لا يوجد أبأس من إصابة طفل بالعمى ، خاصة إذا كانت هذه الإعاقة الأليمة مما يمكن توقعه.
يقدر بأنه يوجد حوالي مليون ونصف المليون طفل أعمى في العالم، حوالي 85% من هؤلاء يعيشون في آسيا وإفريقيا. ويقدر بأنه حوالي نصف مليون طفل يصبح أو يولد أعمى سنويا، أكثرهم يموتون خلال السنة الأولى من إصابتهم بالعمى. ويعتبر الشخص أعمى إذا كانت درجة البصر عنده في أفضل عين لديه وبعد التصحيح أقل من 3/ 60. مثل هؤلاء الاشخاص لا يمكنهم قراءة الأحرف الكبيرة "ذات الحجم 9 سم" الموجودة على لوحة اختبار درجة البصر بأي من العينين وعلى مسافة ثلانة أمتار. هذا التعريف ينطبق على الأطفال أيضا، إلا أنه عند الأطفال الصغار جدا تستخدم طرائق أخرى لتحري درجة البصر عندهم.
أسباب العمى عند الاطفال
يمكن تصنيف أسباب العمى عند الاطفال إلى نوعين ، التصنيف الأول حسب مكان وقوع الإصابة: ندبة أو كثافةOpacit القرنية الشفافة ، كثافة الجسم البللوري "الساد" catract ضمور العصب البصري، أمراض الشبكية، والتصنيف الثاني يعتمد على الوقت الذي حدث فيه المرض الذي أدى إلى حدوث العمى: أمراض حدثت أول الحمل " أمر اض خلقية " أمراض حدثت أثناء فترة الحمل "الحصبة الألمانية، التأثيرات السمية للأدوية والكحول"، أمراض حدثت أثناء أو بعد الولادة مباشرة " رضوض الولادة ، التهاب الملتحمة الناجم عن الأمراض المنتقلة بالجنس، عقابيل الولادة الخديجة " ، أمراض تحدث في فترة الطفولة "عوز الفيتامين أ، الحصبة، الرضوض، التهاب السحايا".
وترتبط مسببات العمى- التي تختلف كثيرا من بلد لآخر- بالتطور الاجتماعي والاقتصادي لذلك البلد، وبما يعكسه ذلك على مدى وفرالخذمات- الطبية الوقائية والعلاجية ففي البلدان الصناعية يمكن القول بأن أكثر مسببات العمى في أمراض الشبكة وأمراض العصب البصري الطرق البصرية العليا وذلك نتيجة أسباب وراثية، أو بسبب الخداجة الشديدة . ويعتبر الساد catract مسئولاً عن 10% من الأسباب ، كما تشاهد حالات قليلة من تكثف القرنية.
أما في البلدان النامية وخاصة ذات التطور الاجتماعي والاقتصادي المنخفض ، فأكثر حالات العمى تحدث في سن الطفولة، المبكرة ، وتنجم عن تندب القرنية الناجم بدوره عن عوز الفيتامين أو الحصبة أو الإصابات الرضية في العين أو بسبب علاجات تقليدية خاطئة. وقد أظهرت الدراسات التي أجريت على طلاب المدارس في الدول الإفريقية بأن 30-70% من العمي يكون ناجماعن تندب القرنية ، وتقدر هذه النسبة بـ 20- 30 % في دول آسيا .وتشمل الأسباب الأخرى التشوهات الخلقية والساد والزرق glaucoma. أما في البلدان الأخرى حيث التطور الاجتماعي والاقتصادي فيها متوسط كما فى أكثر الدول العربية أو في أمريكا اللاتينية، فتكون مسببات العمى متنوعة بحيث أن 1- 20% من الحالات يكون السبب فيها ندب القرنية، والساد مسئولا عن 5-39% من الحالات، وأمراض اَلْعَصَب البصري مسئولة عن 8- 15% من الحالات، وأخيرا في 10- 50% عن الحالات تكون أمراض الشبكية هي المسئولة عن حدوث العمى.
مسببات ووقاية
من الملاحظ أن الأسباب الرئيسية للعمى عند الأطفال قابلة للتغير بمرور الوقت. ففي الدول الأوربية كان اِلْتِهَاب الملتحمة عند المواليد الجدد والناجم عن المكورات البنية شائعا في مطلع هذا القرن، في حين أنه في الخمسينيات من هذا القرن اعتبرت أمراض الشبكية عند الخدج أنها مسئولة عن 50% من العمى عند اَلْأَطْفَال. أما في وقتنا الحاضر فقد تقلص دور تلك الأمراض في الدول اَلْأُورُبِّيَّة وذلك نتيجة استخدام الصادات antibiotics لمعالجة الأمراض التي تنتقل بالجنس، بالإضافة للتحسن الهائل الذي طرأ في مجال العناية بالخدج. أما في اَلدُّوَل العربية فلا توجد مَعْلُومَات دقيقة في ذلك السياق. إلا أنه من المؤكد أن أمراض الشبكية عند الخدج مازالت تعتبر سببا مهما لحدوث العمى. إذن من الملاحظ أنه بحدوث التغير الاجتماعي والاقتصادي لبلد ما تتغير مسببات آلعمى الرئيسية عند الأطفال. لذلك فهناك حاجة ضرورية لمراقبة مسببات العمى عند الأطفال في كل بلد وذلك من أجل وضع استراتيجيات وقائية وَعِلَاجِيَّة لهذه المسببات.
من خلال المعطيات التي تم الحصول عليها من جراء فحص أطفال المدارس والمصابين بِالْعَمَى في بعض البلدان اَلْعَرَبِيَّة تبين أن 30- 75% من مسببات العمى يمكن إما الوقاية منها أو تقديم علاج ناجع لها في وقت مبكر وقبل الإصابة بالعمى. وقد وجد أنه فِي بعض البلدان العربية الأخرى كان يمكن منع حدوث ربع إلى نصف حالات العمى باستخدام لقاح الحصبة أو منع حدوث أو علاج حالات عوز الفيتامين أ بالإضافة إلى التصدي للممارسات الطبية التقليدية الخاطئة والمتمثلة باستخدام أدوية خطرة في العين. كما أن هناك حالات أخرى من العمى يمكن الوقاية من حدوثها من خلال العناية الطبية الأولية، وهذه الحالات تتضمن التهاب الملتحمة عِنْد، المواليد الجدد والحصبة الألمانية الخلقية
على الرغم من أن العمى عند- الأطفال هو أمر شائع نسبيا فإنه يشكل عبئا فرديا وأسريا ، لذلك كان من الضروري العمل على نشر الوعي خصوصا بين العاملين في مجال الصحة الأولية وذلك من أجل تطبيق الوسائل الوقائية ، فضلا عن ضرورة التعرف المبكر على أمراض العين وبالتالي تقديم العلاج السريع والضروي لها وذلك لتجنب خطر حدوث العمى.
أخيرا فإنه لاينكر دور الخبرات المتخصصة والتقنيات المتطورة جدا في مجال جراحة العين والتي مازالت صعبة المنال لكثير من سكان الوطن العربي ، وذلك من أجل إنقاذ العديد من حالات العمى عند الأطفال.