه: أما بعد يا أمير المؤمنين فقد وجهت إليك يزيد وابن أخيك أيوب بن سليمان، ولقد هممتُ أن أكون ثالثهما، فإن هممت يا أمير المؤمنين بقتل يزيد فبالله عليك ابدأ بأيوب من قبله، ثم اجعل يزيد ثانيا، واجعلني إذا شئت ثالثا والسلام. فلما دخلا عليه في سلسلة واحدة أطرق الوليد استحياء وقال: لقد أسأنا إلى أبي أيوب. وأحضر حدادا وأزال عنهما الحديد، وأحسن إليهما.

المحرر مجلة العربي اغسطس 1998

تقييم المقال: 1 ... 10

info@3rbi.info 2016