مختارات من:

دم صناعي.. من البرسيم!

طارق قابيل

لم تعد آفاق الحصول على دم صناعي مجرد خيال, فبعد إجراء تجارب ناجحة على الحيوانات, وعلى البشر سيتم فتح باب جديد في هذا الميدان, ويتوقع الخبراء إمكان طرح ما يُعرف بالدم الصناعي في الأسواق خلال عامين. والمدهش أن بدائل الدم هذه يمكن أن يساهم في توافرها نبات البرسيم!

تشير الإحصائيات الطبية العالمية إلى أن عدد الأشخاص الذين يتبرعون بالدم يتناقص تدريجيًا, وفي الوقت نفسه تتزايد الحاجة إلى الدم, وبشكل عام فإن احتياجات العالم من الدم البشري تتزايد بمقدار 7.5 مليون لتر سنويًا, وبحلول العام 2030 سيصل النقص السنوي في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها إلى أكثر من أربعة ملايين لتر دم.

وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن 120 دولة تقريبًا ليس لديها نظام آمن يعتمد عليه للإمداد بالدم, ولا تمتلك الدول النامية التي يعيش بها نحو 80 في المائة من تعداد سكان العالم أجهزة إمداد للدم في المناطق الريفية, وفي بعض الحالات يكون الدم ملوثًا بالفيروسات أو ناقلاً لأمراض أخرى. كما أن العديد من العمليات الجراحية يجري تأجيلها يوميًا بسبب نقص تبرعات الدم, حيث أدت القيود الجديدة على المتبرعين ومن بينها فحص الأشخاص خشية إصابتهم بأمراض معدية, مثل جنون البقر والإيدز والتهابات الكبد الوبائية وغيرها, وكذلك المعتقدات الدينية إلى البحث عن وسائل للحد من عمليات نقل الدم.

ثلاثة أجيال بديلة

المعروف علميًا أن الدم البشري يحتوي على مكونات متوازنة للغاية وشديدة التعقيد, ويحتوي كل ملليمتر مكعب من دم الإنسان من 4.5 إلى 5.5 مليون خلية (كرية) دم حمراء وهي تحمل مادة (الهيموجلوبين) التي تحمل الأوكسجين لتوزعه على الخلايا, وبين 7 آلاف إلى 12 آلاف خلية دم بيضاء وهي التي تدافع عن الجسم وتهاجم الميكروبات, وحوالي 300 ألف من الصفائح الدموية على شكل أقراص صغيرة ولها دور مهم في تجلط الدم وإيقاف النزيف, والبلازما وهي سائل أصفر رائق شفاف يحتوي على البروتينات والأملاح والفيتامينات والعناصر الأخرى. وتلبي مكونات الدم احتياجات خلايا الجسم من الأوكسجين والغذاء وتتصدى للجراثيم الغازية للجسم, وتضمن تجلط الدم عند حدوث أي جرح بالجسم.

ويعتمد الدم كلية على (الهيموجلوبين) لنقل الأوكسجين إلى خلايا الجسم وإعادة غاز ثاني أكسيد الكربون من أجل طرحه عبر الرئتين. وتعتبر عملية نقل الدم نوعًا من أنواع نقل وزراعة الأنسجة والخلايا من إنسان إلى آخر, ويجب أن تتوافر في عمليات نقل الدم شروط التلاؤم أو التصالب, إذ يجب أن تكون الزمر الدموية إما متطابقة أو تقبل التعايش بعضها مع البعض الآخر.

والدم من أكثر العناصر المطلوبة في المراكز الطبية لمعالجة النزف وفي العمليات الجراحية ولغايات متعددة أخرى, وتعتمد فكرة الدم الصناعي على إيجاد تركيب جزيئي صناعي يستطيع الارتباط بالأوكسجين ونقله إلى الخلايا المنتشرة بأعضاء الجسم المختلفة, ووضع العلماء نصب أعينهم هدف الوصول إلى نموذج مثالي للدم الصناعي المرغوب, يتميز بخصائص محددة وصفات مميزة فريدة يمكن أن تجعل الدم الصناعي أفضل من الدم المتبرع به, فالدم الصناعي المثالي يجب أن يتميز بالمواصفات القياسية التالية:

1 - ألا يرفضه الجسم ولا يهاجمه جهاز المناعة.

2 - لا ينقل الأمراض الفيروسية ولا يسبب انتكاسات صحية.

3 - غير سام وقادر على الإحلال مكان جميع فصائل الدم المختلفة.

4 - يمكن حفظه في جميع الظروف ويتميز بطول مدة الصلاحية.

ونجح العلماء حتى الآن في تطوير ثلاثة أجيال متتابعة من الدم الصناعي في المختبرات, وطورت عدة شركات واختبرت منتجات ومشتقات الدم الصناعية على البشر إلا أنها لم تحقق نجاحًا كبيرًا, فجميع بدائل الدم تعتمد على القيام بوظيفة واحدة هي: نقل الأوكسجين من الرئتين إلى جميع خلايا الجسم, وهي الوظيفة التي تقوم بدور خلايا الدم الحمراء في نقل الأوكسجين إلى أنسجة الجسم وأعضائه, وعجزت هذه البدائل عن القيام بالعديد من الوظائف الأخرى التي يقوم بها الدم الطبيعي كالقدرة على التجلط ومحاربة العدوى.

غير أن وجود الدم الصناعي القادر على أداء هذه الوظيفة وحسب لا يقدر بثمن في حالات الطوارئ ومنع الصدمات المهددة للحياة, والتي تنتج عن الانخفاض المفاجئ والمتسارع في تدفق الدم, وكذلك في ميادين القتال ولدى أولئك الذين يرفضون نقل الدم إليهم لأسباب دينية, والمرضى المصابين بمرض أنيميا الخلايا المنجلية, وغيرها من الأمراض التي تستلزم إمداد الجسم ببدائل ومشتقات الدم بشكل دوري.

تبرع ذاتي وتدوير أيضًا

وتعتبر عملية نقل الدم الذاتية المعروفة بعملية (التبرع الذاتي) من البدائل المطروحة حاليًا كحل للمشكلة, وهي تعتمد على معالجة المريض بهرمون يحرض على إنتاج العناصر الدموية وخلايا الدم الحمراء قبل الجراحة, ثم جمع تلك العناصر قبل العملية بأسابيع ويعاد استخدامها من جديد لدى المريض نفسه. ويجري الباحثون في شركة (جي بي مورجان) بحوثًا تجريبية لتطوير ما يسمى بموسعات البلازما لتقليل آثار الضرر الناجم عن فقد دم المريض أثناء العملية الجراحية. ونجحت البحوث على حيوانات التجارب, واستطاعت الكلاب والقردة العليا أن تعيش لعدة ساعات في درجة حرارة منخفضة بصحبة موسعات البلازما فقط التي يجري تدويرها عبر أجسامها, وتستطيع هذه الحيوانات السير وشرب المياه دون دم على الإطلاق.

وتتكون موسعات البلازما من محاليل إلكتروليتية أيونية وجلوكوز ومكونات أخرى للدم لكن لا تملك القدرة على نقل الأوكسجين. ويقوم الأطباء باستخراج الدم ووضعه في محلول مركب وخفض درجة حرارة الحيوان المريض إلى حد التجمد تقريبًا, ويمكن خفض درجة حرارة (المريض) إلى 15 درجة مئوية, لكن درجة الحرارة الأقل تؤدي لتجلط الدم, وبعد الانتهاء من العملية الجراحية, يعاد دم المريض إليه بعد تدفئته.

وإجراء عمليات جراحية في درجة حرارة منخفضة أسلوب شائع الاستخدام في جراحات المخ أو القلب حيث توجد ضرورة لوقف تدفق الدم, ونظرًا لأن موسعات البلازما لا تحمل الأوكسجين ولا عوامل التجلط للدم فإنها لا تتسبب في تجلطه ويمكن أن تستخدم في درجات حرارة منخفضة لعدة ساعات.

وفي الوقت الراهن, يستخدم الكولونيل د.جيمس رايت, رئيس الأبحاث الطبية في مدرسة القوات الجوية لطب الفضاء في سان أنتونيو بولاية تكساس الأمريكية موسعات البلازما بمصاحبة الأوكسجين تحت مستوى مرتفع من الضغط لعلاج الجروح.

ناقل الأوكسجين

تعتمد البدائل الأخرى التي توصل إليها العلماء حتى الآن على استخلاص هيموجلوبين الدم البشري ومعالجته بمحاليل كيميائية ليحمل الأوكسجين إلى خلايا الجسم, بينما يفضل فريق آخر من العلماء الاستعانة بالهيموجلوبين المستخلص من الحيوانات كالأبقار والخنازير لتوافره ورخصه وسهولته وإن كان من المحتمل أن ينقل أمراض الحيوان إلى الإنسان.

وفي نوفمبر 2000م كشفت شركة (سانجوي) الألمانية عن توصلها إلى إنتاج (حامل للأوكسجين) قادرعلى نقل الأوكسجين مباشرة إلى داخل الجلد. وتم إنتاجه على شكل مرهم يوضع على الجلد ويستطيع نقل الأوكسجين مباشرة عبر الجلد إلى الأنسجة المحتاجة إليه مثل مناطق الجلد المتماثلة للاندمال ومناطق سرطان الجلد وما إلى ذلك.

وأنتجت شركة (الاينس فارماسيوتيكال) الأمريكية ناقلا للأوكسجين المركب يسمى (أوكسيجنت) يحتوي على حبيبات تصل في حجمها إلى أقل من حجم كرات الدم الحمراء. وينتج هذا الدم البديل على هيئة مستحلب لبني الشكل, ويعطى عن طريق الحقن في الدم. كما يتميز بأنه يمكن أن يعطى لجميع الفصائل دون أن يسبب مخاطر صحية, كذلك يمكن تخزينه لمدة سنتين, وتم اختباره بنجاح في جراحات القلب.

ومن ناحية أخرى, توصل البروفسور فولفجانج بارنيكول في مارس من عام 2001م, وبعد أكثر من 31 عامًا من البحث والتجارب إلى إنتاج دم صناعي لا يرفضه جسم الإنسان وقادر على الوصول إلى المناطق التي يعجز دم الإنسان عن بلوغها كما هي الحال في مناطق تضييق الشرايين الصغيرة أو الإصابات التي تعقب السدادات الدموية الشريانية, ويتركب هذا الدم الصناعي من ثلاثة عناصر أساسية هي:

1 - كريات دم الخنزير, وقد لجأ العالم إليها بسبب صغر حجمها.

2 - استخدام جزيئات ضخمة من مادة (الهيموجلوبين) المسئولة عن نقل الأوكسجين.

3 - استخدام مادة (جلوترالدهيد) كمادة رابطة لكريات الدم وجزيئات (الهيموجلوبين) الصناعية.

وتمت تجربة هذا الدم على فئران المختبرات, وأثبت كفاءة كبيرة في تحسين دورتها الدموية. ويتمتع هذا النوع من الدم الصناعي بميزتين هما: أولاً: قابلية الخزن الطويلة التي تتفوق على معدل الخزن السائد للدم الاعتيادي والبالغ 35 يومًا كحد أقصى, وثانيًا: صلاحية الاستخدام لكل فصائل الدم البشري.

ومن المتوقع أن تقوم شركة (سانجوي) الألمانية بطرح الدم الجديد في الأسواق هذا العام, وتنتظر الشركة أن يحقق هذا المنتج أرباحًا تصل إلى 12 مليار مارك سنويًا. ويتم إنتاج الدم الصناعي حاليًا لاستخدامه كدم (تكميلي) للمحتاجين, ويمكن استغلال الدم التكميلي حاليًا لمساعدة ضحايا الحوادث, ومساعدة من يعانون مشاكل الدورة الدموية, وتزويد أعضاء الجسم المزروعة حديثًا بما يكفي من الأوكسجين اللازم لدمجها بجسم الإنسان.

وتعتزم الشركة القيام بمرحلة ثانية من العمل, تهدف لتطوير دم تعويضي كامل للإنسان يحوي كريات الدم البيضاء والبلازما أيضًا. ومن المتوقع أن يفتح الدم الجديد آفاقًا مشرقة أمام علاج السرطان بالطرق الكيميائية والإشعاعية. إذ إنه من المعروف - منذ أكثر من 25 عامًا - أن تزويد الخلايا السرطانية بالمزيد من الأوكسجين يزيد من ضعفها أمام العلاج بالمواد الكيماوية والإشعاعية, ويضعف مقاومتها له, وستعمل كريات الدم الصغيرة المشبعة بالأوكسجين والقادرة على بلوغ الأنسجة المصابة على زيادة فرص العلاج الكيماوي لدى الأشخاص المعانين من الأمراض السرطانية.

ومن المفارقات اللافتة للنظر في عالم الدم البشري ما حدث مع المنتج الجديد الذي يسمى (هيموبيور), وهو مستخرج من الهيموجلوبين البقري, وأوضحت التجارب العلمية على هذا المنتج أنه آمن نسبيًا, ويمكن حفظه في درجة حرارة عادية لمدة سنتين. وقامت بإنتاج هذا الدم البديل شركة (بيوبيور) للتكنولوجيا الحيوية, التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها. وقد أجاز مجلس رقابة الأدوية في جنوب إفريقيا استخدام (هيموبيور) لمعالجة المرضى المصابين بمرض فقر الدم الشديد, وتقدمت الشركة في نهاية عام 2001م بطلب للحصول على موافقة الجهة الرقابية الأمريكية على استخدام المنتج في بعض الجراحات, ولكن لم تحصل الشركة في الولايات المتحدة وأوربا إلا على الموافقة على إنتاج أنواع أخرى من الدم البديل للكلاب فقط!

الأمل في البرسيم!

من ناحية أخرى, اعتمدت مراكز طبية متطورة في بعض الدول المتقدمة تقنيات الهندسة الوراثية في الأبحاث الجارية حاليًا لإنتاج الدم الصناعي, ويتم ذلك من خلال تعديل جينات أو مورثات بعض الحيوانات, خاصة الخنازير وإجبارها على إنتاج دم بشري يوافق دم المرضى المحتاجين. وفي معهد (روزلين) الإسكتلندي الذي ابتكر طريقة الاستنساخ, بدأ العلماء بإنتاج العناصر الدموية من خلال تعديل مورثات بعض الأبقار والنعاج واستنساخها من أجل إنتاج (الهيموجلوبين) والبروتينات الدموية, لكن حتى الآن لا توجد كميات كافية من هذه المواد من أجل استخدامها بشكل سريري.

ونظرًا لأن هذه الطريقة محفوفة بمخاطر انتقال الفيروسات الحيوانية إلى الإنسان, فقد اتجه العلماء إلى استغلال التقدم الكبير في تقنيات الهندسة النسيجية وعلوم الاستنساخ للقيام بتحويل الخلايا الجذعية المُكثّرة في الأوساط الصناعية الخارجية إلى خلايا دموية. وقد استطاع علماء يابانيون في جامعة (طوكيو) تحويل خلايا نخاع العظام والخلايا العصبية إلى خلايا دموية. ووصلت البحوث العلمية في مجال تطوير بدائل الدم البشري في الصين إلى المستوى العالمي, حيث نجحت شركة (كايتشنج) لتنمية الهندسة الحيوية في تحويل الدم الحيواني إلى بدائل الدم البشري بصورة آمنة وفعّالة, وحصلت على براءة اختراع لثلاثة أنواع من التقنيات الرئيسية, وبلغ مستوى بحوثها المستوى المتقدم الدولي في المجال نفسه, وتبذل الشركة الآن كل جهودها لتحويل نتائج هذه البحوث إلى مجالات سلعية وصناعية, يمكن تداولها في جميع دول العالم.

وأخيرًا, نجح فريق من الباحثين الأمريكيين من جامعة (ويسكونسن) للمرة الأولى في التوصل إلى إنتاج خلايا للدم في المختبر انطلاقًا من الخلايا الجذعية للأجنة البشرية, كما نجح العلماء في حمل الخلايا الجذعية على إنتاج مستعمرات من الكريات الحمراء والكريات البيضاء, والصفائح المتشابهة التي تتشكل طبيعيًا من النخاع العظمي, وهو ما يفتح الباب أمام إقامة عدد كبير من بنوك الدم اعتمادًا على هذه التقنية الجديدة.

وتلعب تقنية التحوير الوراثي دورًا مهمًا في إنتاج بدائل الدم, ولقد تكللت جهود الباحثين الفرنسيين في معامل شركة مريستم للأدوية بالنجاح في إيلاج جين الهيموجلوبين البشري, وهو بروتين شديد التعقيد يتم إنتاجه لأول مرة على مستوى العالم, داخل نبات البرسيم, حيث يعد البرسيم مصنعًا حقيقيًا لإنتاج أكبر كمية من البروتينات, وبنسبة أكبر من فول الصويا, إذ يتم إنتاج 2500 كيلوجرام برسيم للهكتار مقابل 800 إلى 1000 كيلوجرام صويا للهكتار. ويتميز البرسيم بتخزينه للبروتينات داخل أوراقه, وليس داخل بذوره كما في الصويا والبازلاء, ويتم استخرج البروتين من الأجزاء الخضراء من النبات, بحيث يتم الحصول على البروتينات داخل عصائر البرسيم دون أي إتلاف لجودته.

وأوضحت التجارب الأولى أن الجين المعدل وراثيًا قد ينتج ما بين 2.0% إلى 2% من وزن البروتين في البرسيم. وقد تخصصت شركة فيريدي في استخراج وتنقية عصير البرسيم, وحصلت على العديد من براءات الاختراع في إنتاج البروتينات والأصباغ من هذا النبات. ويشكل هذا الاتجاه منعطفًا جديدًا في إنتاج بدائل الدم لأن النباتات تتمتع بعدم احتوائها على عناصر حاملة لأمراض ضارة بالإنسان, وبالتالي فهي تمثل أمانًا وضمانًا مهمًا لصحة الإنسان, ولا تؤدي إلى نقل الفيروسات, بالإضافة إلى معدل إنتاج مرتفع جدًا.

على وشك التحقّق

بالرغم من أن جهود العلماء لم تكلل بالنجاح حتى الآن, فإن المحاولات مازالت مستمرة, حيث ثبت أن لكل بديل جوانب مفيدة وضرورية في الحالات الحرجة والعاجلة, والتي لا يتوافر فيها الدم البشري المطلوب. وبحسب صحيفة (لوس أنجلوس تايمز) الأمريكية, فإن حلم ابتكار دم صناعي صالح للاستعمال البشري, ومتوافر بكميات كبيرة, قد أصبح وشيك التحقق. وقالت الصحيفة إنه في الولايات المتحدة وحدها يتم تطوير حوالي ستة منتجات بديلة للدم, وبعضها في مراحل متقدمة تسبق المرحلة السريرية. وقام باحثون من الولايات المتحدة بتطوير دم صناعي بشكل سري, وتمت تجربته للمرة الأولى بشكل علني على ثمانية مرضى في مستشفى (كارولينسكا) بستوكهولم. وأعلن الأطباء عن نجاحهم للمرة الأولى في استخدام هذا الدم الصناعي لمعالجة المرضى في 23/12/2003م.

ويتكون الدم الصناعي من مسحوق من خلايا كرات الدم الحمراء للإنسان يمكن تخزينه لسنوات, تم صنعه من تبرعات الدم الحقيقي, والذي عادة ما يمكن حفظه لفترة لا تزيد على 42 يومًا. ويمكن تحويل المسحوق إلى شكل سائل عند الحاجة ليستخدم على الفور بصرف النظر عن فصيلة دم المريض. كما يمكن استغلال خلايا كرات الدم الحمراء من الثدييات الأخرى مثل الأبقار بشكل آمن, ودون مشاكل صحية.

ويعتقد د.بيير لافولي, كبير الأطباء بمستشفى (كارولينسكا), أن الموافقة على استخدام هذا الدم الجديد قد تؤدي إلى تغيرات مثيرة في مجال الرعاية الصحية.وأضاف: (إذا كان هذا الدم يعمل في كل الحالات, فستكون البشرية حينئذ قد قطعت خطوة كبيرة إلى الأمام تشبه الوصول إلى سطح القمر). وقد أظهر الدم الصناعي قدرة على نقل الأوكسجين في الجسم أفضل من الدم الحقيقي, الأمر الذي يقلص الخسائر التي يمكن أن تحدث في الجسم خلال النوبات القلبية مثلا.

وخلافًا لدم المتبرعين, فإن الجيل الجديد من الدم الصناعي يتميز بصلاحية أطول, وسيكون غير ملوث بالعناصر المعدية, ويمكن تخزينه في درجة حرارة الغرفة, وليس هناك حاجة لأن يكون من فصيلة دم المتلقي نفسها, ويمكن تخزينه على هيئة مسحوق يستحق بجدارة أن يكنى بـ(مسحوق الحياة).

طارق قابيل مجلة العربي مايو 2005

تقييم المقال: 1 ... 10

info@3rbi.info 2016